أعلنت روسيا رسمياً أن القرم جزء من منطقة سيطرتها العسكرية أمس، رغم تمسك الوحدات العسكرية المعزولة الموالية لأوكرانيا بشراسة بمواقع قليلة في شبه الجزيرة المتنازع عليها . وقال مسؤولون أوكرانيون إن قاعدتين على الأقل مازالتا تقاومان سيطرة الروس، وقال فلاديسلاف سيليزنيف المتحدث العسكري الأوكراني في شبه الجزيرة، على موقع "فيس بوك" إنه جرى صد محاولة لقوات غير مسلحة موالية لروسيا ل"اقتحام" موقع، وتم ردهم بمساعدة القنابل الصوتية، وجرى إصدار إنذار روسي نهائي للأفراد في القاعدة الأخرى . واستحوذت البحرية الروسية على الغواصة الوحيدة التي تملكها أوكرانيا "زابوريجيا" قرب ميناء سيفاستوبول، وقال رئيس قوة الغواصات الروسية اناتولي فاروتشكين إن الغواصة وعمرها 34 عاما باتت جزءاً من أسطول البحر الأسود، وذكرت وكالة أنباء "ريا نوفوستي" أن نحو نصف طاقم الغواصة البالغ 78 فردا وافقوا أن يصبحوا تابعين للبحرية الروسية، وغادر بقيتهم السفينة . ودخلت قوات مسلحة في آليات مصفحة قاعدة جوية أوكرانية في القرم مطلقة النار في الهواء، وقالت مراسلة "فرانس برس" إن مدرعة اقتحمت مدخل قاعدة "بيلبيك" القريبة من سيفاستوبول التي دخلها رجل مسلح شاهراً سلاحه، وقام رجل بزي مموه ويضع نظارات شمسية بنزع كاميرا عند مدخل القاعدة كانت تبث مباشرة صور الهجوم، وكانت قاعدة بيلبيك قالت على موقعها على الإنترنت في وقت سابق إنها تلقت إنذاراً من القوات الروسية يطلب من الجنود الأوكرانيين إلقاء سلاحهم والاستسلام وإلا فإنهم سيهاجمون، كما اجتاح نحو 200 شخص غير مسلح القاعدة الجوية في نوفوفيدوريفكا، غربي القرم، وعلى وقع هتافات "روسيا روسيا" دخل المهاجمون القاعدة وبدأوا بتحطيم نوافذها، عندها تحصن الجنود الأوكرانيون داخل الأبنية وأطلقوا قنابل دخانية . ووقف ضباط روس أمام المكان خارج القاعدة يراقبون ناشطين وهم يقومون بإنزال العلم الأوكراني ورفع علم البحرية الروسية الأبيض والأزرق مكانه، وبعدها دخل ضابط روسي إلى القاعدة للتفاوض، وطلب من المتظاهرين المغادرة . وأصيب في اقتحام قاعدة بيلبيك جندي أوكراني واحتجز قائد القاعدة لإجراء محادثات، وقال الكولونيل يولي مامتشور قائد القاعدة إن الروس نقلوه إلى مكان غير معلوم، وردا على سؤال عما إذا كان سيعاد سالما قال "هذا ما سيتضح، في الوقت الحالي نحن نضع جميع أسلحتنا في مخزن القاعدة"، وأكد لقواته أنه سيبلغ القيادة العليا أنهم ظلوا ثابتين، وهتف الجنود قائلين "تحيا أوكرانيا"، ووقف الكثيرون لالتقاط الصور أمام علم أوكرانيا الذي ظل يرفرف على القاعدة . وكان أوليغ بودوفالوف مساعد قائد القاعدة قال في وقت سابق إن قوات روسية تطوق القاعدة أمهلت الأوكرانيين ساعة للاستسلام، وبعد دخول الروس القاعدة قال ضابط أوكراني ذكر أن اسمه فلاديسلاف "لم نستفزهم، كانت قوة غاشمة، لا أعلم هل ستصبح القاعدة في يد الروس رسمياً، ظل هذا المكان هادئاً منذ الحرب العالمية الثانية، جاءوا إلى هنا وهم يطلقون النار ويستخدمون القنابل اليدوية، أنا قلق للغاية" . وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن العلم الروسي يرفرف على أكثر من 147 مؤسسة عسكرية أوكرانية في القرم، وأن أسطول البحر الأسود استولى على 47 سفينة أوكرانية من أصل 67 . ووفقاً للحكومة الروسية، فإن أقل من 2000 جندي من أصل أكثر من 18 ألف جندي أوكراني يرغبون في مغادرة شبه الجزيرة الواقعة على البحر الأسود . في كييف، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الدعم للسلطات الجديدة هناك، وخلال لقائه رئيس الوزراء المؤقت ارسيني ياتسينيوك، قال إن "الشعب الأوكراني يمر بتجربة مريعة يجب ألا تمر بها أي دولة"، وأضاف "أنا متأكد من أنكم ستتغلبون على هذه الفترة العصيبة بمساعدة المجتمع الدولي وفي ظل قيادتكم وبشجاعة شعبكم" . وأشاد بالتوقيع على الجزء السياسي من اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، ووصفه بأنه "علامة