في إطار سعي الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية بدبي، لتعزيز قدرات موظفي الحكومة الاتحادية، وتطوير مستوى العاملين فيها، وبناء القيادات في القطاع الحكومي الاتحادي، وجذب أفضل الكفاءات والحفاظ عليها، تواصل الهيئة تنفيذ برنامج قيادات حكومة الإمارات والذي بدأ عام ،2008 بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله . ويجري حالياً العمل على تأهيل فئة قيادات المستقبل وهي إحدى فئات البرنامج الأربع، التقينا مديرة البرنامج للتعرف إلى فئات البرنامج وبالتحديد فئة قيادات المستقبل، وبعض المنتسبين لهذه الفئة لمعرفة مدى استفادتهم من البرنامج . تقول عائشة السويدي المديرة التنفيذية لقطاع سياسات الموارد البشرية بالإنابة ومديرة برنامج قيادات حكومة الإمارات في الهيئة الاتحادية للموارد البشرية: تعد فئة قيادات المستقبل إحدى فئات برنامج قيادات حكومة الإمارات الذي انطلق عام ،2008 وهو أول مبادرة متكاملة تهدف إلى تطوير القيادات الحكومية المتميزة والواعدة في جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الاتحادية، وذلك بالتعاون مع جهات متخصصة وفق المعايير الدولية في هذا المجال . تضيف: يشمل البرنامج عدة فئات أخرى منها القادة الاستراتيجيون والتنفيذيون والقيادات الشابة، وهناك عدة شروط للانضمام إلى فئة قيادات المستقبل وهي أن يكون الشخص لديه خبرة سنتين على الأقل في الجهة التي يعمل فيها، ويكون قد اجتاز معايير القبول، بحيث يكون تقييمه حسب نظام إدارة الأداء لموظفي الحكومة الاتحادية يفوق التوقعات كحد أدنى، ويكون قد اجتاز عدداً من الاختبارات، منها مراكز القياس النفسية للتأكد من توافر مقومات النجاح فيه، واختبارات الذكاء العاطفي، والمرونة والقدرة على التعلم والتطوير والتكيف مع بيئة العمل من حوله، والتصرف كقدوة في مجتمع دولة الإمارات، ويكون لديه روح تعزيز الهوية المحلية . وتستطرد: برنامج فئة قيادات المستقبل يضم 30 شخصاً، ومدته 18 شهراً، وينقسم إلى عدة أجزاء 30% منه مخصص لاكتساب الخبرة من خلال التدوير الوظيفي، أي يكون الموظف قضى فترة في وزارته ثم ينتقل إلى وزارة أخرى لمدة ستة أشهر للتعرف إلى نظام العمل فيها ثم يعود بعد ذلك لوزارته الأم، و50% منه تعتمد على التعليم التنفيذي، وهي الدورات التي تعقد لتنمية مهارات الموظف، مثل دورات في القيادة، والتفكير الاستراتيجي وقيادة الذات، والتفاوض وغيرها، ويعتمد 20% من البرنامج على الاطلاع على التجارب العمالية لاكتساب الخبرات اللازمة . وتوضح أنه تم عمل لقاءات مع الموظفين المنتسبين إلى البرنامج مع متخصصين في الإرشاد الشخصي، بهدف التركيز على تطوير مهاراتهم الشخصية، ودراسة النقاط التي يحتاجون فيها إلى التطوير، وفي بعض الأحيان تمت الاستعانة بخريجي الدورة لتنمية وتطوير المهارات الشخصية لزملائهم الجدد . تضيف: يتضمن برنامج "قيادات المستقبل" التركيز على الأنشطة المجتمعية، حيث نلزم الموظفين المشاركين في البرنامج بتقديم خطة مشروع يخدم المجتمع من واقع غرس الإحساس بالمسؤولية المجتمعية فيهم، وهناك لقاءات دورية يلتقي فيها القادة للاطلاع على أفضل الممارسات الحكومية المحلية والعالمية وتبادل الخبرات في الموضوعات المتعلقة بالقيادة من خلال المنتدى الذي تم تأسيسه مؤخراً ليشكل مظلة تجمع منتسبي وخريجي برنامج قيادات حكومة الإمارات مع قادة الرأي وصناع القرار والمختصين في المجالات التي تدعم البرنامج الذي يشكّل جزءاً من سياسة التطوير . وتقول: خلال دورة البرنامج الأخيرة تم تنظيم رحلة للموظفين إلى السويد، وهذا البلد متقدم في تصنيف التنافسية على مستوى العالم، والحكومة السويدية تركز بشكل كبير على السياسات الاجتماعية، والموارد البشرية، فهي لديها خصوصية بسبب وجود عدد كبير فيها من المهاجرين من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتركيبتها