اليمنيون بطبيعتهم يكرهون التعالي ولا يطيقون "الزنط". ويغرمون بالقائد الشعبي أكثر من غرامهم بمرويات القادة الذين يدخلون التاريخ من بوابة النخيط والكبر. وذلك شأن "صالح" الذي ظل طيلة سنوات حمكه يربي له حنشان في جيبه، يطعمهم ويمنحهم الرفعة والمال والجاه والمناصب والنفوذ، فيما بقت الأحياء الفقيرة – بما فيها من تعب وإهمال وشخوص - تهتف وحدها - أثناء محنة ثورة 11 فبراير- باسم "صالح". والسبب بسيط جداً، ذلك لأن " صالح" بالنسبة إلى هؤلاء البسطاء هو إنسانهم الذي أصبح يوماً ما رئيساً. غير أن جوقة "أندعهم يافندم" التي سرقت على الناس رئيسهم من قبل، تكرر الآن ذات السلوك وتسرق عليهم "السعيم". الذين لا يحبونك لا يريدون لك أن ترتاح يافندم. وهذه الجوقة التي لا تزال تصفق لخصوماتك و لجدعنتك السياسية ، لا يحبونك، بل يريدونك أن تظل تمارس– أمام شهواتهم السمجة، وأمام خصوماتهم- دور الرئيس "الشاقي"، في حين أن التاريخ بما فيه من عظمة ورفعة وسمو ينتظر منك أن تلعب– وبضمير شهم- دور الرئيس السابق لليمن، مش دور "شاقي شاه اليمن" جني يتحملك. أسألك بالله يافندم مش زاعل على نفسك وأنت "شاقي" ذهاباً وإياباً؟! يا ذا على موه؟ الدنيا والله ما تكلف. كلينتون بعد انتهاء ولايته، زار جزر هاواي عشر مرات. وأنت يافندم مازلت حتى اللحظة حانب بآخر إحصائيات لجماهير الستين والسبعين. مهاتير محمد يزاول حياته الآن كإنسان طبيعي.. يجلس إلى أحفاده.. يتابع دروس المتفوقين منهم، وفي المساء يتابع آخر أخبار اختفاء الطائرة الماليزية ويده على قلبه خشية على سمعة اقتصاد بلاده. وأنت حانب ب"التصطي" للمؤامرات. نيلسون مانديلا قضى ما تبقى من حياته - بعد مغادرته السلطة - يمارس حضوره كزعيم لا يبتهج بالقارح الفلاني، بل يبتهج بأنه ساعد عدداً من أحياء بلاده وبنى لهم – بموجب علاقاته فقط - عدداً من الملاعب والمتنزهات. وأنت حانب بدور الزعيم البطل، واحنبتنا معك. سيب أم الانتصارات التاريخية على جنب الآن ياخي، وعيش حياتك كزعيم شعبي. والله ما شيقع بك شي. دور الزعيم البطل أرهقك، وأرهقنا معك، وجعل منا شعباً كل واحد حانب بحقه البطل وهات يانديف. وغير الابتهاج بزحام الناس الذين اعتدت- طيلة 33 سنة- أن يهرولوا لمصافحتك، وغير الابتهاج بسعال "علي محسن" ودقدقة "عيال الأحمر"، وغير الابتهاج بتساقط ما تبقى من شعر صلعة هادي.. وغير الابتهاج بمهواشة باسندوة. الحياة يا فندم مليئة بالمباهج الإنسانية النبيلة، والتاريخ مليء بالعبر. هناك انتصارات عظيمة من نوع آخر يمكنك الاحتفاء بها. على أن إنساناً أصبح له حظوتك بين الدول والناس، لا يزال بوسعه أن يقدم لشعبه ولبلاده - من خارج السلطة- ما عجز عن تقديمه لهم وهو فيها. وأتخيل مثلاً لو نقرأ خلال وقت قريب خبراً تتناقله وسائل إعلامك يقول إن جمعية "الصالح" التي ترأسها وقعت – على سبيل المثال- مع جلالة الملك زعيط بن معيط مذكرة تفاهم بخصوص دعم أبحاث 50 مخترعاً يمنياً، وتطالب العقول اليمنية بسرعة التقدم بأبحاثها للحصول على التمويل. هذا في رأيي أحسن من استهلاك ما تبقى من طاقتك في خطابات "ندف النديف". الذين يحبونك من صدق، سينصحونك الآن تحديداً بالانشغال بجمعية الصالح الخيرية، والله يافندم إنها – صراحة- تبدو الآن مكاناً خصباً لاستثمار طاقتك وجدعنتك وذكائك الإنساني، لفعل شيء عظيم آخر غير السياسة، إذ لم تعد وشايات السلطة وخبابيرها وانتصاراتها الهبلا تليق برجل أصبح جزءاً من التاريخ. أما لو قدك "مدبر للطرف" يافندم، ومدمن ملابجة ووجع دماغ، أبرد لك من زعطان وفلتان، وامسك رئاسة نادي أهلي تعز وهجعني من شغلته. والله إنك – ستخارجني شخصياً- وستعمل من هذا النادي العريق أهم نادٍ رياضي في الجمهورية وستنافس به كل أندية دول الخليج اللي جالسين يتزنطوا علينا. ارتاح ياضاك، ودع التاريخ يرتاح. تعبنا، وتعبت أنت.. موحاجتك للدحس يافندم. عيش حياتك زي بقية الخلق يا أخي.. اعمل رحلة استجمام طويلة واهجع شوية، والله مابو أحسن من الربخة. وإذا ما فكرت بذلك - بحجر الله- شلني معك، طفشاااان شقرح. * الكاتب اليمني فكري قاسم الاولى شبوة برس