يكفيك لتعرف ماذا يدور في أذهان أولئك المقبلين على مواقع الزواج الإلكترونية أن تدخل لأحدها وبكل سهولة، فمجرد أن تضع اسماً وهمياً وبريد إلكترونياً وتحدد جنسك الذي تريد، وتحدد كذلك مواصفاتك الشكلية والضمنية كما تحب أو ترغب أنت يجعلك عضواً في الموقع وتبدأ عملية البحث عن الطرف الآخر من خلال تصفح صور المسجلين في الموقع، فمواقع الزواج الإلكترونية هي وسيلة من وسائل التعارف والزواج، وعلى اختلاف مسمياتها تحاول تلك المواقع أن تروج لنفسها على أنها مواقع تحدد شريك الحياة بالمواصفات المرغوبة . تختلف مسميات مواقع الزواج الإلكترونية، فمنها مخصصة للمسلمين فقط ومنها لجنسيات بعينها ومنها للزواج العرفي وزواج المسيار وغيرها، وطبعاً لكل من هذه المواقع طابعه، فمنها ما هو مجاني أي يمكن التسجيل فيه من دون دفع رسوم، ومنها ما لا يمكن التسجيل فيه إلا عبر دفع الرسوم عن طريق البطاقات الائتمانية، بينما هناك مواقع يمكن التسجيل فيها بدايةً بشكل مجاني إلا انه لا يمكن الاستمرار فيها إلا بدفع الرسوم، ولدفع الرسوم طرق قد تكون شهرية أو لثلاثة أشهر أو ستة أو لسنة، وتقدم تلك المواقع إثباتات نجاحها في جمع رأسين بالحلال من خلال صور أشخاص تم زواجهم عن طريق الموقع ورأيهم فيه، بينما أصبحت أخرى تروج لنفسها عن طريق الاعلانات التلفزيونية، ويمكن من خلال تلك المواقع الدخول والتسجيل بشكل وهمي من خلال اسم وهمي ومواصفات وهمية من أجل التعارف، وطبعاً تختلف نيات أولئك الذين يسجلون في تلك المواقع، فمنهم من يبدي صراحةً هدفه بالصداقة عن طريق المواقع بينما يدعي آخرون نيات الزواج، وفي كل الأحوال لا يمكن أن تثبت النيات الا بالفعل وهذا ما يتبين بعد حين، وقد تعد مواقع الزواج الإلكترونية بديلاً تكنولوجياً للراغبين في الزواج، حيث كلنا يعلم أن الخاطبة والاعتماد على المعارف من الناس كان السبيل الوحيد للراغبين في الزواج بالشكل التقليدي، بينما يتم اختيار شريكة الحياة من قبل الشاب بشكل مباشر في أحيان أخرى غير تقليدية، إلا أننا نجد اليوم أن المواقع الإلكترونية جنبت الكثيرين اللقاء المباشر من خلال التعارف باسم مستعار عبر المواقع الإلكترونية ما يجنب البعض الإحراج ويعد وسيلة مفضلة للبعض الآخر . تحدثنا الدكتورة فاطمة الدرمكي عن مواقع الزواج الإلكترونية وتصفها قائلة: "هذه المواقع هي مواقع تعارف بالدرجة الأولى ومن ثم مواقع زواج، ويمكن أن نطلق عليها بديلاً عصرياً للخاطبة في الزمن الماضي، إلا أن الفرق الجوهري والأهم بين الزواج عبر المواقع الإلكترونية والخاطبة، هو أن الخاطبة شخص أو كيان معروف لدى الناس، تعمل على التوفيق بين رأسين بالحلال من خلال التعرف إلى العوائل والأسر ومعرفة متطلباتهم وبالتالي التوفيق بينهم، وكانت طبيعة الخاطبة في تلك الفترة ليست مهنة تجارية بحتة إنما هي تعمل على التوفيق بين الراغبين بالزواج من خلال أسرهم وبالتالي إذا تم التوفيق بينهم فتكرم تلك