عشوائية الأسعار مازالت تنخر في حياة المواطن دون أن تكون هناك ردّة فعل حازمة من قبل أولئك المسعورين الذين تسبّبوا في كل هذا بسبب لهثهم خلف كل شيء وامتلاكهم صلاحيات العبث بالوطن دون أية رقابة أو محاسبة. الواقع الاقتصادي لم يتحمّل هو الآخر الصمود في وجه احتمالات جميعها تشير إلى استمرار العد التنازلي للدمار الذي سيفتك بقوت المواطن البسيط، عوامل كثيرة وغير محصورة النتائج السلبية أسهمت في خلق الأزمات. وطبعاً الحضور الأقوى للجانب السياسي الذي لم يستقر لايزال يبرّر فشله الذريع بإلقاء التهم على قوى تقليدية لم تكن لتذكر لولا أنها أوجدت لها مصدر قوة من الخارج وبعمالة غصباً عن التوصيف الحقيقي لها تسمّى مشروعة وبدعم من بعض الأجهزة الحكومية إن لم يكن مباشراً فهو ضمني متجسّد بالصمت وغيابها عن كل موقف يمكن أن يعبّر عن نفوذها وسيادتها. فهذا يعني أن كل ما يحدث من سياسات حمقاء تعصف بكيان المواطن هو توجيهات خارجية تبقى هي المؤثّر الأقوى الكفيل بإخماد أي تذمُّر أو استنكار.. فالسياسيون الممثّلون لجميع القوى فقط يتصارعون من أجل مصالحهم وليس لإخراج البلد من وضع متأزّم، والعامل الخارجي يساعدهم إلى حد كبير في القضاء على جميع مكوّنات الفعل الثوري الذي يمثّل الأمل الوحيد لتغيير الأوضاع. فالنتيجة الموجعة لكل هذا بأننا مستعمَرون مرتين؛ مرة من قبل حكومة أضعف من أنها موجودة؛ لأن مصدر بقائها الفساد، ومرة أخرى من قبل العامل الخارجي الذي يرسم مصالحه في وطن مفكّك؛ كل ما يحدث فيه صوري يكبره الإعلام فقط، ويبقى المواطن صريعاً بين ديمقراطية زائفة لا تمنحه أبسط مقوّمات الحياة وبين وعود مؤجّلة لا تعطيه أدني مراتب الظن أنه سيجني ثمرة الانتظار. بقايا حبر بين شهقة الحياة وزفير الموت كائن يرتدي الوحشية بصورية الرحمة نسمّيه «إنساناً» وبين دهشة الشروق وفزع الغروب أرض لا تتسع لأحلام بمجازية الاحتياج نناديه «وطناً» زهرة اليمن