منة عصام رغم الانتقادات التى تعرض لها المخرج اللبنانى جو بوعيد وفيلمه «تنورة ماكسى» من قبل إعلاميين ورجال دين فى لبنان بسبب مناقشة العمل لشاب كان فى طريقه ليصبح قسيسا فى الكنيسة ولكنه يقابل فتاة تغير مجرى حياته وتصبح شغله الشاغل ولا يتوقف عن التفكير فيها حتى وهو أمام تمثال العذراء فى الكنيسة، إلا أن مخرجه يرى أن الفيلم دينى بحت وأن فصل بعض المشاهد عن سياقها ازمة خطيرة رافضا الرد على من وصفهم بمتطفلين على الإعلام أو رجال دين يأخذون قشور الدين فقط، وفى هذا الحوار يكشف المخرج مزيدا من الأسرار عن فيلمه الحاصل على شهادة تقدير كأفضل رؤية بصرية سينمائية من مهرجان القاهرة السينمائى. فى البداية.. أكد بوعيد ان الفيلم مستقل، وجاءتنا مساعدات مالية من مهرجان دبى، وللأسف فى لبنان لا يوجد دعم للسينما لأن الحكومة حتى اذا اعطتك دعما فإنه ليس كافيا وجاء طول المدة نتيجة تصوير الفيلم على مرحلتين بفارق زمنى سنتين بينهما. الا ترى ان الفيلم جرئ فى القضية التى يطرحها؟ الحرية لا تتعارض مع المبادئ والأخلاق، لأنها ترسخ الايمان اكثر وتجعل الانسان يتطور، وارفض وضع المجتمع العربى فى خانة واحدة واقول انه يتقبل اشياء ويرفض اخرى، فلابد أن نكون مجتمعات عالمية لا ننطوى على انفسنا، فمثلا السينما الايرانية رغم أنها لا تحتوى على عرى أو غيره ولكن افكارها جريئة وتتعامل مع موضوعات مهمة، ومع الأسف كثيرا ما نتعامل مع القشور وننسى الجوهر، وفى «تنورة ماكسى» هناك مشاهد حميمية ولكن ليس بها ابتذال أو اثارة للغرائز. كما أنه كيف لنا كمخرجين ان نغمض اعيننا عما هو موجود فى الواقع. لماذا اعتمدت بكثرة على الحوار المحسوس وليس المباشر؟ لو قدمت الفيلم بذات الطريقة التى قدمها اخرون من قبل فسأصبح وقتها مجرد تاجر اكذب على الناس واستغل وقتهم لأربح المال والشهرة فقط، وانا ارفض هذه المسألة، أردت طرح الموضوع من خلال الحوار المحسوس لأرى كيف سيتعامل الناس معه وكيف سيتقبلونه. فى الحقيقة كان عندى قرار منذ البداية ان احكى قصة والدى ووالدتى اللذين هما بالنسبة لى ايقونة والايقونات يكون الصوت فيها خافتا ولذلك جعلت الحوار محسوسا وقليلا، والسينما فى النهاية عبارة عن لوحة زيتية تعبر عن نفسها، ولماذا قصدت الإيقاع السريع اللاهث للكاميرا؟ لإبرز حقيقة ان الإنسان وقت الحرب يريد ان يمر الوقت بسرعة، ووقت الحرب مفهوم الحياة لدى الانسان يتغير ويغيب التخطيط للمستقبل ويصبح الشغل الشاغل التفكير فى اللحظة التى يعيشها فقط، وكان لابد ان تكون حركة الكاميرا سريعة. بالاضافة لشىء مهم وهو ان الفيلم عبارة عن رحلة للماضى فى خيال الطفل الصغير، وفى الحلم تكون الافكار مبعثرة وسريعة للغاية. كان الشغل الشاغل لأبطال الفيلم هو البحث عن شهواتهم وملذاتهم طوال الأحداث ولم يتقدموا خطوة إيجابية واحدة.. لماذا؟ الناس تذهب احيانا ناحية رغباتهم لعدة اسباب اولها ان الحرب تغير مفهومنا للحياة، وعلى الرغم من هذا فإن وقت الحرب يحتوى أيضا على تناقضات كثيرة، فهناك كثيرون يبحثون عن ملذاتهم بينما يبحث اخرون عن التقرب اكثر إلى الله ويصلون اكثر من أى وقت مضى، وهذه التناقضات لا يمكننى تصويرها الا كما ورد فى الفيلم. وفى الحرب يصبح المفهوم الاكبر هو اللامبالاة، فأنا لم اظهر فى الفيلم أى دم يسفك ولا اضع كاميرا على ام تفقد اولادها وصراخ وعويل، ولكننى وضعت الكاميرا على فقدان القيم التى هى فى معزة فقدان الارواح. هناك مشاهد جريئة على المستوى البصرى والدينى ايضا؟ مع الأسف هناك إضاءة إعلامية على مشهدين بالذات ولم يروا غيرهما، رغم أن الفيلم عُرض على عدد من الآباء واللبنانيين ولم ينزعجوا، فالمشهد الأول تظهر الفتاة فيه تتشمس على سطح بيتها وتدهن الكريم اما القسيس يقرأ الانجيل للتلاميذ على سطح بيت اخر بعيد جدا عنها، ولكننى اردت ان اوصل للمشاهد انهما متقاربان من خلال الصورة لإيضاح انه يفكر دائما بها وهى فى خياله باستمرار. بالنسبة للمشهد الثانى فقد دار داخل دير وليس كنيسة، ومن وجهة نظرى ليس الحجر هو من يصنع مكانا مقدسا، فالكنيسة اذا لم يتواجد بها القربان المقدس فهى مجرد بيت عادى مبنى من حجر، ولو كنا نذهب للكنيسة من اجل عبادة هذا الحجر فإذن نحن وثنيون،، وحتى هذا المشهد لم يكن بالجرأة الكبيرة المصورة فى الإعلام، ولم اوضح فى الفيلم ما اذا حدث بينهما فى الحقيقة ام انهما يتخيلان بعضهما فى وضع حميمى ولذلك غفرا هذه الخطيئة ثانى يوم بزواجهما. واضاف «انا لا ادافع عن المشهدين، فالفيلم ليس به مشهد واحد يمس الدين، لأن لو كان به ما يمس الدين فلم اكن لأصوره أصلا. وهل حصلتم على موافقات دينية على الفيلم؟ لم يكن لدينا رفض دينى للفيلم أبدا، ولكن بعض الأطراف السياسية والأحزاب هى من هاجموه، وما حدث أننى عرضت تاريخ حزب لبنانى يمينى كان يحكم فى هذه الفترة منطقة معينة فى لبنان.. فما ذنبى أنا.. هل أغير هذه الحقيقة التاريخية لأرضيهم؟. وأضاف «هناك تناقض كبير جدا، فهناك من الناس من نظروا إلى الفيلم على أنه إيمانى جدا ومنهم من وجده بعيدا تماما عن الدين، وهنا يكمن جمال الفن لأن كل واحد يفهم الفيلم من وجهة نظره وكلاهما يجب احترامه». ولماذا توقف عرض الفيلم فى لبنان بعد عرضه؟ كانت هناك بعض المناشدات من أطراف سياسية بضرورة وقف الفيلم، وفى الحقيقة الفيلم توقف لمدة يومين فقط وشاهدته لجان، وطلبوا فقط وضع غمامة على بعض المشاهد ولكن لم يتم حذف شىء منه، ولا داعى لإيقافه، ولسوء الحظ فى لبنان عندنا طوائف كثيرة وبالتأكيد لن استطيع إرضاء الجميع.