اعتبرت الرياض أن الخروج من المأزق السوري يتطلب تحقيق تغيير في ميزان القوى على الأرض، مبدية استياءها من عدم منح المعارضة مقعد سوريا في القمة العربية العادية ال25 التي افتتحها أمس الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت. ويرأس صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة وفد دولة الإمارات في هذه القمة. وألقى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر كلمة بصفته رئيس القمة العربية السابقة، دعا فيها إلى عقد قمة عربية مصغرة بهدف التوصل إلى مصالحة بين الفصائل الفلسطينية. وأشار إلى أن القضية الفلسطينية لا تزال تشكل أهم التحديات التي تواجه الأمة، مشدداً على أن تنصل إسرائيل من التزاماتها يبقى عقبة أمام التوصل إلى تسوية سلمية عادلة. من جهته، دعا الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى وقفة صادقة لوضع حدٍ للخلافات العربية، وتعزيز العمل العربي المشترك عبر النأي عن الخلاف والاختلاف. وطالب بضرورة نبذ الخلاف العربي والعمل الجاد على وحدة الصف، لافتاً إلى أن مساحة الاتفاق أكبر من مساحة الاختلاف، مشدداً على ضرورة استثمار مساحة الاتفاق لرسم فضاء عربي حافل بالأمل والإنجاز لتحقيق الانطلاقة المنشودة. وتطرق إلى انتشار ظاهرة الإرهاب معتبراً «أنها تتطلب مضاعفة جهود الدول العربية بالتعاون مع المجتمع الدولي، بهدف وأد هذه الظاهرة الخطيرة». وحول الوضع في سوريا دعا أمير دولة الكويت مجلس الأمن الدولي إلى أن يعيد للعالم مصداقيته لحفظ الأمن والسلم الدوليين، وأن يسعى إلى وضع حد للكارثة الإنسانية في سوريا. وبشأن القضية الفلسطينية أكد أن السلام العادل والشامل لن يتحقق إلا عبر بناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، مشيراً إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية تقف عائقاً أمام تحقيق السلام. وتناول أمير الكويت الملف النووي الإيراني، داعياً طهران إلى مواصلة تنفيذ التعهدات التي التزمت بها سابقاً في اجتماعات مجموعة «5+1» تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بهدف تبديد قلق دول المنطقة إزاء برنامجها النووي. وهنأ مصر على مضيها قدماً في تنفيذ خطوات «خريطة الطريق»، كما هنأ الجمهورية اللبنانية بتشكيل الحكومة الجديدة في ظل الظروف الدقيقة الحالية من أجل تحقيق تطلعات الشعب اللبناني. وفيما يتعلق بتونس، بارك أمير دولة الكويت للتونسيين إقرار الدستور الجديد والتمسك بالديمقراطية والعمل على تحقيق الازدهار والاستقرار في بلادهم، كما هنأ الأشقاء في اليمن باختتام مؤتمر الحوار الوطني الذي ينسجم مع المبادرة الخليجية، ما يحفظ وحدة اليمن. ولفت الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي إلى أن سوريا، التي تتحول تدريجياً إلى ساحة مفتوحة يمارس فيها كل صنوف القتل والتدمير على يد نظام جائر يساعده في ذلك أطراف خارجية وجماعات إرهابية مسلحة وفدت للساحة السورية من كل حدب وصوب، ويواجه كل هذه التحديات مقاومة سورية مشروعة خذلها المجتمع الدولي وتركها فريسة لقوى غاشمة حالت دون تحقيق طموحات شعب سوريا في الحرية والكرامة. وجزم ولي العهد السعودي بأن الخروج من المأزق السوري يتطلب تحقيق تغيير في ميزان القوى على الأرض، ومنح الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ما يستحقونه من دعم ومساندة باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري، مضيفاً «نستغرب كيف لا نرى وفد الائتلاف يحتل مكانه الطبيعي في مقعد سوريا، خاصة أنه منح هذا الحق في قمة الدوحة من قبل القمة العربية، ونأمل أن يتم تصحيح هذا الوضع»، مشدداً على أن «اتخاذ القرار من شأنه أن يبعث برسالة قوية للمجتمع الدولي لكي يغير أسلوب تعامله مع الأزمة السورية. وشدد على ضرورة مكافحة ظاهرة الإرهاب، لافتاً إلى أن «أهم ملامح هذه الظاهرة بروز بعض المنظمات والمجموعات المتطرفة، وما تدعيه بطلاناً باسم الإسلام والمسلمين، ما ينخدع به بكل أسف البعض، إلى الحد الذي أصبحت معه هذه الظاهرة مصدراً خطيراً وكبيراً على أمن واستقرار بلداننا وشعوبنا»، داعيا إلى «بذل الجهد الجماعي واتخاذ موقف موحد ومشترك للتصدي لهذا الخطر المحدق بنا جميعاً». من جهته، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي إلى الوقوف على الأسباب الحقيقية للخلافات العربية العربية والتعامل معها بشفافية، ووضع حلول ناجعة لها من أجل تحقيق التضامن العربي. وحض رئيس الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة ورئيس الوفد المفاوض في محادثات جنيف للسلام أحمد الجربا على دعم الشعب السوري لحماية كيان سوريا وشعبها. وحمل الجربا بقوة على إبقاء المقعد شاغراً، معتبراً أن ذلك «يبعث برسالة بالغة الوضوح إلى الأسد التي سيترجمها على قاعدة: اقتل اقتل والمقعد ينتظرك بعدما تحسم حربك». وذكر الجربا أن السوريين يتساءلون إذا كان «الغرب تقاعس عن نصرتنا بالسلاح الحاسم فما الذي يمنع أشقاءنا عن حسم أمرهم حول مقعدنا بينهم؟»، داعياً الدول العربية إلى الضغط على المجتمع الدولي لتقديم أسلحة نوعية للمقاتلين المعارضين، فضلاً عن تكثيف الدعم الإنساني ومساعدة اللاجئين السوريين. وخاطب الجربا رؤساء الوفود «لا أدعوكم إلى إعلان حرب وإنما إلى دعم قضيتنا وإيجاد حل لها»، داعياً بشكل خاص إلى «الضغط على المجتمع الدولي من أجل الالتزام بتعهداته حول التسليح النوعي لثوارنا الذين بذلوا أرواحهم من أجل حرية وكرامة السوريين». كما حمل الجربا بشدة على إيران وحزب الله، وتردد أن وزير المالية اللبناني علي حسن خليل غادر القاعة أثناء كلمة الجربا. وفي السياق ذاته، أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد أمين مدني عن الأمل في أن تشكل القمة خطوة ملموسة ومؤثرة لبناء تعاون عربي متماسك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وجدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوته الأطراف السورية المتنازعة إلى إيجاد حل سلمي عبر المفاوضات، مستبعداً أي حل عسكري للأزمة. وفي كلمة ألقاها نيابة عنه المبعوث الدولي والعربي المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أوضح كي مون «دعوني أؤكد أنه ما من حل عسكري لهذا النزاع، لذلك أدعو مجدداً لوقف تدفق الأسلحة إلى جميع الأطراف». وفي الجلسة المسائية أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ضرورة تفعيل منظومة التعاون والعمل العربي المشترك، باعتبار ذلك السبيل الأنجع لتحقيق تطلعات الشعوب العربية في العيش بأمن وسلام وبناء مستقبل أفضل لها. وأوضح أن المنطقة العربية تعاني تحديات وأخطاراً ناجمة عن عدم التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، التي تعتبر جوهر الصراع في المنطقة، إلى جانب تفاقم الأزمة في سوريا وتصاعد حجم المعاناة الإنسانية التي يواجهها الشعب السوري والأعباء التي تتحملها الدول العربية المحيطة بسوريا، واستمرار التحديات التي تواجهها بعض الدول العربية لترسيخ أمنها واستقرارها. وطالب الرئيس اللبناني ميشال سليمان الأطراف الداخلية والإقليمية إلى الالتزام بمبدأ تحييد لبنان في الأزمة السورية. ووجه الرئيس سليمان نداء ملحاً لضمان تنفيذ خلاصات مجموعة الدعم العربية التي تم إنشاؤها عام 2013، خاصة تحييد لبنان في الأزمة السورية والمساعدة في ضبط الأوضاع على طول الحدود مع سوريا. وناشد القادة العرب تلبية الدعوة التي ستوجه من الحكومة الإيطالية والأمم المتحدة للمشاركة في «مؤتمر روما» لدعم الجيش اللبناني. بدوره، دعا الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور إلى عقد اجتماع لوزراء العدل والداخلية العرب، يخصص لتفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب. وطلب منصور من القادة العرب دعم المبادرة التي أطلقتها مصر، لعقد اجتماع خاص لوزراء العدل والداخلية العرب في أقرب وقت، «وأنتهز هذه الفرصة لأدعو إلى عقد هذا الاجتماع قبل نهاية يونيو المقبل». ورفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى المبارك بين المسلمين واليهود، مؤكداً أن هناك تنسيقاً مع الأردن التي ترعى الأوقاف الإسلامية في القدس، والمغرب رئيسة لجنة القدس، بشأن الحيلولة دون حدوث ذلك، مضيفاً «نريد بناء دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على جميع الأراضي المحتلة عام 1967، دولة مستقلة وسيدة على أرضها وأجوائها ومعابرها وحدودها ومائها وثرواتها». The post السعودية: حل الأزمة السورية يتطلب تغيير ميزان القوى على الأرض appeared first on صحيفة الرؤية. الرؤية الاقتصادية