العليمي أصدر مئات القرارات في الظلام.. حان الوقت لفتح الملفات    اغتيال افتهان المشهري.. رصاصة الإخوان في قلب تعز    تعز.. تظاهرة حاشدة ونصب خيمة واعتصام نسائي للمطالبة بالقبض على قتلة المشهري    ريمة .. مسيرات جماهيرية تحت شعار "مع غزة .. لن نقبل بعار الخذلان مهما كانت جرائم العدوان"    تعز.. 87 مسيرة جماهيرية تؤكد الوقوف مع غزة وعدم القبول بعار الخذلان    شهيد و11 جريح إثر غارة للعدو الصهيوني على سيارة جنوبي لبنان    متفوقاً على ميسي.. هالاند يكتب التاريخ في دوري الأبطال    نتنياهو يطرد أردوغان من سوريا    أين ذهبت السيولة إذا لم تصل الى الشعب    مانشستر سيتي يتفوق على نابولي وبرشلونة يقتنص الفوز من نيوكاسل    محافظة الجوف: نهضة زراعية غير مسبوقة بفضل ثورة ال 21 من سبتمبر    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    الأرصاد يخفض الإنذار إلى تحذير وخبير في الطقس يؤكد تلاشي المنخفض الجوي.. التوقعات تشير إلى استمرار الهطول    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    جائزة الكرة الذهبية.. موعد الحفل والمرشحون    البوندسليجا حصرياً على أثير عدنية FM بالشراكة مع دويتشه فيله    ذكرى استشهاد الشهيد "صالح محمد عكاشة"    جنوبيا.. بيان الرئاسي مخيب للآمال    لماذا تراجع "اليدومي" عن اعترافه بعلاقة حزبه بالإخوان المسلمين    راشفورد يجرّ نيوكاسل للهزيمة    تجربة الإصلاح في شبوة    تعز.. إصابة طالب جامعي في حادثة اغتيال مدير صندوق النظافة    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    سريع يعلن عن ثلاث عمليات عسكرية في فلسطين المحتلة    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    وعن مشاكل المفصعين في تعز    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    انخفاض صادرات سويسرا إلى أميركا بأكثر من الخُمس بسبب الرسوم    مجلس القضاء الأعلى ينعي القاضي عبدالله الهادي    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    نتائج مباريات الأربعاء في أبطال أوروبا    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    مواجهات مثيرة في نصف نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوتين بين فكي كماشة بسبب نزاع أوكرانيا والأزمة السورية - الحياة اللندنية - راغدة درغام
نشر في الجنوب ميديا يوم 27 - 02 - 2014


راغدة درغام
روسيا لم تخسر جميع أوراقها في أوكرانيا ولن تكون في تقهقر في سورية نتيجة الانتكاسة التي أصابتها بها الثورة الأوكرانية. انتقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مما حدث في ميدان التحرير في كييف – فيما كان منشغلاً على المنصة الأولمبية في سوتشي – لربما آتٍ. الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي تعي حدة أدوات الانتقام المتاحة أمام بوتين كما تعي محدودية الآفاق الاقتصادية الأوروبية والآفاق السياسية الأميركية في عهد الرئيس باراك أوباما. لذلك يسير الغرب على حبل مشدود وهو يتعاطى مع التطورات الأوكرانية مشدداً على أن هذه ليست مواجهة استراتيجية ولا عودة إلى الحرب الباردة. موسكو تقرأ الحدث الأوكراني بلغة مختلفة وتشكك في نوايا الغرب. إلا أنها أيضاً تدرك أن لجوءها إلى الانتقام سيكون سيفاً ذا حدين في حديقتها الخلفية في أوكرانيا كما في سورية التي باتت ساحة لموسكو للتموضع إقليمياً ودولياً وفي إطار العلاقة مع الولايات المتحدة. لهذه الأسباب، قد يتطوّر الحديث الغربي – الروسي إلى تفاهمات تشمل أوكرانيا وسورية وتبني على التعاون بينهما في الشأن الإيراني وغيره. وقد تغلب نبرة الانتقام وتؤدي مسافة الاختلاف إلى تصعيد ومواجهات في أوكرانيا وسورية وما بعدهما. هذا يعتمد ليس فقط على ما في جعبة الرئيس الروسي وإنما أيضاً على ما في ذهن الرئيس الأميركي باراك أوباما إزاء الثورتين الأوكرانية والسورية وما يريده للسياسة الأميركية الخارجية الاستراتيجية.
