عدن فري|رويترز: قالت وسائل إعلام روسية رسمية إن ابناء القرم صوتوا يوم الأحد بأغلبية كاسحة لصالح الانفصال عن أوكرانيا والانضمام الى روسيا في حين اتهمت كييف موسكو بإرسال قوات ضخمة الى شبه الجزيرة وحذرت زعماء الانفصاليين من أن "الأرض ستحترق تحت أقدامهم". وقالت وكالة الإعلام الروسية نقلا عن استطلاع لآراء الناخبين لدى خروجهم من مراكز الاقتراع إن 93 في المئة صوتوا لصالح الانضمام. وانتهى التصويت في الثامنة مساء (1800 بتوقيت جرينتش). وقالت كييف التي وجدت نفسها وسط أزمة بين الشرق والغرب تعيد إلى الأذهان الحرب الباردة أن حشد روسيا لقوات في منطقة البحر الأسود يمثل "انتهاكا صارخا" لمعاهدة دولية وأعلنت عن خطط لتسليح وتدريب 20 ألف فرد من قوة الحرس الوطني التي شكلت مؤخرا للدفاع عن البلاد. وأبلغ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري موسكو بأن واشنطن لن تقبل نتائج التصويت التي ستأتي على الأرجح لصالح الوحدة مع روسيا. وحذر البيت الأبيض موسكو من توقيع عقوبات في حين سيقرر وزراء خارجية الإتحاد الأوروبي -الذي يقيم علاقات تجارية كبيرة مع روسيا- إجراء مماثلا في اجتماع يعقد في بروكسل يوم الاثنين . لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفض الاتهامات الغربية بأن الاستفتاء غير قانوني قائلا إن الاستفتاء يحترم إرادة سكان القرم في حين قالت وزارة خارجيته إنها تتفق مع الولاياتالمتحدة في السعي للتوصل إلى حل للأزمة من خلال إصلاحات دستورية. وفي كييف هدد رئيس الوزراء ارسيني ياتسينيوك بعواقب وخيمة للسياسيين في القرم الذين دعوا إلى التصويت قائلا إن "زعماء العصابة" الانفصالية يرغبون في تدمير استقلال أوكرانيا "تحت غطاء القوات الروسية". وقال في اجتماع لمجلس الوزراء "سنظفر بهم جميعا حتى اذا استغرق الأمر عاما أو عامين وسنقدمهم للعدالة ونحاكمهم أمام المحاكم الأوكرانية والدولية. ستحترق الأرض من تحت أقدامهم." وكان ياتسينيوك عاد للتو من زيارة للولايات المتحدة حيث حصل على تأييد معنوي ولكن دون أي عروض بتقديم أسلحة. وعجزت كل من أوكرانيا والحكومات الغربية عن منع الاستفتاء أو الحيلولة دون حشد روسيا لقواتها في الأراضي الأوكرانية. وكان حكام كييف الجدد الموالون لأوروبا تولوا السلطة بعد سقوط الرئيس فيكتور يانوكوفيتش المدعوم من موسكو الشهر الماضي في انتفاضة شعبية. وفي مركز اقتراع بمدرسة في سيمفروبول العاصمة الاقليمية للقرم اصطف عشرات الناخبين للتصويت في الصباح الباكر. وقالت سفيتلانا فاسيليفا وهي ممرضة تبلغ من العمر 27 عاما "صوت لصالح روسيا.. هذا هو ما كنا ننتظره ونريد أن نعيش مع أشقائنا." وعبرت فاسيليفا عن مخاوف شائعة بين بعض مواطني أوكرانيا من ذوي الأصول الروسية من تبعات سقوط يانوكوفيتش بعد احتجاجات قتل فيها أكثر من 100 شخص. وأضافت "نريد أن نترك أوكرانيا لأن الأوكرانيين قالوا لنا إننا مواطنون درجة ثانية .. كيف يمكنك البقاء في دولة كهذه؟" لكن التتار وهم مسلمون سنة يشكلون نحو 12 في المئة من سكان القرم قالوا إنهم سيقاطعون الاستفتاء على الرغم من تعهد السلطات المحلية بإعطائهم مساعدات مالية وحقوقا مناسبة في تملك الأراضي. وقالت شيفكايي أسانوفا وهي من تتار القرم وفي الأربعينيات من العمر "هذه أرضي. هذه أرض أجدادي. من يسألني إن كنت أريدها أو لا؟ من يسألني؟ سأظل طوال حياتي ألعن من جلب هؤلاء الأشخاص إلى هنا. لا أعترف بذلك على الإطلاق. سألعنهم جميعا." وكان أمام الناخبين في القرم البالغ عددهم 1.5 مليون خيارين اما الوحدة مع روسيا أو منح منطقتهم التي يسيطر عليها ساسة موالون للكرملين الحق في تحديد مصيرها واختيار إقامة علاقات مع من تريد بما في ذلك موسكو. وستعلن النتائج المؤقتة في ساعة متأخرة مساء الأحد ويتوقع أن تعلن النتيجة النهائية بعد يوم أو يومين. ولروسيا حق الاحتفاظ بقوات في شبه الجزيرة الواقعة في البحر الأسود بما في ذلك في قاعدتها البحرية في ميناء سيفاستوبول بموجب اتفاقية وقعت بعد نيل أوكرانيا الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي بعد انهياره عام 1991. لكن ايهور تنيوخ القائم بأعمال وزير الدفاع الأوكراني اتهم موسكو