«مشيت حافياً عند وصولي إلى فلسطين، مع أنني لاأزال غير مصدّق أنني وصلت، إلا أنني دخلتها حافياً لأعود كما خرجت، وكأن الوقت توقّف فلا ماضٍ، فأنا هنا». هذا ما قاله الزميل الشاعر والقاص إبراهيم جابر إبراهيم في الندوة التي أقامها واستضافه بها متحف محمود درويش في رام الله، أخيراً، ضمن مشروع «مبدع في حضرة درويش»، التي أدارها الدكتور إيهاب بسيسو. استهل بسيسو الندوة بالحديث عن إبراهيم الإنسان ومع بدايات المنفى والعودة الى الوطن، منذ البدايات الأولى والإطلالات الأولى لإبراهيم الكاتب في الأردن التي شكلت الإرهاصات الأولى كما وصفها لمشوار إبراهيم الأدبي والإبداعي، متطرقاً في حواره معه عن مصادر تشكّل الوعي في الحس الإبداعي لديه ليس فقط سياسياً وانما منذ الطفولة ايضاً والشخصيات التي أثرت وتركت بصمتها في كيانه ونشأته وقراءاته، والهاجس أو الحلم الذي كان يستحوذ عليه. قصة وشعر ومسرح يعمل إبراهيم جابر إبراهيم صحافياً منذ عام 1989، وتولى العديد من المواقع، ويعمل الآن في جريدة «الإمارات اليوم»، وكان مدير تحرير الثقافة والفنون في صحيفة، ومؤسس ملحق مشارف الأسبوعي في جريدة «العرب اليوم». وعمل سكرتير تحرير في جريدة «الدستور»، وكان عضو هيئة تحرير مجلة «عمان»، ورئيس تحرير مجلة «أوراق». واختير أميناً للثقافة والإعلام والنشر في الهيئة الإدارية لرابطة الكتاب الأردنيين. حصل على جائزة محمد تيمور لأفضل كاتب مسرحي عربي عام 2000 (المركز الأول) من الهيئة العامة المصرية للكتاب في القاهرة، عن مسرحيته «حديقة الموتى». بما يخص شعوره بالعودة الى الوطن، قال إبراهيم: «خرجت من الوطن الى المنفى حافي القدمين، فقررت العودة حافياً لأعود كما خرجت ولأستشعر كل ذرة تراب حتى إنني أكلت من التراب، تراب عقبة جبر، عند وصولي إليها لأتشبع به ولأسكنه، وذلك أن مسقط الرأس له رمزية مختلفة، فالحنين إليه مختلف عن الحنين الى الوطن، وله رمزية خاصة فهو المكان المقدس والأقدس». أما عن المنفى، فقال إنه «كان بطعم الدم»، إذ إن كل لاجئ فلسطيني يعيش شعوراً من المعاناة مختلفاً عن الآخر، مع أن مستوى المعاناة متعادل، إلا أن نوع المعاناة يختلف طبقاً لاختلاف المكان أو الشخص نفسه، وتجربة الفقد التي عايشها كل منهم، مخاطباً الحاضرين «ربما فقدتم كل شيء هنا، لكنكم لم تفقدوا الأرض»، موضحاً أن المنفى هو فقدان الأرض وشعور الغربة الذي يحسه كلما وطأت قدماه أرضاً أخرى غير أرض فلسطين. وعن مصادر الوعي، أشار الشاعر والقاص إبراهيم جابر إلى أن «مدارس وكالة الغوث شكلت الوعي الأول بأساتذتها الذين كانوا غير مكتفين بدورهم كأكاديميين، وانما كانوا يلعبون دور المناضلين أيضاً. وهذه بحد ذاتها كانت نقطة مهمة جداً تمنح الطالب مبرراً لوجوده في هذا الكون». ومن هنا فقد قام بإهداء أول إصدار له لمعلم اللغة العربية في الصف الرابع الابتدائي، وكان ذلك الإصدار يشكل أول بداياته الكتابية بعد حصار بيروت. وعن القراءات التي تأثر بها، قال: «كنا نقرأ ما يتوافر وليس ما نختار»، مضيفاً أن هذا ما شكّل لديه أهمية شمولية القراءة التي تشكل قاعدة واسعة من المعرفة، مع أن كتابات وأشعار محمود درويش تركت الأثر الأكبر فيه، وتركت أثراً خاصاً من بين قراءاته المتنوعة، ليكون هاجسه الأكبر في كتاباته الشخصية هو كيف يستطيع بأن يكون فلسطينياً عادياً بأن يخدم القضية لا أن يسوقها. اختتمت الندوة بقراءات قدمها إبراهيم لنصوص قصيرة مختارة عن المنفى وعن العودة إلى الوطن، تبعتها قراءات شعرية لقصائد من ديوانه الجديد، وبمداخلات الحضور الذين رحبوا بصديقهم وابنهم على أرضه فلسطين. يذكر أن إبراهيم جابر إبراهيم ولد في مخيم عقبة جبر في أريحا بفلسطين سنة 1966، لأبوين لاجئين من قرية اسمها «النعاني» قضاء الرملة، وخرج مع النازحين إلى الأردن بعد حرب 1967، وعاش 40 سنة في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في عمّان. الامارات اليوم