اختارت ندوة حروف عربية الخط الكوفي، ليكون الموضوع الرئيس لدورتها الرابعة، التي تستمر على مدار ثلاثة أيام، وتختتم أعمالها غداً في ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وتصاحبها ثلاثة معارض، موزعة بين عدد من مقتنيات رئيس المجلس الوطني الاتحادي محمد المر، والخطاط التركي المعروف أمين بارع، وعدد من الخطاطين المعاصرين. وتزاوج الدورة الحالية للندوة بين جوانب التذوق من جهة، والاستفادة من خبرات خطاطين مختلفين من جهة أخرى، سواء بشكل أكاديمي عبر محاضرات مسائية، أو عملي من خلال ورش صباحية، فيما تستمرالمعارض الثلاثة حتى الثالث من مارس المقبل. لمسة وفاء قال رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، سلطان صقر السويدي، إن الندوة مصرة على المضي قدماً في الاهتمام بفن الخط العربي، نافياً أي شائعة عن توقف صدور «حروف عربية»، مؤكداً أن «المجلة مستمرة في تأكيد موقعها حاضرة من حواضر الخط العربي». واعتبر السويدي أن الاهتمام بتجربة الخطاط التركي أمين بارن، بمناسبة مرور 100 عام على مولده ، تأتي بمثابة «لمسة وفاء مستحقة»، لافتا إلى أهمية الموضوعات التي تناقشها محاضرات على مدار ثلاثة أيام، تجمع بين الجوانب الجمالية والأكاديمية والعملية في آن واحد. واستضافت الندوة، صباح أمس، ورشة خطية حاضر فيها جمال بوستان، الذي عرف مجموعة من المتدربين بقواعد وجماليات الخط الكوفي، فيما تتواصل فعاليات الندوة اليوم بمحاضرتين لكل من جمال بوستان وتاج السر حسن، ويناقش الأول موضوع «الخط الكوفي.. تطبيقات حديثة في اللوحة التشكيلية»، والثاني «الخط الكوفي والتصميم الغرافيكي والحاسوب». وجاء افتتاح محمد المر للمعارض الثلاثة، مساء أول من أمس، ليزيح الستار عن 46 لوحة مختلفة، تكشف جوانب من جماليات «الكوفي»، الذي سيظل محور مختلف المحاضرات والورش المصاحبة للمعرض. وفي تقديمه لمحاضرة خالد الجلاف مدير تحرير «حروف عربية»، لفت الخطاط السوداني تاج السر حسن إلى عراقة الخط الكوفي، الذي عده الكثير من الباحثين أصل الكتابة العربية، فضلاً عن أن كثيراً من الإبداعات الحديثة استعانت بجمالياته، مشدداً على أنه يعد «النموذج الأصلي للخط العربي»، وقدم لهما الخطاط السوداني تاج السر حسن بنبذة رصد فيها السيرة الفنية والعلمية للمحاضرين. وتحت عنوان «تاريخ الخط الكوفي وأنواعه»، سعى الجلاف إلى رصد الجذور البعيدة لمراحل الكتابة نفسها، مشيراً إلى أن هناك مراحل عدة مر بها تطور الحرف العربي، هي الطور الصوري والرمزي والمقطعي والصوتي والهجائي، وصولا إلى اختراع مجموعة من الأبجديات، مثل: المسمارية والحيثية والصينية والهيروغليفية، حيث اعتبر الأخيرة منطلقاً أساسياً لنشأة «الكوفي»، من خلال التواصل الحضاري الذي تم بين الفينيقيين والمصريين القدماء. وفرق الجلاف في تناوله لبدايات الخط الكوفي بين طريقتين في الكتابة، عرفهما العرب قبل الإسلام، هما «اللينة»، التي كانت تستخدم في الحياة العامة، وهي أقرب إلى التربيع، والأخرى «جافة» لا تشتمل على أي انحناءات في حروفها، لافتاً إلى أن الأخيرة كانت أقرب للمكاتبات الرسمية، وهي الطريقة التي تم اعتمادها لدى كتّاب الوحي، في خط القرآن الكريم، في ما بعد. «انتعاش الخط الكوفي في عصر السلطان عبدالحميد الثاني»، كان عنوان المحاضرة الثانية للدكتور التركي إرفن جميل، الذي فاجأ الحضور بتأكيده أن «عصر السلطان عبدالحميد الثاني، لم يكن منغلقا أو محافظا، وإنما منفتحا على متغيرات العالم من حوله»، مبرراً بأن الاهتمام بالخط إبان فترة حكمه، كان بسبب تنامي الشعور بالعداء الأوروبي للدولة العثمانية، ليكون الاهتمام ب«الكوفي» ذا طابع رمزي، في إطار كسب مزيد من التأييد في دول العالم الإسلامي. وشمل معرض مقتنيات محمد المر 24 لوحة، شهدت تنوعاً في استلهام جماليات اتجاهات متباينة في الخط الكوفي، منهم الخطاطون المصريون: يوسف أحمد، ومحمد خليل، ومحمد عبدالقادر، وعصام عبدالفتاح، وصلاح عبدالخالق، والعراقيان محمد سعيد الصكار، وحكيم غزالي، والسوريان منير الشعراني، وجمال بوستان. واشتمل المعرض الخاص بالخطاط أمين بارن على 20 لوحة، مثلت فترات زمنية متباينة في المسيرة الفنية لبارن، فيما جاء المعرض الثالث محتوياً على 22 لوحة خطية، لكل من خالد الجلاف، ومنير الشعراني وجمال بوستان ومحمد رضا بلال ومحمد فراس عبو، عبر أعمال مثلت الاتجاهات الأكثر حداثة في الخط الكوفي. حضور في مقابل حرص عدد كبير من الشخصيات المهتمة بمجال الثقافة والفنون على حضور افتتاح الدورة الرابعة لندوة «حروف عربية»، كان لافتاً حضور شخصية محسوبة على الإعلام الرياضي، وهو الإعلامي الإماراتي محمد الجوكر، الذي تابع المحاضرتين باهتمام شديد. وإلى جانب سلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، وبلال البدور نائب رئيس مجلس الإدارة، ورئيس اللجنة الثقافية كان من بين الحضور عبدالغفار حسين، رئيس جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، وهشام المظلوم مدير إدارة الفنون بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، والدكتور عبدالخالق عبدالله، ود. صلاح قاسم، وعبدالرزاق الفارس، وعدد من المهتمين بفن الخط العربي. الامارات اليوم