كُنا فخورين جداً، ومتفائلين بما ستفرزه عقلية المشير «عبده هادي ربه منصور» كما تنطقه الحجة فاطمة التي استوطننت مستشفى الجذام بمدينة تعز من عهد الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي. ذلك التفاؤل المُفرط انبنى من ملاحظتين أساستين: أن هادي من بيئة ساحلية تتسم بالبساطة، وأنه يتمتع بذكاء فطري تُفصح عنه صلعته. لستُ أدري ما هو الشعور المسيطر على «حمود علي صالح » الرجل الذي شارف الستين من عمره، خصوصاً بعد أن غادر أدغال الريف في مخلاف تعز والتحق بساحة الحرية، وما زال هناك حتى اليوم، لقد أصيب بشظية نارية في رأسه الأصلع، رُغم تباهيه الغزير بصلعته التي لم تأت من غباء كما يقول. كان قد وصل إلى قناعة تامة وهي أن «الصُّلْع يتمتعون بذكاء خارق» مع أن الرجل يستعين بصديق ليخرج له اسم من يريد الاتصال به. كانت "صَلعة" هادي سبباً رئيسياً ليذهب "حمود" إلى صناديق الاقتراع، وبعد مرور مدة ليست بالقصيرة كفر بمقولة "الصلع"، وهو الذي أصر على أبناء القرية بمناداته بالدكتور استناداً على رأسه الأملس، على الرغم من أنه لايقرأ ولايكتب. مؤخراً وصل إلى حقيقة ما قاله الشاعر الانكليزي الشهير وليم شكسبير: «أقتلني ولاتناديني بالأصلع»!! تطور دراماتيكي لهادي، وتطور سريع للجماهير اليمنية التي فهمت مايدور في رأسه، خصوصاً خطوات السير التي يقتفيها الرجل على إثر سلفه، وإصراره العجيب على صناعة التحالفات واللعب بها، واستخدامها كأوراق ضغط لابتزاز الوطنيين. *** كان صالح يستعين بكوكبة من الإعلاميين الذين سخرهم لكل من يقترب منه، وكانت أغلب التهم لمعارضيه مسبوقةً قبل أن ينطق بها «المساس بالثوابت الوطنية.. السعي إلى تمزيق الوطن.. الإضرار بالوحدة». استمر بهذه العقلية 33 عاماً، يستبد ويبتسم، يصادر خصومه إلى الأماكن المجهولة، ينزلهم الدرك الأسفل في زنازين القصر ومن ثم يوقع اتفاقية لحقوق الإنسان، يضرب الصحفيين ويستعين بالحبيشي وبورجي واليماني والصوفي واليوسفي والرعوي وأسماء لاحصر لها للحديث عن أعداء الوطنية المضروبين. خرج بثروة كبيرة إلى أراذل التاريخ، وعلى طريقة "الفرغ عيال الفرغ" بدأ يعمل كل مابوسعه ليلقي الخطب، تماماً على طريقة الروائي العالمي «ماريو بارغاس يوسا» في روايته حفلة التيس (بالرغم أني لم أقرأ منها غير الفصل الأول)، ولعل أهم أسباب استحضار عنوان رواية يوسا -"حفلة التيس"- حديث الجنود القدامى لقصة إطلاق الحمدي لقب تيس الضباط على صالح!. لا أملك قدرة على تخيل هذا المشهد، من ممارسة كافة البروتوكلات والروتينات وبثها على القنوات الرسمية، إلى استقبال ضيف من الحدأ ذمار، ربما لا تعلمون أن قناة فضائية تتبع صالح بثت خبراً قبل أيام "تؤكد استقبال الزعيم لشخصية اجتماعية من الحدأ"، ولم أتمكن من متابعة ماوراء الخبر، هل استضافت القناة المفكر العربي الشهير الدكتور عادل الشجاع لمناقشة مغزى الضيافة أم لا!؟ *** الرسالة المستخلصة والمؤملة من هادي ألا يجند أحداً للهجوم على خلق الله بمجرد نشر خبر يذكر فيه اسمه، حتى لو كان «هادي مرشد» صاحب البلاد، وتعليق ذلك على شماعة الوحدة التي تحولت كما لو أنها بروتوكول في القصر الرئاسي يمارسه المبتزون دائماً. [email protected] نقلاً عن صحيفة مأرب برس