العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. جرف وهدم عشرات المنازل في صنعاء    التعاون الدولي والنمو والطاقة.. انطلاق فعاليات منتدى دافوس في السعودية    ميسي يصعب مهمة رونالدو في اللحاق به    الهلال يستعيد مالكوم قبل مواجهة الاتحاد    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«القومية».. وشبح التقسيم في القارة الأوروبية
نشر في الجنوب ميديا يوم 02 - 04 - 2014

شهد العالم منذ بداية القرن المنصرم تصاعد قوتين عظميين جديدتين على الساحة الدولية، هما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقًا، والذي ورثته روسيا بوتين حاليًا، وقد أعلنتا عن ميلادهما من خلال الحربين الكونيتين الأولي والثانية، حيث كان تدخلهما حاسمًا في تغيير مسار الحرب بالنسبة للقوى العظمى الأوروبية القديمة التي كانت في طريقها للأفول، وتجلي ذلك بوضوح في تحرير القوات الروسية والأمريكية لفرنسا من قوات النازي في الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وحماية لندن من مصير مشابه كان محتومًا لولا قرار مشاركة الولايات المتحدة في الحرب إلى جانبها.
وبعد انتهاء شهر العسل الذي عملت فيه الولايات المتحدة إلى جانب روسيا خلال الحرب العالمية الثانية، بدأ صراع نفوذ استمر طيلة ما يقرب من الخمسين عامًا فيما يطلق عليه «الحرب الباردة»، وما زال مستمرًا إلى اليوم، ولم ينته بتفكك الاتحاد السوفيتي واستقلال بعض الجمهوريات المنضوية تحت لوائه في تسعينيات القرن الماضي، إلا أن أدوات هذا الصراع شهدت تغيرًا، وتعتبر الأزمة الأوكرانية التي انتهت باستقلال القرم وانضمامها لروسيا نموذجًا لأحد أهم هذه الأدوات وهو «القومية»، فما الأزمات والحروب في البوسنة والهرسك وإقليم كوسوفو وأوسيتيا الجنوبية إلا صور لهذا الصراع الذي اتخذ طابعًا قوميًا، وألبسه طرفا الصراع أمريكا وروسيا بعدًا إنسانيًا، بحيث يسمح ليكون مبررًا لهما للتدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية، في السباق نحو المزيد من النفوذ على مصادر الطاقة ورفد الاقتصاد.
تستنفر موسكو والدول الغربية هذه الأيام أجهزتها الدبلوماسية والعسكرية في تصعيد غير مسبوق في العلاقات الدولية منذ مدة طويلة، نتيجة الأزمة في أوكرانيا، فما يحدث هناك يتعلق بصراع جيوسياسي، له موروثاته التاريخية وتبعاته المستقبلية، في منطقة استراتيجيه، شكلت على مر التاريخ جزءًا من التوازنات الأوروبية،
وقد اتجهت المواقف الغربية حول أزمة أوكرانيا وما تبعها من توتر بعد إعلان استقلال شبه جزيرة القرم، ومن ثم ضمها إلى الكيان الروسي في خطوات متسارعة من قبل القيادة المحلية الموالية لروسيا ومن موسكو، إلى فرض العقوبات التأديبية بحق روسيا، فيما الكرملين من جانبه اعترف مباشرة بعيد إعلان نتائج الاستفتاء باستقلال القرم وسيادته، وهو ما يثبت أن موسكو لا تتهاون في الوقوف بقوة ضد أي تهديد للمصالح القومية الروسية، أو بما يعرف اصطلاحا ب(المجال الحيوي الروسي).
رد الفعل الروسي العسكري والسياسي على سقوط الرئيس المعزول يانوكوفيتش، لم يكن مفاجئا، نظرًا للأهمية الإستراتيجية لأوكرانيا والقرم بالنسبة لها، لكن يبدو أن الإدارة الأميركية لم تكن تتوقع أن تصل الأمور إلى هذا المستوى من التوتر بين الشركاء الدوليين، الذين تفاهموا على حل النزاعات بالحوار، تلك القاعدة التي أرستها مفاعيل الأزمة المالية العالمية المستمرة منذ العام 2008.
دوافع التدخل الروسي والغربي القوي في أوكرانيا
في أوكرانيا، تتحرك روسيا وفق محددات أولها حماية مصالحها وثانيها الدفاع عن السكان الناطقين باللغة الروسية والذين يشكلون ما نسبته 58 % من سكان جمهورية القرم، و20 % من مجمل التركيبة السكانية في البلاد، ويتواجد الروس في المناطق الشرقية من أوكرانيا بكثافة، وإذا توجهنا نحو العامل الديني، نرى أن حوالي 40 % من السكان يتبعون بطريركية كييف، فيما ما يقارب ال30 % يتبعون بطريركية موسكو، وهذا ما يشكل دافعًا جديدًا للقيادة الروسية بالتحرك في الدفاع عن الأوكران المتحدرين من إثنية روسية
ومن وجهة نظر الغرب، فإن حجته في مقاربة الوضع في أوكرانيا تتركز في الحفاظ على وحدة الأراضي الأوكرانية، من خلال دعوة موسكو إلى الالتزام بالتعهدات، في إشارة واضحة إلى مذكرة بودابست الموقعة في العام 1994، بين أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، والتي تقضي بِ:
1- احترام استقلال أوكرانيا وسيادتها على أراضيها
2- حماية أوكرانيا من العدوان الخارجي وعدم توجيه عدوان عليها
3- عدم وضع ضغوط اقتصادية على أوكرانيا للتأثير في سياساتها
4- عدم استخدام أسلحة نووية ضد أوكرانيا
من هذه الخلفية، تعتبر الدول الغربية نفسها راعية هذا الاتفاق، ومن واجبها التحرك ضد روسيا بالحفاظ على وحدة أوكرانيا، وهو الأمر الذي انتهك بضم شبه جزيرة القرم إلى الاتحاد الروسي.
الواقع الروسي متعدد الهويات والقوميات
وبالعوة إلى التاريخ الروسي القريب، يمكن فهم تعقيدات الأزمة الأوكرانية والمواقف الغربية الروسية حيالها، فقد أدى انهيار المنظومة الشيوعية وسيادة «العولمة» مع بداية العقد الأخير من الألفية الماضية، إلى بروز النزعات القومية والإثنية بشكل ملحوظ في العالم، وإذا كانت هذه الظاهرة تتسم بالعمومية حيث تطال جميع مناطق العالم، فإنها أكثر بروزًا في العالم الروسي حيث حصلت عدد من الدول المنضوية تحت العلم السوفيتي الأحمر علي استقلالها في التسعينات، وبدأ الصراع الروسي الغربي على بسط النفوذ عليها يأخذ طابعًا مختلفًا وبأدوات مختلفة، عما كان عليه الحال خلال الحرب الباردة الطويلة، عندما كانت هذه الجمهوريات السوفيتية تحت السيطرة المباشرة من الحزب الشيوعي في موسكو.
ومن المفارقات أن روسيا، وعلى عكس مما يشير إليه واقع «الإجماع اللغوي» حيث إن جميع الروس يتحدثون اللغة الروسية، وغالبيتهم من المسيحيين الأرثوذكسيين، وهو ما خول الكنيسة الأرثوذكسية لعب دور كبير في تطوير الهوية الوطنية الروسية، إلا أن واقع الحال اليوم هو أن روسيا ليست متجانسة إثنيا.
ويلعب اتساع مساحة روسيا في التعقيد وعمق التمازج الذي تتسم فيه مختلف المناطق الروسية وبحيث يمكن الحديث عن أمم جيورجية وأمم قوقازية وأمم آسيوية، وفي مواجهة هذا التنوع الإثني تمتعت روسيا باستمرار بوجود دولة مركزية قوية أقامت شرعيتها على مفهوم الاتحاد الفيدرالي وعلى التعددية القومية حيث توجد في روسيا 128 قومية، ولا شك تُطرح في هذا السياق مسألة الوصول إلى سياسة منسجمة لضبط العلاقات بين المركز والمناطق، وبين السلطة السياسية والسلطات الجديدة (ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي) التي وُلدت ونمت وترعرعت مع تبنّي اقتصاد السوق.