السكانية مختلفة عن بقية دول أوروبا، ويتم هناك تصنيف السياسات على أساس الاهتمام بالموارد البشرية . وتم اصطحاب منتسبي البرنامج للاطلاع على تجربة البرلمان السويدي، فهو صانع القرار هناك، وأي قرار لا يمكن أن يصدر من دون موافقة البرلمان عليه، وقاموا بجولة في وزارة التربية والتعليم في السويد واطلعوا على مرحلة التعليم المبكر ما قبل الروضة، والتعليم التخصصي (التقني) وقاموا بزيارة وزارة الدفاع ومركز الإحصاء الوطني . يقول النقيب جمال سالم سيف سالم الخاطري، رئيس قسم التخطيط والتطوير الاستراتيجي في وزارة الداخلية، وأحد المنتسبين لفئة قيادات المستقبل: تم ترشيحي للبرنامج من قبل وزارة الداخلية، وشاركت فيه بعد اجتيازي لعدد من التقييمات والاختبارات، وساعدني البرنامج على تطوير العديد من مهاراتي، وأهمها التواصل مع الآخرين، ومعظم الدورات التي حصلت عليها تتعلق بالعمل، والأمور الحياتية التي نعيشها، فساعدتني دورة المالية كثيراً في مجال عملي، حيث يتركز عملي كرئيس قسم التخطيط الاستراتيجي في إعداد الخطط والمبادرات بالقطاعات المختلفة في الوزارة، أحدثت الدورة نقلة نوعية في مستوى عملي، وفوجئ بذلك فريق العمل الذي يعمل معي . ويضيف: شاركت أيضاً في رحلة السويد، وأبهرت بمدى التقدم والتغير في ثقافة المجتمع السويدي . وأشارك مع بعض زملائي في إعداد خطة مشروع للمسؤولية المجتمعية، وتتضمن كيفية التعامل مع بعض أفراد من الجاليات المختلفة، والتي تأتي إلى الإمارات، وتغير من وظيفتها ولا تلتزم بالعادات والتقاليد التي تعبر خصوصيتنا، وسأركز خلال المشروع على بعض القضايا المهمة ومنها الاتجار في الأطفال، وسيدعمني المشروع الجديد الذي أصدره مجلس الوزراء "قانون وديمة" في ذلك، وسأتناول أيضاً في المشروع العنف ضد المرأة . بينما جمعة عبدالله حارب الفلاحي، نائب المدير التنفيذي في الهيئة العامة للطيران المدني، يقول: أفادني برنامج قيادات المستقبل بشكل كبير على مستوى العمل، والحياة العامة، فالإدارة بمفهومها الواسع لا تقتصر على إدارة المشاريع فقط، لكنها تتضمن إدارة الحياة والمجتمع ككل، والشكل الذكي هو الذي يستطيع تطويع كل ما اكتسبه في حياته بشكل عام، وأي عمل ولو صغيراً هو مشروع، ويجب أن نخطط له حتى ينجح . يضيف: تم ترشيحي من قبل الهيئة للاشتراك في الدورة بناء على معايير محددة، وبالفعل اجتزت الاختبارات الشخصية التي وضعها مسؤولو البرنامج، وعلى مستوى العمل ساعدني البرنامج في النظر إلى الأشياء من أكثر من منظور، فما تعلمناه من رؤسائنا في العمل يجب ألا يكون هو المنظور الوحيد الذي ننظر من خلاله لتطوير مشاريعنا، ما تعلمناه صحيح وليس خطأ لكن هناك أشياء كثيرة تضيف لنا عندما نتعلمها . يوضح أن البرنامج أفاد كثيراً في توسيع مدارك المنتسبين إليه وساعدنا على التطلع إلى ثقافات العالم المختلفة من خلال الزيارة التي قمنا بها إلى السويد، حيث تعرفنا هناك إلى نظام الحكومة الاسكندنافي، وأرى أن بلدنا لم يعد متخلفاً عن البلدان، فنحن لدينا نظام إدارة متطور، وعلى الرغم من وجود بعض الإيجابيات لديهم إلا أننا أيضاً لدينا إيجابيات كثيرة . ويستطرد: ينتهي البرنامج خلال نصف العام المقبل، وقمنا بتقديم خطة مشروع للمسؤولية المجتمعية تتضمن إنشاء مركز خدمات مجتمعية، وسيتم تقديم المشروع للجنة التي ستقوم بتقييمه، وربما يتم تنفيذه على أرض الواقع إذا حصل على الموافقة المطلوبة، وسيتبنى المركز العديد من الخدمات المجتمعية ومنها على سبيل المثال التبرع بالدم إذا تبين وجود أن هناك أزمة في بنك الدم . ويرى طلال محمد أحمد بن ناصر الطنيجي، مدير إدارة التخطيط الاستراتيجي والتميز المؤسسي في وزارة الخارجية، أن أهم ما يميز هذا البرنامج هو وجود الخبير الشخصي، والذي يرافق المنتسب طوال مدة البرنامج، ويقوم بعمل اختبارات الشخصية لمعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف، وكيفيفة تقويتها . وعن أهمية هذا الخبير وتأثيره في تطور شخصيته يقول: للأسف كان عملي يستقطع معظم اليوم، وبمعاونة الخبير استطاع أن يوجهني من خلال عملية إدارة الوقت إلى أنه لا ينبغي أن يطغى العمل على الحياة الأسرية، وبالفعل أصبحت أخصص جزءاً من يومي للاهتمام بأسرتي . وينصح الطنيجي المنتسبين للبرنامج بضرورة التحدث مع الخبير الشخصي في كل الموضوعات التي ربما يخجل منها البعض لأن مهمته هي تحقيق أعلى فائدة مرجوة للمنتسب للبرنامج . وعن الإيجابيات التي حققها البرنامج يقول: حقق البرنامج كثيراً من الإيجابيات ولعل أهمها أننا كوّنا صداقات عديدة مع زملائنا في البرنامج في مختلف الوزارات الاتحادية، وأصبحنا نتواصل سواء من خلال اجتماعاتنا أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما كان لرحلة السويد أكبر الدعم في تعزيز صداقتنا . وعن المشروع الذي سيتبناه هو وفريقه للمسؤولية المجتمعية يقول: فكر الفريق في مشروعات عدة ربما كان أبرزها التوجيه المرئي لطلبة الثانوية العامة، بحيث نتوجه إلى عدد من المدارس ونشرح للطلاب التخصصات المختلفة في الجامعات، ولكننا بعد إعادة التفكير فيه وجدنا أن هذا المشروع مؤقت، وفكرنا في مشروع آخر هو مركز الخدمة المجتمعية، والذي يدار من قبل مواطنين بحيث نقوم بنفع أكبر عدد ممكن من الأشخاص . وعن تأثير البرنامج في تطوير أدائه في العمل يقول الطنيجي: انضممت للبرنامج بناء على ترشيح من وزارة الخارجية، وبعد اجتيازي لعدة اختبارات في اللغة والتحليل النفسي والذكاء، تم قبولي في البرنامج وترقيت بعدها مباشرة لمدير إدارة التخطيط الاستراتيجي في الوزارة، والبرنامج يخدم العمل بشكل مباشر حيث أصقل مهاراتي من خلال الدورات المختلفة ومنها قيادة الذات والتخطيط الاستراتيجي وقوة التفاوض وغيرها الكثير، واستفدت من كل هذه الدورات في وضع الخطط الاستراتيجية والمبادرات في العمل، وكيفية ربط هذه الخطط بالموازنة المالية المخصصة . واستفدت أيضاً من دورة الاتصال والإعلام، حيث تدربت على كيفية إقناع الأشخاص بفكرتي والتواصل معهم . وحول أهمية رحلة السويد بالنسبة إليه يقول: زرت مختلف بلدان العالم لكن رحلة السويد كانت مميزة، حيث قمنا بزيارة المؤسسات الحكومية المختلفة واطلعنا على النموذج الاسكندنافي الذي يتميز بانخفاض معدلات الفقر، وتشغيل العمالة، وتحقيق النمو الاقتصادي، وقمنا بزيارة البرلمان السويدي وتعرفنا إلى علانية التصويت ومساءلة الوزراء والتزامهم بحضور جلسات البرلمان، وكنت أتمنى في هذا الصدد حضور أحد أفراد المجلس الوطني الاتحادي . ولفت نظري خلال الزيارة الربط بين مشاريعهم وكافة الخطط التشغيلية للحكومة، واطلعت أيضاً على الوكالة الوطنية السويدية للتربية والتعليم، ونموذج السويد في التعليم نموذج محترم يقوم على مبدأ المساواة من حيث إتاحة تعليم مدرسي لكل الطلاب بغض النظر عن جنسياتهم أو ظروفهم الاجتماعية . ويوافقه الرأي محمد عبدالله خميس أحمد المحرزي، رئيس وحدة تقييم الخدمات المؤسسية في وزارة شؤون الرئاسة، ويقول: أهم مميزات البرنامج هي التلاحم بين موظفي الجهات الحكومية الاتحادية، والتعرف إلى تجربة كل وزارة، وطريقة العمل داخلها . يضيف: من أهم الدورات التي حققت لي استفادة كبيرة هي دورة إدارة التغيير التي تبحث عن كيفية القيادة داخل المؤسسات الحكومية، ومنها كيفية قيادة فريق العمل، وتوصيل الأفكار له، وجعل بيئة العمل جاذبة وليست طاردة . وعن الإيجابيات المكتسبة في شخصيته من وراء هذا البرنامج يقول: ساعدني البرنامج كثيراً على تطوير مهارة التواصل مع الآخرين، والتي لم أكن أتقنها بالمهارة نفسها قبل اجتيازي دورات البرنامج، فتعلمت كيفية امتلاك مهارات التواصل مع كل المستويات وكيفية نقل الصورة أو الفكرة التي أبغي توصيلها بشكلها الصحيح .