العوائل الخاطبة بحسب رغبتها وليس بمبلغ محدد سلفاً، فلم يكن الموضوع تجارياً بحتاً كما هو الآن في الكثير من المواقع الإلكترونية الخاصة بالتعارف والزواج، كما أزيد على ذلك أن تلك المواقع لا تحمل طابع الأمان والثقة لمن يستخدمها كما هو الحال بوجود كيان واضح للعيان يعمل على التوفيق بين الراغبين بالزواج"، وحول الغرض من هذه المواقع تقول الدكتورة الدرمكي: "كثير من الشباب والفتيات يدخلون هذه المواقع لغرض التسلية وقضاء وقت الفراغ أو تكوين صداقات، والمشكلة ان بينهم الكثير من المتزوجين الذين يرغبون أن يشعروا بأنهم مرغوبون أو لديهم مشكلات مع الزوج أو الزوجة التي قد تصل الى الطلاق، فيلجأون لتلك المواقع ليثبتوا أنهم قادرون على الزواج في أي وقت وهذا أمر لكثير منهم يبدو نفسياً لا أكثر، ولهذا فهدفهم ليس الزواج، أما الراغبون فعلا بالزواج من خلال المواقع فقد يعتبرونها وسيلة لا أكثر مثلها مثل الخاطبة أو أي طريقة للتعارف بقصد الزواج، وقد يجدون فيها كذلك وسيلة جيدة لأنها تمكنهم من وضع مواصفات خاصة في شريك الحياة، إلا أن من الأفضل إلا يتم التحدث واللقاء بينهم إلا عن طريق الأسرة لضمان الجدية بين الطرفين، لكنني أرى أن هذه الطريقة لا تضمن الاستمرارية للطرفين إذا لم يكونا منفتحين ومؤمنين بأن لقاءهما عن طريق الموقع الإلكتروني كان وسيلة فقط، فكثير من الذين يوفقون في لقاء شريك الحياة عبر الموقع يقعون في خطأ التعامل مع الشريك على أساس لقائه عبر موقع الكتروني فيثير الشكوك بينهما . الدكتورة كريمة العيداني البوعلي الاختصاصية النفسية ومديرة مركز الإبداع للاستشارات والتنمية، تحدثنا عن الزواج عبر مواقع الزواج الإلكترونية قائلة: "أرفض بشدة الدخول الى المواقع الإلكترونية بغرض الزواج، لأنها مواقع معدومة الثقة سواء للرجل أو المرأة، فمن يضمن بأن الشخص الذي نتحدث معه ذكراً أم أنثى، صادقاً أم كاذباً، ومن ثم لماذا الدخول إلى المواقع الإلكترونية والاختباء خلفها طالما ان الغرض شريف وهو الزواج، فمن يريد الزواج فهناك طريق واحد وهو التقدم لخطبة الفتاة والارتباط بها لاحقا، فالكثير من الذين يدخلون هذه المواقع هم من أصحاب النفوس المريضة، فلا ضمان في تلك المواقع، ومن الممكن أن يظل الطرفان يتحدثان ومن ثم لا يتطور الأمر الى ارتباط، وهذا خطأ بحق الشاب والفتاة، فهذه المواقع مشبوهة ومن الممكن ان يطلب الشاب صورة الفتاة على اعتبار ان هذا من حقه للتعرف إليها لكن قد يؤدي ذلك إلى ما لا تحمد عقباه، وليس هناك أي دليل على ان هذا الشاب قد تعرض للفتاة، هذا ناهيك عن تبادل البريد الإلكتروني ومن ثم أرقام الهواتف وقد يحصل اللقاء، وكل هذا وأكثر يجب ألا يجعل أي شخص إلا يعرض نفسه لهذا الخطر أو لتلك المواقع إذا كان جادا بالارتباط" . أما ناعمة الشامسي رئيسة قسم التمكين الأسري في إدارة التنمية الأسرية بوزارة الشؤون الاجتماعية والمستشارة الأسرية والزوجية، فتحدثنا عن دور