وعدت الحكومة الأوكرانية المؤيدة لأوروبا أمس، بالعفو عن الانفصاليين الموالين للروس الذين يحتلون مباني إدارية شرقي أوكرانيا، في حال ألقوا سلاحهم، وشهدت الأزمة الأوكرانية عودة مفاجئة للتوتر مع الهجمات المنسقة للمعارضين الذين يسيطرون منذ الأحد، على مبنى الأجهزة الأمنية في لوغانسك والإدارة المحلية في دونتسك، المدينتين في شرق أوكرانيا الناطقتين بالروسية . ووعد الرئيس الانتقالي الأوكراني أولكسندر تورتشينوف بأنهم "إذا سلموا الأسلحة وأخلوا المباني الإدارية، نضمن أنه لن تكون هناك أي ملاحقات"، وأوضح أنه تباحث في اتصال هاتفي مع ممثلين عن المتمردين في لوغانسك وعرض عليهم "تسويات" من ضمنها تشكيل لجنة تضم ممثلين أوكرانيين وأجانب لدرس نقاط النزاع، ودعا إلى تعزيز سلطات الإدارات المحلية التي كانت كييف حتى الآن تعينها . وعزز الانفصاليون الحواجز التي أقاموها حول مبنى الإدارة في دونتسك، المدينة البالغ عدد سكانها مليون نسمة، بالتزامن مع وصول خمسين عنصراً من الحرس الوطني إلى مطار المدينة . وقال فيتالي ياريما نائب رئيس الوزراء الذي أرسل إلى المدينة سعياً لتسوية الأزمة إنه تم إجراء اتصالات مع المتمردين، مبدياً أمله في التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة خلال ساعات، وأضاف أن رينات أحمدوف أثرى رجل في أوكرانيا والمقرب من الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش، يشارك في جهود تسوية الأزمة، ما يعتبر بنظره مؤشر "تفاؤل" . وفي لوغانسك، المدينة البالغ عدد سكانها 400 ألف نسمة، لا يزال المحتجون الموالون لموسكو يتحصنون في مبنى أجهزة الأمن الذي نهبوا مخازن أسلحته . وفتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جبهة جديدة في الأزمة عبر تحذيره الأوروبيين من التهديدات التي تواجهها إمداداتهم بالغاز، إذ تستورد دول الاتحاد الأوروبي ربع احتياجاتها من الغاز من روسيا ويمر حوالي نصفها عبر أوكرانيا، وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بسكوف إن بوتين وجه رسالة إلى الأوروبيين حول إمدادات الغاز، وأضاف أن "بوتين يعبر عن عميق قلقه إزاء الوضع الحرج للديون الأوكرانية (لشركة غازبروم) وبالتالي بشأن إمدادات الغاز الروسي"، وأكد أن الرسالة سلمت إلى القادة الأوروبيين عبر القنوات الدبلوماسية . واقترح بوتين في رسالته "اتخاذ إجراءات عاجلة لأن الوضع لا يحتمل الانتظار"، وأكد أن "الوضع قد تترتب عليه حقاً انعكاسات سلبية على نقل الغاز الروسي عبر أوكرانيا"، وقال في رسالة وجهها إلى 18 زعيماً أوروبياً إن مجموعة الغاز الروسية "غازبروم" ستجد نفسها "مضطرة لأن تنتقل إلى عملية الدفع المسبق لتسليم شحنات الغاز، وفي حال لم يتم احترام شروط الدفع، إلى عملية وقف كامل أو جزئي لتسليم شحنات الغاز" . وقال الرئيس الروسي إن ضم القرم لم يكن مخططاً له وإن القرار اتخذ بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تأييداً كاسحاً لهذا الإجراء من جانب سكان شبه الجزيرة، وأضاف في اجتماع مع ممثلي الجبهة الشعبية "أريد فقط أن أقول إن جميع القرارات اتخذت بعد أن أصبحت رغبة الشعب واضحة، لم نقم بالإعداد لمثل هذه التطورات، يمكن أن نكون قد تصورنا الموقف فحسب لكننا لم نكن نعرف بشكل يقيني، وبعد أن أجرينا الاستطلاعات الأولية التي أجريناها بشكل سري لكن الأعداد كانت قريبة من الواقع، عندئذ فحسب أصبح واضحاً أننا اخترنا السلوك المناسب" . من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن نشر قوات لحلف شمال الأطلسي في بلدان شرق أوروبا القريبة من روسيا سينتهك اتفاقيات أبرمتها روسيا مع الحلف، وإن مجرد مناقشة الحلف نشر قوات أو إقامة منشآت على أراض تقع في "الجوار القريب" لروسيا يتعارض مع الميثاق التأسيسي الذي وقعته موسكو مع الحلف عام ،1997 وأشار إلى أن الكراهية لروسيا داخل الناتو تتغلب على مصالح الأمن الأورو - أطلسي، وأضاف أن "تقويض أسس الاستقرار في أوروبا، التي وضعت بعد زوال الاتحاد السوفيتي ومعاهدة وارسو، تلك الأسس التي ساعدتنا على التعاون بشكل فعال في أفغانستان وفي محاربة الإرهاب، التي