جيدة جدا تعبر عن قرار مستقل" . وحث أوكرانياوروسيا على إجراء محادثات لمنع "خروج الأزمة بينهما عن السيطرة"، وقال ياتسينيوك أثناء المحادثات مع بان "لا نعترف بهذا الاستفتاء ونؤمن بقوة بأن المجتمع الدولي سيدين هذا العمل ويجد رداً مناسباً للعدوان الروسي غير المبرر وغزو الأراضي الأوكرانية" . والتقى وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير ياتسينيوك وتعهد دعم الحكومة الجديدة، وقال "نلتقي لأننا نعلم أن الوضع مازال متوتراً"، ودعا ياتسينيوك إلى تزويد بلاده بالتقنية العسكرية الألمانية، قائلاً: "نحن بحاجة إلى إعادة تجهيز القوات العسكرية الأوكرانية وتعزيزها" . ومن المنتظر أن يزور وزير الخارجية الألماني مدينة دونيتسك (شرق)، الناطقة بالروسية على الأغلب، في وقت لاحق لإبداء تأييده لأن تظل المنطقة جزءا من أوكرانيا . وحصلت أوكرانيا باستقبالها وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر في كييف على دعم البلدين في نزاعها، وانتقد شتاينماير الاستفتاء في القرم معتبرًا إياه "محاولة لتقسيم أوروبا"، وقال في ختام لقاء مع رئيس الوزراء الأوكراني "لا يمكننا القبول بهذه الأوضاع والسماح بتكرار حمام الدم، أمام أوكرانيا طريق طويل وصعب" . من جهته حذر رئيس الحكومة الكندية من دفع أزمة القرم إلى سباق تسلح جديد، وبعد أن ذكر في ختام لقائه ياتسينيوك روسيا بأن عليها ضمان وحدة أراضي أوكرانيا تطبيقا لاتفاق حول نزع السلاح النووي الأوكراني، قال هاربر إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخرقه هذا الاتفاق "قدم تبريراً منطقياً للذين في أماكن أخرى ليسوا بحاجة لأكثر من تشجيع بسيط" . وأكدت وزارة الدفاع الأوكرانية أن الجنود العائدين من القرم سيتم استقبالهم في شكل لائق، ولن يتم التعامل معهم كمنشقين بل كمقاتلين و"أبطال حقيقيين" . إلى ذلك، أسفت الخارجية الروسية لقرار المجلس الأوروبي فرض عقوبات إضافية، واصفة إياه بالمنفصل عن الواقع، ولافتة إلى أن موسكو تحتفظ بحق الرد الملائم . ونقلت وسائل إعلام عن المتحدث باسم الوزارة ألكسندر لوكاشيفيتش قوله في حديث إن قرار فرض عقوبات أوروبية "منفصل عن الواقع، نعتقد أن الوقت قد حان للعودة إلى الأرضية البراغماتية من التعاون الذي يجسد مصالح دولنا"، وأكد إلى أن "الطرف الروسي يحتفظ بحقه في الرد المناسب" . وأعلن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على 12 شخصاً جديداً مرتبطين بالأزمة، ومن بين الأسماء المدرجة دميتري روغوزين نائب رئيس الوزراء، وفلاديسلاف سوركوف مساعد رئيس الدولة، ورئيسة مجلس الاتحاد فالينتينا ماتفيينكو، ورئيس مجلس النواب سيرغي ناريشكين . وأوضحت الخارجية الروسية في بيان أن تفويض بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى أوكرانيا يعكس حقائق سياسية وقانونية جديدة، ولا ينطبق على شبه جزيرة القرم وسسيفاستوبول اللتين هما الآن جزء من روسيا . ووافقت الدول ال57 الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا الجمعة، على إرسال ما يصل إلى 500 مراقب لرصد الوضع السياسي والأمني في أوكرانيا، خاصة في المناطق التي تقطنها أغلبية تنحدر من أصول روسية، وجاء هذا القرار بعد ساعات من إعلان بوتين بصورة رسمية ضم شبه جزيرة القرم وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة ضد روسيا . وذكرت المتحدثة باسم منظمة الأمن والتعاون تاتيانا بايفا أن فريقا من 40 مراقباً توجه إلى أوكرانيا، وأضافت أن معظم أفراد البعثة وعددها مئة سيتم تجنيدهم من الدول الأعضاء بالمنظمة . وقال مسؤولون أمريكيون كبار إن العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة أعدت بعناية في محاولة لاستهداف الدائرة المقربة من بوتين من دون استفزاز موسكو ودفعها للانتقام من شركات أمريكية . وقال البيت الأبيض الجمعة إن العالم يعيد تقييم علاقاته مع روسيا بعد غزوها أوكرانيا . (وكالات) الخليج الامارتية