وقد حازت مسألة العلاقات بين الاثنيات على اهتمام خاص من قبل الدولة الروسية، وكل الدلائل تشير إلى أن هذه العلاقات ستحدد المحاور الرئيسة للتوجّه الروسي خلال السنوات القادمة، ذلك أن روسيا فيها 160 شعبًا يتحدثون حوالى 200 لغة، بالإضافة إلى اللغة الروسية، ما يمثّل «تراثًا فريدًا من نوعه ومن المهم جدًا المحافظة عليه».
القومية تغذي شبح التقسيم في أوروبا
وبالعودة إلى أوكرانيا يبرز السؤال.. هل ما حدث في القرم وفي مجمل الأزمة الأوكرانية وصراع النفوذ بين القوي العظمي، بمعزل عن إثارة قلاقل مشابهة في أماكن أخرى من القارة العجوز؟ أوليس من المحتمل أن ما حدث قد يؤجج مشاعر الانفصال لدى القوميات الأوروبية، ويؤسس لتفكك القارة القديمة من جديد، ويؤدي إلى حرب عنوانها الأساسي «القومية والدين».
واقع الأمر أن روسيا بالذات وبالرغم من استغلالها للأصول القومية للروس في جمهورية القرم كمبرر للانفصال بعد سقوط الرئيس الأوكراني المعزول يانوكوفيتش الموالي لها، وتولي المعارضة الموالية للغرب مقاليد الأمور، تقف أمام تحد كبير في أوكرانيا، في الدفاع عن الناطقين بالروسية باعتبارهم مواطنين، وإذا لم يتحقق هذا الأمر، قد تستعد البلاد لسيناريوهات سيئة، منها إعادة إحياء الحركات الانفصالية ذات النزعة القومية والدينية، خصوصًا وأن روسيا تضم 83 كيانًا يتمتع كل منها بحكم شبه ذاتي في إطار موسع هو الاتحاد الروسي.
أبرز الجمهوريات التي تشهد توترًا في روسيا هي الشيشان، على الرغم من الهدوء الذي تنعم به في هذه الفترة، كما أن عدوى الانفصال قد تنتقل إلى أذربيجان وأوزبكستان وقرغيزيا في القوقاز، القريبة جغرافيًا من أوكرانيا، وفي معظمها جمهوريات يدين مواطنوها بالديانة الإسلامية.
الحرب في أوسيتيا الجنوبية كمثال
بعد عدة سنوات من حرب القناصة والحشود العسكرية على كلا الجانبين، اندلعت الحرب في أوسيتيا الجنوبية، ليلة الخميس 08 أغسطس 2008م، عندما أمر الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفييلي قواته باجتياح الجمهورية وحسب مصادر روسية رسمية، فإن أزيد من 1600 مدني إضافة إلى العديد من الجنود الروس من قوات حفظ السلام لقوا مصرعهم في المواجهات قبل قيام القوات الروسية باستعادة السيطرة على الجمهورية، وقد تخلى آلاف اللاجئين عن كل ما يمتلكونه وفروا نحو أوسيتيا الشمالية في روسيا وطلبوا من الروس أن يأتوا لنجدتهم.
الاجتياح الجورجي كان هو المبرر الذي يبحث عنه الكريملين من أجل تصفية الحسابات في المنطقة وإعادة تأكيد دوره كقوة إقليمية، بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق واستقلال أقاليم كثيرة كانت تابعة له، في إطار الصراع بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة وبين القوة الحمراء، ولم تكن هناك من فرصة أكثر ملاءمة من هذه، حيث أمريكا غارقة في العراق وأفغانستان وعاجزة تمامًا عن فتح جبهة جديدة في القوقاز.
