يسعى النظام السوري للسيطرة على الريف الغربي لمحافظة حمص، ويبقى أمامه بلدة الزارة التركمانية الصغيرة، والتي تتوقع قوات النظام دخولها خلال 48 ساعة رغم المواجهة العنيفة مع المعارضة المسلحة. تلة ابو علي: على تلة ابو علي الواقعة على بعد كيلومترات من قلعة الحصن في وسط سوريا والتي سيطرت عليها قوات النظام الاربعاء، يقول عسكريون انهم يستعدون لاقتحام بلدة الزارة التركمانية الصغيرة المقابلة، في خطوة على طريق "تطهير" ريف محافظة حمص الغربي من مجموعات المعارضة المسلحة. على محور القتال في التلة الجرداء المطلة على الزارة، يقول قائد الجبهة من جيش الدفاع الوطني الموالي للنظام وهو يشير الى البلدة ذات الغالبية التركمانية التي هجرها كل سكانها نتيجة المعارك، "تمكن الجيش من السيطرة على التلال المحيطة بالبلدة، وبالتالي باتت الزارة في حكم الساقطة عسكريا". ويتوقع القائد الذي قدم نفسه باسم ابو علي "دخول البلدة في مدة أقصاها 48 ساعة أو مع بداية الاسبوع القادم كحد أقصى". وافادت مصادر عسكرية اليوم الخميس ان قوات النظام وجيش الدفاع الوطني تقدمت الى مدخل الزارة من الجهة الغربية في ظل اشتباكات عنيفة مع مجموعات المعارضة المسلحة في البلدة. وبثت تنسيقية قرى تركمان حمص التابعة للمعارضة على صفحتها على "فيسبوك" خبرا عاجلا بعد الظهر تحدث عن "هجوم كبير لعناصر الشبيحة مع تغطية نيرانية كبيرة"، مشيرة الى ان "عدد الشهداء تجاوز العشرة"، والى انه "الهجوم الاقوى" على البلدة. كما اشارت الى "نداءات استغاثة تطلق من البلدة". وبدأت قوات النظام معركة الزارة منذ أكثر من شهر. وتشكل البلدة الواقعة على بعد 53 كيلومترا غرب مدينة حمص مع ثلاث بلدات أخرى صغيرة وقلعة الحصن التاريخية، المساحة الوحيدة المتبقية في ريف حمص الغربي تحت سيطرة مسلحي المعارضة. وهي محاطة ببلدات ومدن تحت سيطرة القوات الحكومية. ويؤكد قائد ميداني في جيش الدفاع الوطني فضل عدم الكشف عن اسمه ان "السبب الذي أدى االى اتخاذ قرار فتح هذه الجبهة هو قيام المسلحين بتفجير خط نقل المحروقات العابر للبلدة والذي يقوم بتغذية المصفاة وسرقة كميات من المازوت بشكل دوري، اضافة إلى قطع اسلاك التوتر العالي للكهرباء، وازدياد تهديدات المسلحين للقرى الآمنة المحيطة". ويضيف "كما أن السيطرة على الزارة والحصن لاحقاً تعني تطهير الريف الغربي من حمص بشكل كامل من المسلحين وعلى امتداد كافة المساحات وصولا إلى الساحل، ما يعزز أمن الطريق الدولي بين الساحل ودمشق مروراً بحمص". على الطريق المؤدية الى التلة تبدو آثار القصف والمعارك في المنازل الصغيرة المتناثرة هنا وهناك. وتسمع في كل ارجاء المنطقة اصوات الاشتباكات والانفجارات. ويقول ابو علي ان اشتباكات الاربعاء كانت "الأكثر شراسة منذ بداية المعركة". وتتحرك قوات الدفاع الوطني على أكثر من جبهة في محيط الزارة تؤازرها آليات ثقيلة للجيش السوري تتمركز خلف سواتر ترابية تم تكديسها في جنوب البلدة وشرقها. على المحور الجنوبي، يمكن مشاهدة تحصينات أقامها المقاتلون في الجانب الآخر في الجبال ذات الطبيعة الوعرة التي تنتشر فيها أشجار الزيتون وحجارة الصوان الصلب. وحسب أبو علي، فإن "تضاريس المنطقة والتحصينات العسكرية التي تمكن المسلحون من اقامتها بسبب طول مدة وجودهم في المنطقة وانتماء عدد كبير من أبناء البلدة الى المجموعات المحاربة ضد الدولة، عوامل ساهمت في اطالة فترة المعارك". في المنطقة التي تقدمت اليها اخيرا قوات النظام، تم العثور على ثلاثة خنادق تحت الارض يمتد احدها على مسافة نحو مئة متر تقريباً، وفي نهايته غرفة كبيرة مجهزة بمدخنة للمولد الكهربائي ومدفأة مازوت. ويقول مقاتلو جيش الدفاع الوطني ان المسلحين باتوا في وضع صعب، ما دفع بعضهم الى الاستسلام والبعض الآخر الى طلب التفاوض على مخرج. في غرفة القيادة والعمليات في منطقة الزارة، يتحدث قائد عمليات الدفاع عبر جهاز لاسلكي كان بحوزة أحد مقاتلي مجموعات المعارضة الذين قتلوا في معارك الثلاثاء الى قائد مجموعة مسلحة في الزارة يعرف عن نفسه باسم نادر. ويطلب المتحدث هدنة موقتة، ثم يتحدث عن امكانية تسليم البلدة مقابل السماح لمقاتليه بالعبور الى الأراضي اللبنانية. وللريف الغربي لحمص حدود مع لبنان توجد عليها معابر وعرة غير قانونية. واشار القائد الميداني الى "استسلام ما يقارب 43 مسلحا". ولا يملك المقاتلون الموجودون في الزارة، في حال قرروا الانسحاب طريقا الا الى قلعة الحصن المجاورة او الى لبنان عبر منطقة وادي خالد ذات الغالبية السنية والمتعاطفة اجمالا مع المعارضة السورية. علما ان "جبهة النصرة" تسيطر على قلعة الحصن، ولا توجد علاقات جيدة بينها وبين الكتائب المقاتلة الموجودة في الزارة. على فيسبوك، تندد تنسيقية قرى تركمان حمص ب"الاستغلاليين والاستسلاميين" وب"الغدر والخيانة" مقابل الصامدين ببنادقهم في الزارة، معتبرة ان "الاعداء نجحوا في تفرقتنا واضعاف شوكتنا". ايلاف