بتجاوز الحد المتفق عليه بشأن الجنود الذي قال إنه 12 ألفا و500 لعام 2014. وقال تنيوخ "للأسف أنه في فترة قصيرة جدا زاد العدد من 12500 إلى 22 ألفا. هذا انتهاك صارخ للاتفاقيات الثنائية ودليل على أن روسيا أرسلت قواتها بصورة غير قانونية إلى أراضي القرم." وكان العدد بلغ يوم الجمعة 18400 جندي. وقال لوكالة انترفاكس للأنباء "دعوني أقول مرة أخرى ان هذه أرضنا ولن نبرحها." وقال تنيوخ في وقت لاحق إن وزارتي الدفاع في كييف وموسكو أعلنتا عن هدنة حتى 21 مارس آذار تبتعد القوات الروسية التي وصلت بحرا وبواسطة طائرات هليكوبتر بموجبها عن المنشآت العسكرية الأوكرانية. ويأمل كثير من سكان القرم أن تجلب لهم الوحدة مع روسيا رواتب أفضل وتجعلهم مواطنين في بلد له ثقله على الساحة الدولية. لكن آخرين يرون أن الاستفتاء ليس سوى استيلاء من الكرملين على أراض من أوكرانيا التي يريد حكامها الجدد الاقتراب بها من الاتحاد الأوروبي والابتعاد بها عن الهيمنة الروسية. ودافع بوتين عن التصويت في اتصال هاتفي يوم الأحد مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل قائلا انه يتفق مع القانون الدولي بما في ذلك المادة الأولى من ميثاق الأممالمتحدة التي تنص على مبدأ حق الشعوب في تقرير المصير. وقال بيان للكرملين "نؤكد ان روسيا ستحترم خيار مواطني القرم." ويقول بوتين إنه يجب ان يحمي السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا من "فاشيين" في كييف أطاحوا بيانوكوفيتش. وترفض القوى الغربية التي تعد عقوبات اقتصادية ضد موسكو بسبب القرم توصيفه للسلطات في كييف بأنهم خلفاء للقوات الأوكرانية التي تحالفت مع النازي وقاتلت الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية. وحث وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كيري يوم الأحد على تشجيع السلطات في كييف على وقف ما سماه "الفوضى العارمة" ضد السكان الذين يتحدثون الروسية. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن لافروف وكيري اتفقا في ثاني مكالمة بينهما خلال يومين على السعي لإيجاد حل للأزمة من خلال الحث على إجراء اصلاحات دستورية في أوكرانيا. لكن مسؤولا كبيرا بوزارة الخارجية الأمريكية قال إن كيري أبلغ لافروف بأن الولاياتالمتحدة لن تقبل بنتائج الاستفتاء وإن على روسيا ان تعيد قواتها إلى قواعدها. وحذر البيت الأبيض بوتين أيضا من انه سيواجه عزلة دولية ستضر باقتصاد بلاده. وقال دان فايف المستشار الكبير بالبيت الأبيض في تصريحات لمحطة ان.بي.سي مخاطبا فيها بوتين "تستطيع ان تتوقع الإعلان عن عقوبات في الايام القادمة." وتستعد الإدارة الأمريكية لتحديد هوية الروس الذين ستسعى الولاياتالمتحدة لمعاقبتهم بمنعهم من الحصول على تأشيرات سفر وتجميد أصولهم وهو ما أجازه الرئيس باراك أوباما الاسبوع الماضي. وفي باريس طالبت فرنساروسيا باتخاذ اجراءات فورية لخفض حدة التوتر "غير المبرر والخطير" في أوكرانيا ووصفت الاستفتاء الذي جرى في منطقة القرم للانفصال عن أوكرانيا بانه غير قانوني. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان "يجب عليها (روسيا) أن تقر بسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها..تدعو فرنسا الاتحاد الروسي إلى اتخاذ اجراءات لتجنب التصعيد غير المبرر والخطير في أوكرانيا." وفي الأممالمتحدة صوت 13 عضوا في مجلس الأمن الدولي على مسودة قرار يوم السبت تدعو إلى عدم اعتراف المجتمع الدولي بنتيحة استفتاء القرم لكن موسكو استخدمت حق النقض (الفيتو) في حين امتنعت الصين عن التصويت. ويبدو أن التوترات بشأن القرم امتدت الى الفضاء الالكتروني. وقال حلف شمال الأطلسي إن متسللين مجهولين عطلوا عدة مواقع الكترونية تابعة للحلف يوم السبت. وبعيدا عن القرم زاد التوتر في أجزاء من شرق أوكرانيا الذي يتحدث أغلب سكانه اللغة الروسية قرب الحدود مع روسيا واندلعت اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين ومعارضين لموسكو. واقتحم متظاهرون موالون لروسيا في شرق أوكرانيا مبان عامة وأحرقوا كتبا للغة الأوكرانية يوم الأحد في احتجاجات جديدة بعد اشتباكات عنيفة شهدتها المنطقة الأسبوع الماضي. عدن فري