جاء الرد علي الاجتياح الجورجي لأوسيتيا الجنوبية سريعًا جدًا، إذ شنت القوات الروسية هجومًا مضادًا علي القوات الجورجية، وتمكنت من استعادة السيطرة على أوسيتيا الجنوبية في غضون أقل من 48 ساعة، ويوم الاثنين اللاحق لبدء الاجتياح الجورجي لأوستيا الجنوبية اقتحمت الدبابات والقوات الروسية الأراضي الجورجية نحو مدينة غوري (وأغلقت العاصمة تبليسي)، لكي يظهروا أنهم قادرون بسهولة على السيطرة على المراكز الإستراتيجية، كما عملوا على قصف البنيات التحتية العسكرية الرئيسة وأغلقوا المنافذ الجورجية نحو أبخازيا، الجمهورية المستقلة الأخرى التي تسعى جورجيا إلى بسط السيطرة عليها، وعلى الموانئ الموجودة في البحر الأسود، وقد جاء الهجوم المضاد مصاحبًا بقصف كثيف دمر مركز غوري، وأدى إلى مقتل عشرات المدنيين حيث نقلت وسائل الإعلام الدولية فرار آلاف المدنيين الجورجيين من ديارهم خوفًا من الهجوم المضاد الروسي.
الطاقة والنفوذ خلف اندلاع المواجهات
انتعاش النزعات القومية في منطقة القوقاز جاء نتيجة لتدخل القوي العظمي في الشؤون الداخلية فيها، والذي كان أحد أهم أسباب اندلاع المواجهات في أوسيتيا الجنوبية، وأيضًا كان للنزعة الشوفينية القومية عند بيروقراطية الاتحاد السوفييتي السابق، التي كانت مستمدة من الشوفينية الروسية القديمة، والتي أدت إلى اندلاع الحركات الشوفينية الإقليمية والقومية ضد موسكو، كانت هذه النزعات الانفصالية عاملاً في تفكك الاتحاد السوفييتي، كما كان الحال في يوغسلافيا السابقة، وقادت إلى اندلاع حروب أهلية دموية في العديد من الجمهوريات السابقة، ولا تزال هذه المواجهات إلى اليوم قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي وقت..
وقد استثمرت كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا هذه المواجهات في إطار صراعهما من أجل مواقع النفوذ ومصالحهما الإستراتيجية، حيث جعلت الولايات المتحدة من جورجيا حصنًا ضد روسيا جنوب القوقاز، وروسيا بدورها تستخدم أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا كبيدقين في صراعها من أجل إعادة رسم مواقع النفوذ، المرتبطة بالأهمية الإستراتيجية لجورجيا باعتبارها ممرًا لأنابيب نفط قزوين، وربما الغاز أيضًا في المستقبل، نحو الغرب.
الاعتبارات الإنسانية وسيلة تدخل في شؤون الدول
استعملت الحكومة الروسية إحدى وسائل التدخل الغربية الحديثة في شؤؤن الغير وزعمت أن العمليات العسكرية في أوسيتيا الجنوبية كانت مدفوعة باعتبارات إنسانية، وقد استخدم الكرملين هنا نفس المنطق الذي استخدمه الناتو لتبرير عملياته في يوغسلافيا السابقة. لكن صانعي إستراتيجية الناتو ردوا قائلين: لقد عارضت روسيا حرب الناتو في البلقان، فإذا كانت حجج الناتو خاطئة فيما يخص كوسوفو، لماذا تعتبر حجج الروس أفضل فيما يخص أوسيتيا الجنوبية؟ لكن يبقي أن أكثر من 90% من الأوسيتيين الجنوبيين هم مواطنون روس، وقوات حفظ السلام الروسية تعرضت لهجوم مباشر، ومن ثم استخلصت الحكومة الروسية أنها تحركت بشكل مشروع تمامًا في الدفاع عن أوسيتيا الجنوبية ضد الاعتداء الجورجي.
ويمكن استخلاص نتيجتين من الحرب في أوسيتيا الجنوبية، الأولى هي: أن هزيمة جورجيا هي هزيمة للناتو وللولايات المتحدة من خلفه، مما أضعف موقع الناتو في القوقاز، والثانية هي أن المواطنين في جورجيا، بمن فيهم اللاجئون الذين فروا من أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا أثناء المواجهات السابقة، لا يمكنهم أن يعتمدوا على المساعدة الدولية في صراعهم من أجل حقوقهم، لقد تم استعمالهم جميعهم كبيادق في صراع القوى العظمي.