أحد المشاهد الملفتة في الثورة الأوكرانية كان ركوع أفراد من شرطة مكافحة الشغب الأوكرانية المعروفة باسم «بيركوت» ذات السمعة السيئة للاعتذار للشعب عن سقوط قتلى خلال قمع الانتفاضة وضرب المحتجين.
هذا مشهد قل ما يحدث في البقعة العربية. الانشقاقات العسكرية أثناء وبعد الثورات في المنطقة العربية مهمة من دون شك وهي بمثابة اعتذار وتصحيح مسار. لكن الركوع أبلغ الاعتذار بصورة نادرة. وليت قوى القمع العربية تركع أمام الشعوب. ليت قوى الجيش التي تقصف الناس والقيادات التي تجوّعهم تركع وتعتذر.
الحدث الآخر أتى بمطالبة البرلمان الأوكراني بإحالة الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لمحاسبته ومحاسبة من يُدان معه في جريمة قتل أكثر من مئة متظاهر وجرح ألفين وأكثر في كييف الأسبوع الماضي.
هذه أيضاً صفحة مهمة من كتاب المحاسبة على الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي لن يتمكن معظم البرلمانات العربية من المطالبة بها لأن الأكثرية الساحقة من الدول العربية لم توقع على نظام روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية. الأنظمة نفسها رفضت هذه المحكمة خوفاً على نفسها. ولذلك، إن إحالة الذين يرتكبون هذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية يتطلب قراراً من مجلس الأمن الدولي.
هناك مطالبة مهمة تشق طريقها إلى الأمم المتحدة – وتواجه معارضة شرسة – قوامها حجب حق استخدام أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن حق النقض (الفيتو) على مشروع قرار يتناول ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
رئيس هيئة الدول المتعاقدة في نظام روما السابق، سفير ليشتنشتاين لدى الأمم المتحدة كريستيان ويناويزر، ومندوب الأردن الدائم لدى الأمم المتحدة الأمير زيد بن رعد، يقودان الجهد الرامي إلى إخراج جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية من قبضة الفيتو في مجلس الأمن لتأخذ مكانها في المحكمة الجنائية الدولية. وحسناً يفعلان. ذلك أن محاسبة الحكّام وكل مَن يلجأ إلى الاغتصاب والتجويع كأدوات حرب – إلى جانب وسائل الإجرام المعهودة – تقع عملياً في عهدة الدول الخمس التي لها حق الفيتو. وقد حان زمن تحريرها من تلك القبضة، بالذات إزاء ما يحدث في سورية وإزاء الموقفين الروسي والصيني من المسألة السورية في مجلس الأمن.
تبني المجلس السبت الماضي للقرار 2139 الذي طالب بتأمين المساعدات الإنسانية إلى السوريين – بما في ذلك عبر الحدود – أتى بمفاجأة الإجماع عليه. توقيت التصويت كان مساهماً مهماً نحو الإجماع إذ أصرّت الدول الغربية والعربية المتبنية طرح مشروع القرار على التصويت قبل انتهاء الألعاب الأولمبية في روسيا. وكان الهدف استخدام الفسحة الزمنية لإحراج فلاديمير بوتين الذي كان شديد الحرص على تبييض سمعة روسيا في الألعاب الأولمبية.
الحراك في ميدان التحرير في كييف والتحرك الغربي – العربي للتصويت على مشروع قرار حول المأساة الإنسانية السورية في نيويورك وضع بوتين بين فكي الكماشة. الحدث الأوكراني سلّط الأضواء على بوتين وضاعف الضغوط الغربية عليه. والحدث السوري كان سيفضحه عالمياً أكثر فأكثر لو منع مجلس الأمن من تبني قرار إنساني. إذن، كان للتوقيت مساهمة في استصدار القرار 2139، لكن عناصر أخرى أيضاً لعبت أدوارها.
صحيح أن مشروع القرار الغربي – العربي تم تجريده من الإجراءات العقابية في حال عدم تنفيذ دمشق له. وصحيح أنه أزال الإشارة إلى «حزب الله» اللبناني و «فيلق القدس» الإيراني في إطار التدخل الإرهابي الأوسع في سورية وصحيح أن المفاوضات عليه كانت شرسة بهدف فتح أبواب تفسيره لاحقاً في معركة التفسيرات.