الوزارة في جعل مواقع الزواج تحت إدارة ورقابة الحكومة: "إصدار وتجديد التراخيص لتأسيس وتشغيل المؤسسات الخاصة العاملة في مجال الأسرة والإشراف هو من مهام الإدارة، حيث نعمل في إدارة التنمية الأسرية على منح تراخيص المكاتب الأسرية ومنها مكاتب الزواج، وهي مكاتب هدفها تسهيل مهمة الراغبين بالزواج بطرق شرعية وسليمة قانونيا وتخضع لرقابة وزارة الشؤون الاجتماعية ما يوفر للمتعاملين معها غطاء من الأمان، حيث يتقدم لنا طالب الترخيص للمكتب بمشروع متكامل خاضع لشروط الوزارة الخاصة في افتتاح مثل هذه المكاتب، وبعد أن يتم استيفاء الشروط المقررة وتتم موافقة الوزارة على منحه الترخيص يتوجه الى الدائرة الاقتصادية لإكمال الاجراءات، حيث لا يمكن أن يمنح أي مكتب نشاطه المخصص للإستشارات أو الزواج إلا بعد أن تمنحه الوزارة الموافقة بعد ان يخضع للشروط التي تم تحديدها سلفا، حيث نحن كوزارة نمنح هذه المكاتب الرخصة الرسمية حيث تعد تحت بنود خدمات رعاية الأسرة، وقد تم فعلا ترخيص عدد من المكاتب التي استوفت الشروط الا ان ظروفا ما اضطرت الكثير منها الى إغلاقها ولم يتبق سوى مكتب واحد في إمارة رأس الخيمة يخدم الإمارات اجمعها وهو المكتب الرسمي والوحيد الذي يخضع حاليا لشروط الوزارة، ومن يلجأ لهذا المكتب سيكون بمأمن، وان أي شخص يتعرض لأي مشكلة في هذا المكتب من حقه رفع شكوى يتم استلامها عن طريق الوزارة "، وحول اتجاه الكثير من الشباب الى مواقع الزواج الإلكترونية تقول الشامسي :" نتمنى ان يعتمد الشباب على دور الأسرة والأصدقاء والمقربين والمعارف للحصول على الشريك المناسب، حيث أفضل ان يكون التوجه الى مكاتب الزواج أو المواقع الإلكترونية آخر الحلول، حيث تلك الوسائل المباشرة التي تعتمد على أشخاص معروفين توفر على الشخص الرسوم التي سيدفعها في حال توجه لمكتب زواج أو موقع الكتروني، ومن ثم والاهم توفر له غطاء من الأمان وعدم الإحراج هذا ناهيك عن الثقة، ومن ثم فإن مكاتب الزواج التي نعتمدها في الوزارة هي مكاتب تتعامل مع الراغبين بالزواج عن طريقها بسرية تامة اما مواقع الزواج الإلكترونية فهي غير مراقبة وغير آمنة ولا تضمن للأشخاص السرية" . وحول رأي الدين، يقول الشيخ عبد الله موسى، المستشار الأسري في مؤسسة التنمية الأسرية، واخصائي التوجيه والإرشاد بدائرة الشؤون الإسلامية والمأذون الشرعي، عن الزواج عن طريق مواقع الزواج الإلكترونية: "ان الزواج الشرعي هو ما تم بوجود شهود وتم وفقاً للشريعة، والإيجاب والقبول بين الطرفين فيه هو أحد أهم شروطه، أما في ما يخص الزواج عن طريق المواقع الإلكترونية المخصصة لذلك، فهي تعد وسائل فقط للزواج إلا أنها وسائل يدخل فيها ريب كثير، حيث تعد هذه المواقع مكانا غير آمن وموثوق به، وليس كل من يدخلون اليها يدخلون بشخصياتهم الحقيقية أو سماتهم الحقيقية، ومن الممكن أن تتضمن تلك المواقع ذوي النيات الطيبة والساعية للزواج بشكل جدي الا أنهم من المحتمل