وبالمحصلة يسعى كل طرف إلى تجريع الآخر كأس التقسيم المر، فالدول الأوروبية والولايات المتحدة تريد جعل تغيير الحكم في أوكرانيا، مقدمة لسحب دول أخرى من الفضاء الروسي، ولائحة الدول تطول في الحسابات الغربية.
هذا التصور يقول: إن سيناريو الحروب الانفصالية والقومية قد تحدث وإن لم يكن في الأمد القريب، لكنها أمر مطروح، والمفاهيم الغربية في الدفاع عن حقوق الشعوب في خطر، كما أن «الحق» الروسي في حماية مصالحها والناطقين بلغتها أمام تحد هو الآخر.
أعقد فيدرالية في العالم
روسيا الاتحادية أكبر دولة فيدرالية في العالم سواء من حيث مساحتها أم من حيث عدد الوحدات الإدارية التي تضمها، ولا غرو من أن الأمراض المميزة للدول الفيدرالية الانفصالية ونزعات نفور المناطق عن المركز أو عن بعضها البعض والتي استفحلت في العالم كله في تسعينات القرن الماضي.
تضم روسيا الاتحادية اليوم 88 وحدة إدارية ليست متجانسة على الإطلاق وبينها تراتبيتها الخاصة، ويتألف أكثر من نصف الوحدات الادارية (48) من المقاطعات التي نشأت تاريخيًا حول مدينة ما كبرى، ويقع أغلبيتها في أواسط روسيا وفي شمال غربيها.
«أهم» الوحدات الإدارية في الدولة الفيدرالية هي الجمهوريات، ويبلغ عددها 21 جمهورية لكل منها تسميتها الناجمة عن اسم القوم «الأصيل» الذي يقطنها، ومن بين الجمهوريات الروسية جمهوريات إسلامية تبعًا لعقيدة أغلبية سكانها مثل: تتاريا، وبشكيريا وست جمهوريات قوقازية (خمس منها إسلامية أيضًا) وجمهورية ياقوتيا التي اعتنقت المسيحية الأرثوذكسية والتي تزيد مساحتها عن مساحة فرنسا ست مرات وجمهوريات موردوفيا وتشوفاشيا واودمورتيا الصغيرة وجمهورية ألطاي المنتشرة في جبال تحمل الاسم نفسه وجمهورية كالميكيا البوذية وغيرها.
امتيازات للأقاليم لتجنب الانفصال
تتمتع الجمهوريات الروسية بالكثير من علامات السيادة ولكل منها دستورها وعلمها وشعارها ونشيدها الوطني، ويرأس ثلاث عشرة منها رؤساء، وكان سكان الجمهوريات ينتخبون حتى الرؤساء مما منحهم عمليًا سلطة لا حد لها.
لقد وفر الإصلاح السياسي الذي بادر إليه الرئيس فلاديمير بوتين في عام 2004 والذي لم ينزع من رؤساء الجمهوريات الحقوق التي يتمتعون بها بموجب القانون وفر آليات تستثني توصل سياسي إلى كرسي الرئاسة في الجمهورية القومية يراهن على النزعة الانفصالية، وتقضي الأحكام الجديدة التي صادق عليها البرلمان بأن يرشح رئيس روسيا في المجالس التشريعية المحلية جميع رؤساء المناطق الروسية بغض النظر عن وضعها القانوني، ويقترح على الرئيس نفسه في غضون ذلك اسم المرشح الحزب الفائز في الانتخابات المحلية
ويجب القول: إنه ليست في روسيا اليوم أحزاب مسجلة رسميًا تؤيد علانية نزعات النفور عن المركز ناهيك عن الانفصالية