لكن حصيلة الأمر أن قبضة الفيتو الروسي – الصيني على مشاريع القرارات السورية في مجلس الأمن تحلحلت لأول مرة في أعقاب فيتو مزدوج استُخدم ثلاث مرات – باستثناء قرار تدمير الأسلحة الكيماوية السورية الذي رافق تراجع الرئيس الأميركي عن الضربة العسكرية والذي تبناه المجلس الخريف الماضي.
الصين لعبت دوراً أساسياً في حشد الإجماع على القرار 2139 لأنها أوضحت لروسيا ولأعضاء مجلس الأمن في نيويورك أنها تجد صعوبة في ممارسة الفيتو على مشروع قرار إنساني خالٍ من التعهد بإجراءات لاحقة أو بأي عمل يجبر المعنيين على التنفيذ قسراً.
الصين تركت القيادة في المسألة السورية للاتحاد الروسي دوماً بل واختبأت وراء تلك القيادة. هذه المرة، مدّت الصين رقبتها خارج الحفرة التي تدفن رأسها فيها. الأسباب ليست كلها واضحة – كالعادة عندما يتعلق الأمر بالصين – وقد لا يكون موقف الصين الأخير العنصر القيادي الذي بدّل الموقف الروسي بل لربما أتى في إطار توزيع الأدوار بتنسيق مع روسيا.
لعل فلاديمير بوتين قرأ التحولات في العلاقة الأميركية السعودية بشقها السوري في أعقاب تجريم الرياض لالتحاق المواطنين السعوديين بالقتال في سورية. فهذه مؤشرات مطمئنة، من جهة، كونها توضح العزم السعودي على إيقاف أية مساهمات منها نحو أفغنة سورية. لكن زيارة الرئيس أوباما إلى الرياض أواخر الشهر المقبل فتحت أبواب التفاهمات الاستراتيجية، الأميركية – السعودية، وهذا يقلق موسكو التي تريد الاستفراد بقيادة المسألة السورية على إيقاع الانعزالية الأميركية والتملص من الاستحقاقات في سورية.
بكلام آخر، قد ترتاح موسكو إلى أية مساهمة سعودية في صد التطرف الإسلامي وبالذات التطرف السلفي – في سورية وخارجها، لأن موسكو قررت أن مصلحتها تقتضي خوض الحرب ضد توسع التطرف الإسلامي بالذات إلى منطقتها وجيرتها وشيشانها. لكن القيادة الروسية تخشى أن يؤدي التفاهم الأميركي – السعودي إلى دعم المعارضة السورية العلمانية أو المعتدلة، وتزويدها بسلاح على نسق صواريخ الكتف المضادة للطائرات التي يستخدمها النظام في دمشق لقصف المدنيين بالبراميل المتفجرة.
فموسكو تريد أن تمضي قدماً في مد نظام بشار الأسد بالسلاح وتريد استمرار التردد الأميركي في الموافقة على سلاح نوعي للمعارضة السورية.
الحديث الأميركي – السعودي الجاري حالياً يقلق موسكو ويضع فلاديمير بوتين في حال تأهب وسط مؤشرات على تغيير ما في مواقف باراك أوباما نحو المسألة السورية.
بوتين يعي تماماً أن مواقف ومشاعر باراك أوباما نحو الثورة الأوكرانية لعام 2014 ليست أبداً مواقف ومشاعر سلفه الرئيس جورج دبليو بوش نحو الثورة البرتقالية في أوكرانيا عام 2004. بوش تبنى شعار الحرية والديموقراطية ومحاربة الطغيان كإرث أخلاقي أميركي. أوباما يتملص من سياسة بوش ويعتبر أن تلك الشعارات ليست من شأن الولايات المتحدة وأن الشعب الأميركي لا يريد التورط فيها. أوباما رئيس مُثقَل بإرث الرئيس بوش وبالخوف من اللااستقرار وبالقلق من التصادم مع روسيا في المسألة السورية أو المسألة الأوكرانية.
قد يقرر فلاديمير بوتين البناء على التركيبة «الأوبامية» في السياسة الأميركية الخارجية بالذات في شقي سورية وأوكرانيا. وهذا سيتطلب منه بعض الهبوط من فوقيته وتسلطه ومغالاته في القومية الوطنية على حساب الآخرين. فباراك أوباما لن يتمكن من مد ذراعيه احتضاناً «للبوتينية» في سورية وأوكرانيا. إنه جاهز لما يوصف ب «البراغماتية» في المسألتين وهذا يفتح الباب على التفاهمات المتتالية كما على صنع حلقات التسوية الكبرى. إنما هذا يتطلب بالتأكيد من بوتين منهجاً مختلفاً من الأزمتين من دون التفريط بالمصالح الروسية في أي منهما.