أعطت فرصاً جيدة للعمل في عدة توجهات، تقويضها يعني فقط أنه بالنسبة للناتو كراهية الروس، المفروضة من قبل الأقلية، وأنا واثق من ذلك، أهم من تلك الحلول التي يتعلق بها أمن منطقة الأورو- أطلسي والعالم أجمع" . واعتبرت وزارة الخارجية الروسية أنه يجب على منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التوجه بطلب نشر مراقبيها في القرم إلى روسيا، لا إلى أوكرانيا . وطالب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي تحدث هاتفيا الأربعاء، مع نظيره الروسي، موسكو باتخاذ خطوات لنزع فتيل الأزمة في أوكرانيا قبيل اجتماع مقترح الأسبوع المقبل مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وأشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي إلى أن الاجتماع مجرد خطوة "من عدة خطوات" . وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن إن روسيا يجب أن تسحب قواتها من الحدود الأوكرانية إذا أرادت بدء حوار بشأن الأزمة الراهنة، وإن قوات روسية قوامها 40 ألف جندي تحتشد على الحدود مع أوكرانيا "لا تجري تدريبات بل مستعدة للقتال"، لكنه استدرك بأن الحلف لا يبحث الخيارات العسكرية وأن المضي قدما سيكون بالسبل الدبلوماسية، وتابع "لا نناقش الخيارات العسكرية، لقد حذرت من المزيد من التدخل الروسي، وأوضحت أن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على علاقاتنا، وسيقود إلى المزيد من العزلة الدولية لروسيا" . واتهمت الخارجية الروسية حلف شمال الأطلسي باستغلال الأزمة لتحسين صورته لدى الأعضاء وتبرير وجوده من خلال حشد هذه الدول لمواجهة تهديد خيالي . وكشف حلف شمال الأطلسي عن صور بالقمر الصناعي قال إنها تظهر انتشار نحو 40 ألف جندي روسي قرب الحدود الأوكرانية مع صفوف طويلة من الدبابات والمركبات المدرعة والمدفعيات والطائرات المستعدة للقتال، وقال البريغادير البريطاني جاري ديكن "هذه قوة قادرة جداً وعلى أهبة الاستعداد وهي من خلال الصور قريبة من ممرات وخطوط الاتصال"، وأضاف "لديها الموارد التي تمكنها من دخول أوكرانيا سريعاً إذا صدرت لها الأوامر"، وذكر أن الحلف رصد القوات الروسية في أكثر من مئة موقع مختلف . وذكرت وكالة الإعلام الروسي الرسمية نقلاً عن مسؤول في رئاسة الأركان أن الصور التقطت في أغسطس/آب ،2013 بينما قال الحلف إن الصور التقطت بين 22 مارس/آذار والثاني من إبريل/نيسان . وقال مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية إن المدمرة يو .إس .إس دونالد كوك المزودة بصواريخ موجهة عبرت مضيق الدردنيل في طريقها إلى البحر الأسود "في إطار التزام الولاياتالمتحدة بالأهداف المشتركة في المنطقة"، وستشارك في مناورات بحرية مهمة "لطمأنة الحلفاء في حلف شمال الأطلسي" . وأكد وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل أن العقوبات التي يفرضها المجتمع الدولي على روسيا ستؤذيها، مشدداً على أن موسكو ألحقت ضرراً كبيراً بمكانتها الدولية . وتبنت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في ستراسبورغ قرار تعليق حق تصويت النواب الروس حتى نهاية ،2014 في شكل عقاب على إلحاق القرم، وتبنت الجمعية هذا القرار ب145 صوتاً من أعضائها الحاضرين مع معارضة 21 وامتناع ،22 بينما قاطع النواب الروس النقاش منددين "بمهزلة"، ومباشرة بعد التصويت هدد رئيس كتلة النواب الروس وعددهم ،18 اليكسي بوشكوف، بانسحاب وفده من الجمعية حيث لم يعد لحضوره "أي معنى" . وكشفت وثيقة أن بريطانيا والسويد وبولندا تضغط على الاتحاد الأوروبي لإرسال مستشارين في مجالي القضاء والشرطة إلى أوكرانيا للمساعدة في بسط الاستقرار في خطوة من المرجح أن تغضب روسيا، وستسعى بعثة الاتحاد الأوروبي إلى إعادة بناء الشرطة والنظام القضائي في أوكرانيا على المدى القصير للمساعدة في مكافحة أعمال العنف والتمهيد لتنفيذ اتفاق مقترح للتجارة الحرة مع الاتحاد، وسيتعين على مثل هذه البعثة الحصول على تأييد كل أعضاء الاتحاد ال28 ومن غير المرجح أن تحظى بقبول موسكو التي تتهم الغرب بالتدخل في شؤون جارتها . (وكالات) الخليج الامارتية