بشكل كبير أن يقعوا ضحية آخرين غير معروفين بشكل حقيقي يدعون الرغبة بالزواج، ومن هذه الأساليب طلب صورة الفتاة التي من الممكن استغلالها من قبل الطرف الآخر، وانصح الشباب بعدم التسرع وفتح المجال للآخرين لاستغلالهم سواء معنويا أو ماديا، الا ان هذا لا ينفي وجود الصادقين وذوي النوايا الحقيقية في تلك المواقع لكن في ما ندر "، وحول أسلوب الزواج عن طريق المواقع يقول الشيخ :" من الطبيعي أن يتفق الشخصان على اللقاء ليتعرفا الى بعضهما اكثر، وهنا انصح أية فتاة بألا تلتقي بأي شاب الا بوجود محرم بينهما سواء كان اللقاء في مكان عام أو في بيت الفتاة بوجود أهلها، حيث لا بد ان تكون هناك رؤية شرعية بينهما، وأؤكد وأنبه الفتاة أو المرأة من اللقاء بالطرف الآخر من دون وجود محرم لأن ذلك سيجرها الى مشكلات طالما ان الثقة غير موجودة بينهما . تعد خدمة ( بناء ) من الخدمات الحكومية التي تقدم خدمة تزويج الشباب الإماراتيين من الجنسين، حيث تقع الخدمة تحت إشراف هيئة تنمية المجتمع بدبي، وتحدثنا عن الخدمة المسؤولة عنها وداد لوتاه المستشارة الأسرية في هيئة تنمية المجتمع قائلة :" الخدمة حكومية وهي عبارة عن مشروع وطني تبنته هيئة تنمية المجتمع، ومن خلال مكتب الخدمة بدبي تقدم الخدمة بشكل مجاني لأفراد الدولة الراغبين بالزواج الفرصة للقاء بالشريك المناسب سواء للفتيات أو الشباب، حيث لسنا كالمكاتب التجارية انما نحن نقدم الخدمة كواجب نتبناه خدمة لأبناء الوطن، ونعمل على التعامل مع المتقدمين من الجنسين من خلال الحضور الشخصي لتفادي المشكلات وتقييمات الأفراد الخاطئة لأنفسهم، حيث نعمل من خلال المكتب على تقييم المتقدمين الراغبين بالزواج تقييماً للشكل والمضمون، حيث نعمل على تقييم المواصفات الشكلية للأشخاص لأننا على علم كبير ان هذه المواصفات الشكلية لها دور كبير في مساعدتنا لإيجاد شريك الحياة المناسب لهم، هذا كما نعمل على تقييم الطبائع والسلوك ومدى ايجابية أو سلبية الشخص لنجد الشريك المناسب له، حيث تعد هذه التقييمات من الأساسيات لأننا نعرف تماماً ان اغلب المشكلات الاسرية تتم بسببها ولها أثرها في التوافق الزوجي، هذا ومن ثم نبدأ بالبحث على الشريك المناسب من خلال المتقدمين "، وعما افرزته الخدمة تقول لوتاه :" لقد افتتحنا الخدمة في منتصف آيار مايو العام الجاري، وها هو رصيدنا اليوم من الملفات الخاصة بالشباب الراغبين بالزواج 165 ملفاً، 52 ملفاً منها لرجال والباقي لنساء، وقد تم بفضل الله تحقيق نسبة من الخطوبة وعقد القران بين عدد منهم خلال هذه الفترة القصيرة، ونأمل ان تحقق الخدمة نجاحاً لكي نمنح الفرصة للراغبين بالزواج من المقيمين في الدولة للانضمام للخدمة ولا تقتصر على المواطنين، وطبعا فإن هيئة تنمية المجتمع تعمل على مساعدة الراغبين بالزواج ماديا ليتموا مشوار زواجهم، هذا وهناك عدد من الأساليب التي اتبعها لتحقيق اللقاء بين الراغبين بالزواج بحسب كل حالة" .