بوتين قد يختار التعالي والانتقام من حشره في الزاوية الأولمبية لاستصدار قرار ألزم الحكومة السورية بتسهيل مرور المساعدات عبر الحدود، ومن حشره في الزاوية الأوكرانية بإسقاط وصايته على نظام أطاحه ميدان التحرير في كييف.
أوكرانيا لروسيا تكاد تشبه لبنان لسورية في عهد الهيمنة السورية قبل ثورة الأرز اللبنانية التي أتت مباشرة بعد الثورة البرتقالية الأوكرانية. بوتين ينظر إلى أوكرانيا كامتداد طبيعي لروسيا وهو يمتلك عدة مفاتيح إما للإسراع في انهيار أوكرانيا اقتصادياً كلياً لتصبح دولة مفلسة بكل معنى الكلمة، وإما لإنقاذها من الإفلاس والانفصالية.
حتى ميخائيل غورباتشوف، الرئيس السابق للاتحاد السوفياتي الذي اعترف بفوائد الرأسمالية وأطلق الانفتاح وسبّب في تفكيك الدولة العظمى يرى في فلاديمير بوتين عنوان إحياء القومية الوطنية. غورباتشوف الذي كان ضيف الشرف في «المنتدى الدولي للاتصال الحكومي» في الشارقة في دولة الإمارات العربية مطلع هذا الأسبوع قال ل «الحياة» إن «بوتين عمل بقوة لاسترجاع الدور الدولي الأساسي لروسيا، واعتقد أنه قام بتحقيق الكثير من الإنجازات، وأن عليه الاستمرار...».
ما هو الطريق الذي سيسلكه بوتين في استرجاعه الدور الدولي لروسيا. بالتأكيد، إن أوكرانيا أساسية في ذلك المسار، وكذلك سورية. وفي الأمرين، إن الخيارات أمام بوتين ليست مفتوحة الأفق بل إن المواقف الأميركية والأوروبية لها أدوار كبيرة في صياغتها – إلى جانب الأدوار الرئيسية التي تلعبها الشعوب في أوكرانيا وفي سورية.
الاتحاد الأوروبي تصرّف بغطرسة السنة الماضية عندما اشترط على أوكرانيا إثبات نفسها قبل رفع الأصبع لإنقاذها من الإفلاس. دخل بوتين حينذاك على الخط وقدّم رزمة معونات ضخمة، فاختار الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش الانتماء إلى روسيا والابتعاد عن العضوية في الاتحاد الأوروبي. ثار الناس ضده وأوضحوا الرغبة في الانتماء غرباً وليس شرقاً، وهذا أثار حفيظة موسكو التي تعتبر الحدث الأوكراني مؤامرة ضدها من قِبَل الغرب وتتهمه بالتهيئة لضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي.
انتفاضة كييف أعطت دول الاتحاد الأوروبي فرصة أخرى لكن أوروبا منقسمة ومترددة. إنها تريد صندوق النقد الدولي IMF شريكاً أساسياً لها في مد العون الاقتصادي لأوكرانيا. وهي تخشى انتقام بوتين من أوكرانيا اقتصادياً إذا ما قطع العلاقات الروسية – الأوكرانية الاقتصادية الوثيقة.
بوتين يتربص بالأخطاء الأوروبية والانقسامات وأنماط التردد والتخوف التي تسود دول حلف شمال الأطلسي. قد يكون كافياً له الانتقام بالأدوات الاقتصادية، وليس عسكرياً.
أما في الملف السوري، فقد يجد بوتين أوراقه أقل تحرراً لا سيما على ضوء مؤشرات سياسة جديدة، غربية وعربية، نحو سورية. وقد يصعب عليه قيادة الأزمتين وإدارتهما لا سيما أن الفاعلين في كلا الأزمتين لا يقتصرون على القيادات الحكومية بل بينهم ما يشاءه الناس.
توجد آفاق على حكمة تؤدي إلى تعديل في السياسات والتأقلم مع وقائع جديدة والتوصل إلى تفاهمات. وتوجد غطرسة الانتقام بما يؤدي إلى المزيد من المواجهات والحسابات الخاطئة.
المعركتان على كييف ودمشق تتجاذبهما الحكمة والغطرسة في استقطاب مصيري ليس فقط لأوكرانيا وسورية وإنما أيضاً لمستقبل العلاقات الروسية مع الدول الغربية. إنها مرحلة شد الأحزمة للتموضع مجدداً.
ايلاف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.