بعد أحداث غزة الأخيرة كان لا بد من طرح هذا التساؤل: هل حركة الجهاد الإسلامي التي بادرت بإطلاق الصواريخ العبثية والتي سقطت على مناطق خالية في إسرائيل أو قرب بعض المستوطنات ولم تؤد إلى أية خسائر مادية أو بشرية كانت تهدف حقاً إلى استعادة أجواء المقاومة وتنشيط ردع الاحتلال كأسلوب لاستعادة الحقوق، أم أن لها أهدافاً أخرى لا علاقة لها بالتحرير أصلاً؟ من الصعب تصديق نيات أولئك الذين بادروا لرمي هذه الصواريخ والقول إن بحوزتهم مشروعاً متماسكاً وممتد الأجل للمقاومة، ليس فقط لأن هؤلاء لا علاقة لهم بالأجندة الفلسطينية، أو أنهم عودوا الناس على استعمال سلوك التصعيد المحتقن مع إسرائيل كلما لزم الأمر، وليس لأن مشروع المقاومة ينبغي أن يؤسس كمشروع طويل المدى لا مجرد الاكتفاء ببضع صواريخ موسمية غير مخطط لها بعناية ثم الركون لحالة الاسترخاء والهدوء بعدها وطلب وقف إطلاق النار، بل لأن مشروع المقاومة الأصلي والمطلوب على أرض الأزمة بحاجة إلى تهيئة الشعب الفلسطيني بأكمله له وتحضيره بكل بناه الفوقية والتحتية للسير قدماً في هذا المشروع. لماذا لم تتم استشارة أهالي غزة المتضررين قبل إطلاق تلك الصواريخ، وكيف تم القفز على إرادة الأهالي هناك وتجاهل أصواتهم؟ أم أنها مقاومة منفصلة تخص طرفاً دون الآخرين؟ فما دامت بهذا الإجراء الارتجالي والعشوائي فلا حاجة لها. هذه صواريخ عبثية وإملاءات مطلوبة ولا علاقة لها بأهداف المقاومة والتحرير، نحن أمام حصيلة «صفر» من جراء إطلاق هذه الصواريخ غير مُحكمة التوجيه، إضافة إلى أنها تؤدي خدمة عظمى للآلة العسكرية الإسرائيلية لتمارس رد فعل قاسياً لا يتلاءم مع حجم الفعل، وعادة المشهد الأخير هو المعيار. الرد بالقليل من «شماريخ» الأعياد في مناطق خالية أمر مخزٍ، وهو أمر غير مرتبط باستراتيجية مقاومة فلسطينية شاملة وموحدة ومتفق عليها من الجميع أو الأغلبية، إضافة إلى أنها بشكلها الحالي لا تفعّل من إجراء المقاومة الحقة بحال، لكن من يتحمل نتائجها الكارثية عادة هم الناس المستبعدين عن أي قرار سياسي يخص مصائرهم، بينما يتوارى المنفذون في أماكن بعيدة للاحتماء من رد الفعل ويتهربون من المواجهة، وهذا دأب أصحاب الأجندات الخارجية في الساحة الفلسطينية، فهؤلاء لا يعنيهم أبداً التخطيط لمشروع مقاومة فاعل يرتص الشعب جميعه تحت لوائه، لكنهم يشتغلون حسب الطلب، وبصورة مسيئة لمشروع المقاومة الذي ينبغي أن يسير الجميع وفقه ويتهيأ له ويمارس حقه في الاختيار والإقرار بلا احتكار ممارسات عشوائية تتطفل على رغبات البقية وتهدد أمنهم وأمن ممتلكاتهم. The post مقاومة موسمية حسب الطلب appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية