الازمة المصرية مستمرة للأسفرفض جبهة الانقاذ المصرية المعارضة للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد لم يكن مفاجئا، فالجبهة قاطعت الحوار الذي دعا اليه رئيس الجمهورية يوم امس الاول السبت في قصر الاتحادية، وتمسكت بخيار التظاهر. الرئيس مرسي قدم تنازلات للمعارضة عندما الغى الاعلان الدستوري الذي تسبب بهذه الازمة، واستبدله باعلان جديد يخلو من معظم المواد التي اثارت حفيظة المعارضة خاصة تلك المتعلقة بتحصين القرارات والمراسيم غير السيادية، ولكن يبدو ان هذه التنازلات لم تقنع المعارضة ولم ترو ظمأها. من الواضح ان الازمة ستستمر، فجبهة الانقاذ دعت الى مظاهرة ضد الاعلان الدستوري الجديد والاستفتاء، والتيار الاسلامي دعا الى مظاهرة مضادة تأييدا للرئيس مرسي واعلانه الدستوري والاستفتاء. دعوة الرئيس مرسي للحوار نجحت في احراج جبهة الانقاذ، واحداث انقسام في صفوف المعارضة، فقد لبت هذه الدعوة عدة شخصيات سياسية وحزبية مرموقة مثل شيخ الازهر، والدكتور ايمن نور والدكتور محمد سليم العوا وخمسين آخرين، بينما فضل الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح اتخاذ موقف وسط بين السلطة والمعارضة. ولعل البيان الصادر عن المؤسسة العسكرية الذي شدد على الدعوة للحوار، واكد انحياز هذه المؤسسة للشعب، وحذر من انزلاق البلاد الى مستقبل مجهول هو اول مؤشر قوي على القلق من هذه الحالة الخطرة التي انزلقت اليها البلاد. السؤال هو عن كيفية الخروج من هذه الازمة، فمن الواضح ان جبهة الانقاذ تتمسك بمواقفها كاملة، وترفض التراجع مطلقا، وتؤكد على عدم قبولها بمشروع الدستور الجديد باعتباره ليس مشروعا توافقيا و'يتضمن عصفا بالحقوق' ولكن يمكن ان يلمس المراقب المتأمل لبيان الجبهة بعض المرونة من خلال مطالبتها بتأجيل الاستفتاء دون تحديد سقف زمني، ويتضح ذلك من قولها 'ان تنظيم الاستفتاء الآن وسط حالة الغليان، وتهديدات 'ميليشيات' الاخوان يعكس غياب روح المسؤولية لدى نظام يغامر'. حجة المؤيدين للاستفتاء على مشروع الدستور والمضي قدما به في موعده المقرر يوم السبت المقبل، ان الشعب الذي هو مصدر كل السلطات، وصاحب الكلمة الاخيرة هو الذي سيقرر مصير هذا المشروع رفضا او قبولا، وهي حجة مقنعة اذا ما جاء هذا الاستفتاء نزيها في ظل اشراف قضائي كامل. امر مؤلم ان تستمر هذه الازمة، وتستمر معها عمليات الاحتكام الى سلاح المظاهرات والمظاهرات المضادة، الامر الذي يعني استمرار حالة الشلل الحالية التي تسود البلاد، وتلحق خسائر ضخمة باقتصادها. خبراء الاقتصاد قدروا ان خسائر الخزينة المصرية اليومية تزيد عن 800 مليون جنيه، وهذا رقم كبير في بلد نصفه تحت خط الفقر وترتفع نسبة البطالة في اوساط شبابه الى اكثر من ثلاثين في المئة. المتحدث باسم القوات المسلحة طالب في البيان الذي قرأه يوم امس الاول بالحوار باعتباره المخرج الوحيد من الازمة، وحذر من استمرار الفوضى، وهذا قد ينطوي على تهديد مبطن للنخبة السياسية التي لا تضع مصالح مصر وشعبها فوق كل اعتبار.