د. سلطان عبد العزيز العنقري تعريف مصطلح الإرهاب ضاع - في الوقت الحاضر- بين الإرهاب كسبب وبين الإرهاب كعرض من الأعراض. الإرهاب تعريفه وتحديده بسيط جدًا لا يحتاج إلى نظريات أو بحوث علمية أو غيرها التي تساعدنا على كشف غموض مصطلح الإرهاب وتحديده. أما لماذا تعريفه بسيط؟ لأنه ببساطة بيئي المنشأ، أي أنه يُصنع و"يُكرْتن" في أي بيئة من بيئات العالم. بعبارة أخرى أن مجتمعات "النسر النبيل"، والحرية المطلقة، أو المُسمَّى القديم، أعاذنا الله وإياكم من ذلك المسمى "عدالة بلا حدود"، هي التي أوجدت بذرة الإرهاب في معاملها، وعندما نمت وترعرعت على يدي تلك الدول؛ قامت برعايتها والمحافظة على تلك البذرة، ثم بعد ذلك نشرها في أصقاع الأرض لكي تستخدمها متى شاءت، وعندما تنتهي مهمتها ترفسها برجلها لأنها حققت مآربها وأهدافها وأطماعها. ثم بعد ذلك ينقلب السحر على الساحر، كما يُقال. المشكلة في هذه الألفية أنه كيف يتم تحديد مصطلح الإرهاب التحديد الذي يرضي جميع دول العالم؟! لأنه محدد سلفًا من قبل أقوى دولة في العالم "أمريكا" وهو "أن تكون معي أو ضدي". هذا هو تعريف الإرهاب من وجهة نظر الولاياتالمتحدة، والذي يتكرر يوميًا بل كل ساعة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وهذا يُذكّرنا بأن شعوب العالم أصبحت مثل الطلبة عند مسؤولي الكتاتيب قديمًا الذين كانوا يحملون عصا في يد واليد الأخرى مضغوطة على الأذن، لكي يتعلّم الطلبة ويتلقَّون الدرس ويحفظونه عن ظهر قلب؟! فعندما تكون معي فإنك بأمن وأمان من الإرهاب وويلاته ومصائبه، وعندما تكون ضدي، فإن الإرهاب سوف يُطاردك في كل مكان، لأنك لم تكن معي في تعريفي لمصطلح الإرهاب؟! مصطلح الإرهاب عرف وانتهى، وأنصح جميع من يريد أن يجتهد ويُعرّفه التعريف الذي يعكس فعلًا الأسباب وليس الأعراض أن يلملم نفسه، ويضع قلمه جانبًا، ويسترخي لأنه سوف يواجه إحباطًا لا قبله ولا بعده. مصطلح الإرهاب محدد، وعلى العالم أن يحفظه عن ظهر قلب، وألاّ يناقشوه، بل عليهم أن يسيروا على نهجه. فتعريف الإرهاب وفق المفهوم السابق يوجب على جميع شعوب العالم أن تحارب "أعراض الإرهاب" فقط، أي ملاحقة الوحوش والسذج ممن يرتكبون تلك الحماقات والتخلف ووأد الناس وهم أحياء في الشوارع ودور العبادة والطائرات والبنايات والمطارات وغيرها من ارتكاب تلك المجازر. أما الدوافع والأسباب التي دفعتهم مهما اختلفت فإنه ليس من حق أي شخص أن يبحثها أو يتطرق لها أو يناقشها لكي يتم الخروج بتعريف شامل للإرهاب يبحث السبب الذي يؤدي إلى ظهور الأعراض المرضية. ووفقًا للتعريف السابق للإرهاب "أن تكون معي أو ضدي" فإن الفلسطينيين إرهابيون عندما تنظر إلى العرض وليس السبب، وكذلك الكشميريون وغيرهم ممن يناضلون من أجل أوطانهم وحرياتهم المسلوبة؟! أما دولة العصابات، وسفّاحو صبرا وشاتيلا وغيرها من المجازر التي ارتكبها حكام إسرائيل، والذين تتفطر قلوبهم حقدًا وغلًا حتى على ظلهم وخيالهم عندما ينظرون إليه، والذين استولوا على الأرض، فإنهم ليسوا إرهابيين لأنهم "معي وليس ضدي". وطالما أنهم "معي" فإن لهم مطلق الحرية أن يترجموا مصطلح الإرهاب كيفما شاءوا بالطريقة التي يرون أنها مناسبة، وسوف أعطيهم جميع آلات الدمار التي تجعلهم يحرقون الأرض ويُدمِّرون ويقتلون ويرتكبون أبشع الجرائم التي لم يعرفها التاريخ القديم ولا الحديث إلا في هذه الألفية "ألفية أن تكون معي أو تكون ضدي". الإرهاب بمفهومه القذر يجب أن يُقتلع من جذوره ويُقضى عليه قضاءً مبرما، بمعنى آخر أن جذور الإرهاب تتمثل في الأسباب التي أدت إلى الأعراض، أي الأفعال التي يرتكبها منعدمو الضمير والذين لا يقيمون للإنسانية وزنًا. إن عبارة "أن تكون معي أو ضدي" تُعمِّق في البشرية الإرهاب والتطرف والتفرقة، لأنها قسّمت العالم إلى قسمين: قسم مع... وقسم ضد... وبالتالي سوف يستمر الإرهاب طالما أن هناك ضدين، ضد يريد منك أن تحارب أعراض الإرهاب، وضد آخر يريد من الضد السابق أن يحارب الأسباب التي أدّت إلى ظهور الأعراض. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ألا يزال لدى العالم الوقت لكي يُغيِّر تعريف الإرهاب السابق القائل: "أن تكون معي أو تكون ضدي"؟! نقول نعم لديهم الوقت عندما تكون هناك حسن نوايا، ويقفون صفًا واحدًا، عالمًا واحدًا، غير مقسم التقسيمة السابقة (مع وضد)، فتعريفنا الجديد ليس تعريفًا منحازًا كالتعريف السابق، بل هو تعريف عقلاني يُوحِّد صفوف دول العالم لمكافحة الإرهاب عندما نقول: "أن نكون جميعًا ضد الأسباب وراء الإرهاب"، وليس الأعراض فقط. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (29) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain صحيفة المدينة