لقد تشكلت في البلاد في التسعينات أحزاب ذات ميول إقليمية كالحزبين الأورالي والقوقازي أو الحزب الكالينينغرادي مثلاً المسترشد بأوسع تكامل لمدينة كينيغسبرغ البروسية سابقًا (التي تعتبر بالمناسبة جيبًا وليست لها حدود مشتركة مع المناطق الروسية الأخرى) مع الجارات في الاتحاد الأوروبي وبالتالي بالانسلاخ التدريجي عن روسيا، وقد أوقفت هذه الأحزاب الآن نشاطها أو أنها تعيش أزمة، وعلى أية حال فإنها فقدت الفرصة لاقتراح مرشحها إلى منصب المحافظ على رئيس البلاد، ولإن وصف الرئيس فلاديمير بوتين عند توليه منصبه في عام 2000 إمكانية تفكك روسيا بمثابة أحد الأخطار الأساسية التي تهدد الأمن القومي فإنه يعلن اليوم بالمسوغات الكاملة أن هذا الخطر لم يعد له وجود، فقد تمكنت روسيا من استخلاص الكثير من العبر الجدية مما سمي «حملتها الشيشانية الأولى (في الأعوام 1994 1996) عندما انتهت محاولة إحلال «النظام الدستوري» بالقوة في الجمهورية الانفصالية المتمردة التي يرأسها الرئيس المنتخب الجنرال جوهر دودايف باستسلام موسكو عمليًا، وسرت عدوى الانفصالية الاثنية وكادت تصبح موضة وهددت بالانتقال من الشيشان الى جمهوريات القوقاز الأخرى ومن هناك الى منطقة الفولغا إلى جمهوريتي تتاريا وبشكيريا الإسلاميتين.
النزعات القومية غرب القارة العجوز
وفي الجزء المقابل من أوروبا في الغرب يعتبر إقليم كاتالونيا الواقع جنوب شرقي إسبانيا أبرز الحركات الأوروبية الداعية إلى الانفصال وإعلان الاستقلال عن الحكومة في مدريد، وللكاتالونيين لغتهم الخاصة ونمطهم الثقافي، ولديهم نزعة مقاومة تعود إلى أيام الجنرال فرانكو، الذي حكم البلاد منذ العام 1939 حتى وفاته عام 1975.
نزعة الكاتالونيين الانفصالية ليست الوحيدة في القارة العجوز، ففي المملكة المتحدة (بريطانيا)، هناك أسكتلندا التي تحمل في أعماقهما تاريخًا من الصراع الاسكتلندي - الأنكليزي.
وفي بلجيكا لا يزال الصراع على أشده لغويًا وعنصريًا بين المتحدرين من أصول فرنسية كاثوليكية، والمنحدرين من أصول هولندية بروتستنتية، وبروكسل، حيث يتمركز الصراع، هي عاصمة الاتحاد الأوروبي.
لماذا تصاعدت النزعات القومية الانفصالية
يعتبر العام الجاري 2014 موعدًا مشتركًا لأصحاب النزعات القومية والاستقلالية المحلية في أوروبا، فدعاة استقلال كاتالونيا وأسكتلندا وبلاد الفلاندر مقبلون على استفتاءات يعولون عليها في سبيل إحصاء عدددهم وتبرير مطالبتهم بدولة مستقلة عن إسبانيا أو بريطانيا أو بلجيكا، ويتصدر الإسكتلنديون الركب، فهم سبقوا الآخرين الى الحصول على موعد استفتائهم في 18 أيلول (سبتمبر) 2014، ويريد الكاتالونيون موعدًا تنكر مدريد عليهم حقهم القانوني والدستوري فيه. وينذر الخلاف بين الطرفين بمجابهة حادة، ولا يشكو فلامنديو حزب «إن – في آي»، بقيادة بارت فيفيد، مثل هذه المشكلة، فهم يراهنون على الانتخابات التشريعية القريبة، وعلى فوز فيها لا يترك شكاً في رغبة المقترعين الاستقلاليين.
وليست هذه المناطق في أوروبا الغربية المبادرة الى المطالبة بدولة، ولكنها على خلاف الجيش الجمهوري بإيرلندا و«إيتا» في بلاد الباسك الإسبانية، لم تراهن على السلاح، فعمد الحزب الوطني الإسكتلندي والرابطة الفلامندية الجديدة واليسار الجمهوري بكاتالونيا إلى الانخراط في مسارات سياسية ديموقراطية، وانتصارها ليس مضمونًا ولا محسومًا أو وشيكًا، بيد أن السلسلة البشرية التي شبكت، في 11 أيلول (سبتمبر) أيدي الكاتالونيين مسافة 400 كلم هي قرينة قوية على حقيقة هذا التيار الذي يعصف بالدول الأوروبية وبالقارة على العموم.
