يبدو أن الأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة العربية لم تترك مجالاً إلا وتركت بصمة واضحة عليه، فحتى الشعر لم يسلم من تأثير الربيع العربي وتداعياته، الذي اصبح موضوعاً مفضلاً لدى عدد غير قليل من الشعراء، ولم يقتصر الأمر على الشعر الفصيح، لكنه امتد إلى الشعر النبطي كذلك، وهو ما ظهر في قصائد الشعراء المشاركين في المسابقة الأشهر للشعر النبطي «شاعر المليون»، سواء في الموسم السادس الذي تجري منافساته حالياً، أو حتى في الموسم الماضي. في هذا العام من برنامج «شاعر المليون» حضرت السياسة في شعر بعض المتسابقين، خصوصاً شعراء سورية، الذين كانوا هم الاكثر ميلاً لاستحضار السياسة وهموم الوطن في أشعارهم، من واقع تأثرهم بمعاناة سورية وأهلها، فقدم الشاعر السوري طلال بن عون قصيدة بعنوان «رسالة إلى البلاد»، وصف فيها ثورات الربيع العربي بأنها ربيع الموت لأنها تسببت في بحور من الدماء في الدول العربية، (السلام اللي عن دياري تنحى غيمه/ بعد ما غنى ربيع الموت وسط دياري)، كما انتقد في قصيدته رجال الدين الذين يطلقون الفتاوى التي تحرض الشباب على حمل السلاح في الدول العربية، ليقتلوا غيرهم وتذهب زهرة شبابهم في هذه الحرب الدامية. كذلك حمل الشاعر على جماعة الإخوان المسلمين ودورها في نشر الفوضى في المنطقة. وعقب عرض الحلقة التي أذيعت على الهواء مباشرة من مسرح شاطئ الراحة من أبوظبي، أثارت قصيدة بن عون جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى المنتديات الشعرية الأدبية على الانترنت، وتعرّض الشاعر السوري لحملة هجوم حادة بسبب انتقاده لجماعة الإخوان المسلمين ودورها، ولم يقتصر الأمر على الهجوم على الانترنت، لكنه أيضاً تلقى، بحسب ما أشار، اتصالات هاتفية من أرقام عبر الإنترنت تتوعده بالعقاب إذا ما سافر إلى سورية، رغم انه أكد للمتصلين به أنه ليس في صف النظام السوري، وكذلك ليس مع المعارضة، لكنه يتألم لمشهد بحور الدم والدمار الذي حل ببلده، مشيراً إلى ان القصيدة التي قدمها يهدف منها التغني بالسلام، وأمله في إخماد الفتنة التي اشتعلت نيرانها في بلده. الشاعر محمد قاسم الحجاجي قدم تحية لروح د. سمية الثلايا التي اغتيلت في حادثة تفجير مستشفى في اليمن، من خلال قصيدة (سلاسل، ودمعة مخملية)، التي طغت عليها أجواء الحزن والكآبة، ورغم أن الشاعر حدد الجريمة التي يتحدث عنها: هذه الجريمة «المسعورة» التي ارتكبتها «كف الغدر»، لتذهب سمية ضحية لوفائها نحو مهنتها ووطنها، بحسب ما جاء في الأبيات. الشاعر محمد قاسم الحجاجي قدم تحية لروح د. سمية الثلايا التي اغتيلت في حادثة تفجير مستشفى في اليمن، من خلال قصيدة (سلاسل، ودمعة مخملية)، التي طغت عليها أجواء الحزن والكآبة، ورغم ان الشاعر حدد الجريمة التي يتحدث عنها: هذه الجريمة «المسعورة» التي ارتكبتها «كف الغدر»، لتذهب سمية ضحية لوفائها نحو مهنتها ووطنها، بحسب ما جاء في الأبيات، إلا أن الهم والألم في الأبيات كان يمكن ان ينطبق على حال العديد من البلدان العربية الأخرى، إضافة إلى حالة الحيرة التي وصفها الشاعر في ختام القصيدة، (على وين؟ ما ندري خطاويك مجروره - ولا باين نجوم بهالليل ترقا بك)، وهي حالة تنطبق على مختلف الدول التي شهدت أحداث الربيع العربي. وفي الحلقة الخامسة من «شاعر المليون» التي أذيعت الاربعاء الماضي؛ لم يبتعد الشاعر السوري حامد الكوكو، عن الموضوع الذي طرقه مواطنه بن عون سابقاً، فألقى قصيدة بعنوان (ما رح يرجعوا)، قدم فيها لوحة لبلده سورية قبل الأحداث، حيث وصفها (بالجنة فيها النسيم يداعب أوراق الشجر)، وما أصابها عقب ذلك من دمار وحروب ودماء، مشيرا إلى أن الربيع العربي انقلب خريفا، مشيراً إلى ان ربيع العرب لم يأتِ بالعطر، كما العادة، حتى وروده كشرت للناس عن أنيابها، وبات الوطن يفقد أبناءه بين أكفان الموت وحجر النزوح من الوطن، «لكن ربيعك يا عرب ما جا بيدّينه عطر- حتى وروده كشرت للناس عن أنيابها - وصار الوطن ينزف عياله بين أكفان وهجر - وعنّت نواعير المدينة فاقدة غيّابها». ليثير موجة أخرى من الجدل حول النص، وحول مشاركات الشعراء السوريين على وجه التحديد، وإذا ما كانت ستنصب بشكل رئيس على الشعر السياسي، وتتخذ من الربيع العربي موضوعاً لها. حرية الاختيار قال سلطان العميمي، رداً على سؤال «الإمارات اليوم»، في وقت سابق، حول الشعر والسياسة، وإذا ما كانت هناك خطوط حمراء لدى البرنامج: «إن الشعراء لهم الحرية في اختيار موضوعات قصائدهم، ولكن في الوقت نفسه البرنامج لا يقبل أن يكون جبهة لإعلان مواقف سياسية أو حزبية، أو توجهات تتعلق بالدين والسياسة، أو أن يتحول إلى منبر للشتائم. فالمسابقة منذ البداية عبارة عن رسالة سلام تهدف إلى تكريس القيم الجميلة». خريف في الحلقة الخامسة من «شاعر المليون» التي أذيعت الأربعاء الماضي؛ لم يبتعد الشاعر السوري حامد الكوكو، عن الموضوع الذي طرقه مواطنه بن عون سابقاً، فألقى قصيدة بعنوان (ما رح يرجعوا)، قدم فيها لوحة لبلده سورية قبل الأحداث، حيث وصفها (بالجنة فيها النسيم يداعب أوراق الشجر)، وما أصابها عقب ذلك من دمار وحروب ودماء، مشيراً إلى أن الربيع العربي انقلب خريفاً. تفاعل كبير اللافت أن هؤلاء الشعراء استطاعوا التأهل إلى المرحلة الثانية من المسابقة، كما لاقت قصائدهم تفاعلاً كبيراً من الجمهور، سواء في مسرح شاطئ الراحة، أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يطرح تساؤلاً حول إذا ما كانت هذه الناجحات قد تغري الشعراء باللجوء إلى السياسة في قصائدهم، باعتبارها الوصفة الاسهل لتحقيق الشهرة والنجاح ولفت الأنظار، أم أن هذه الوصفة لا تؤتي نتائجها إلا اذا اقترنت بتجربة واقعية يعانيها الشاعر، ويستلهم منها مشاعر صادقة يصوغها بصدق وشاعرية لتنطبق عليها قاعدة «ما يخرج من القلب لابد أن يصل إلى القلب». سياسة في هذا العام من برنامج «شاعر المليون» حضرت السياسة في شعر بعض المتسابقين، خصوصاً شعراء سورية، الذين كانوا هم الاكثر ميلاً لاستحضار السياسة وهموم الوطن في أشعارهم، من واقع تأثرهم بمعاناة سورية وأهلها، فقدم الشاعر السوري طلال بن عون قصيدة بعنوان «رسالة إلى البلاد». الامارات اليوم