ويعزو مراقبون كثر بروز النزعات الاستقلالية المحلية الى استيلاء الاتحاد الأوروبي على بعض مقومات الدولة، ويقول أحد هؤلاء المراقبين، جوردي ألبيريش، المدير العام لحلقة «إيكونوميا» النافذة الكلمة ببرشلونة: «قبل 30 سنة، كنا نتشارك مع الإسبان عملة واحدة، وحدودًا مشتركة، وخدمة عسكرية، لم يبق شيء واحد منها، ومن لم يبلغوا الأربعين يدركون أن رابطتهم بإسبانيا تراخت»، وفاقم التراخي أن الكاتالونيين لا يتعلمون لغة واحدة مع الإسبان، ووسائط الاتصال السمعية والبصرية تستعمل اللغة الكاتالونية، والحال في بلاد الفلاندر ببلجيكا قريبة من حال كاتالونيا.
وإذا أقر الاتحاد الأوروبي للدول الجديدة بحقها في الوجود، فبأي حق ينكر على القوميات المحلية «الحق» في دولة؟ ويرى النائب الأوروبي السابق واختصاصي الحق الدستوري، أوليفييه دوهافيل، أن تعاظم النازع الاستقلالي هو «ثمرة شحوب المثال الأوروبي» في أعين الشباب على وجه الخصوص، فالعولمة نجمت عنها أزمات هويات، وربما كان في مستطاع أوروبا التمثيل على جواب عن هذه الأزمات، إلا أن ضعفها السياسي على المسرح الدولي أبطل دورها المرتجى، وتخلى الشباب عن القول: «أوروبا هي المستقبل»، ويعلل إريك ديفورث، رئيس الرابطة الحرة الأوروبية (وهي اتحاد أحزاب محلية في بلدان الاتحاد الأوروبي)، النزعات الانفصالية بنتائج العولمة وآثارها: «الناس يفتقرون إلى جذور في ديار ينتسبون إليها، والى مضمون خصوصي ينفردون به في الإطار الشامل والمعولم». وتلاحظ آن - ماري تييس، مديرة دراسات في المركز الوطني للبحوث العلمية (الفرنسي)، أن النزعات القومية المحلية لا تريد الانكفاء على نفسها، ولا الانزواء في بلدانها وثقافاتها، ولا تتهيب تبني قيم الترابط والتشابك المعاصرة، وتحتسب من غير خوف سيرورات العولمة، وتنخرط فيها من غير تردد».
لماذا لا تدعم روسيا والصين حركات التحرر؟.
لماذا لا تدعم روسيا والصين حركات التحرر في وجه الولايات المتحدة وحلفائها، كما كان يفعل الاتحاد السوفييتي والصين الشيوعية، وكما تدعم الولايات المتحدة والناتو الثورات المضادة والحركات الانفصالية في روسيا والصين والدول المتحالفة معهما؟
أولاً، روسيا والصين كلاهما يعتبر أن أولويتهما في المرحلة التاريخية الراهنة هي بناء اقتصاد قوي ومتين، وهما تعتبران، بالتوالي، أن الاتحاد السوفييتي السابق والصين الماوية دخلتا مواجهة عالمية ضارية مع حلف الناتو كلفتهما موارد اقتصادية ضخمة كان يمكن أن تذهب لرفع مستوى معيشة الشعب ورفع الاقتصاد، وأن انهيار الاتحاد السوفييتي كان أحد أهم أسبابه الرئيسة اضطراره لخوض سباق تسلح نووي ولدعم حركات التحرر العالمية والدول المستقلة عن الإمبريالية باقتصاد متخلف تكنولوجيًا، وبإمكانات مالية، تقل كثيرًا عن إمكانات الغرب، وعليه فإن السياسة العامة للصين وروسيا، منذ سنوات، هي تجنب المواجهة المباشرة السياسية أو العسكرية مع الغرب، حتى تستكملاً عملية التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية اللازمة لزحزحة الغرب عن موقعه على عرش العالم، وهذا يعني، في الوقت الراهن، محاولة حل النزاعات سلميًا وتجنب الانجرار لمواجهات إقليمية ولو كان ذلك على حساب المصالح الصينية والروسية، كما جرى في ليبيا.
ولذلك نلاحظ أن سياسة الولايات المتحدة العامة هي التأزيم، فيما سياسة روسيا والصين العامة هي التهدئة، إلا في حالة واحدة هي وقوع التأزيم في الجوار الجغرافي المباشر للصين وروسيا، في أوكرانيا أو جورجيا مثلاً أو في القوقاز أو في التيبت أو إقليم شينجيانغ المسلم أو بحر الصين الجنوبي..
ثانيًا، بعدما دخلت الولايات المتحدة في مغامراتها الدموية في أفغانستان والعراق، بعد شعورها بامتلاك ما سمّته «فائض قوة» في عالمٍ أحادي القطبية بعد نهاية الحرب الباردة، وبعد انطلاق مشروع التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في روسيا منذ مجيء بوتين وفي الصين منذ التسعينات، بدأ النظام الدولي باستعادة توازنه تدريجياً مع أفول الولايات المتحدة اقتصاديًا وانطلاقة دول البريكس «روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا»، وأفلتت مجموعة من دول أمريكا اللاتينية من الهيمنة الأمريكية،.
هنا نشأت معادلة جديدة، فالقوة الأكثر تقدمًا عسكريًا، القوة القادرة على التدخل في أي بلد أو محيط بالعالم حين ترغب، باتت نفسها القوة التي تعايش انحدارها الاقتصادي والسياسي وتتخبط في أزماتها المالية وتشاهد صعود القوى الدولية المنافسة لها ملء عينيها، فماذا يمكن أن تفعل قوة من هذا النوع في مواجهة مثل تلك الحالة «القوة الأولى عسكريًا إذ تجد نفسها عاجزة عن تدارك أفولها الاقتصادي والسياسي الدولي؟».
الحقيقة أن تحولات إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة تلك الحالة بدأ في فترة رئاسة بوش الثانية بين عامي 2004 و2008، وتبلور لدى النخبة الحاكمة للولايات المتحدة في إيصال باراك أوباما للحكم ضمن برنامج جديد للسياسة الخارجية يقوم على التفاهم مع الحركات الإسلامية، أو أجزاء منها على الأقل، بدلاً من «الحرب على الإرهاب»، وعوضًا عن فرض الهيمنة المباشرة، أو الاحتلال، تحت وهم «فائض القوة»، صار هم الولايات المتحدة المباشر زعزعة الأرض تحت أقدام منافسيها من خلال التفكيك وإثارة القلاقل الداخلية تحت ذرائع شتى، والأهم، قررت الولايات المتحدة إقامة سد جغرافي- سياسي منيع في وجه روسيا والصين في الوطن العربي والعالم الإسلامي، ومن هنا جاءت استعادة تحالف الحرب الباردة مع بعض الحركات الإسلاموية تحت عناوين شتى لتطويق روسيا والصين بحزام إسلامي يمنعهما من التمدد غربًا وجنوبًا.
ولنلاحظ، في عالم اليوم بالذات، أن أجندة التدخل الإنساني هي في النهاية إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية لضرب الدول المستقلة بشكل مباشر أو غير مباشر، وأن أجندة السيادة الوطنية هي الحفاظ على هامش الاستقلال الوطني وتعزيزه في مواجهة توسع نفوذ القوي العظمي وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول المستقلة. ويمكن الخلوص مما سبق إلى أن العالم الغربي يستعمل شعارات «براقة» مثل «الحرية» و»الديمقراطية»، في سبيل تجاوز الاستقلال الوطني والسيادة، لتحقيق أهدافه، وأن المشروع العقائدي، بالتالي، لمناهضة ذلك لا يمكن إلا أن يكون مشروعًا وطنيًا..
المزيد من الصور :
صحيفة المدينة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.