يغادر عبدالله واد الدار البيضاء الليلة متجهًا إلى داكار، بعدما تأكد خبر منحه الإذن بالهبوط فيها، ما يخرج المغرب من وضع حرج وجد نفسه فيه. أيمن بن التهامي من الرباط: كشف مصدر مطلع من الطيران المدني ل "إيلاف" أن طائرة الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد حصلت على الإذن بالإقلاع نحو دكار مساء اليوم الجمعة. ومن المنتظر أن تقلع طائرة واد إلى دكار، بعدما جثمت يومين في مطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء، إثر وصولها من فرنسا. وعبر عبد الله واد في تصريح ل"فرانس برس" الخميس من الفندق الذي كان يقيم فيه وسط الدار البيضاء، عن أسفه ل"المناورات" التي يقوم بها خلفه الرئيس الحالي، ماكي سال. وكان من المفترض أن يحل عبد الله واد في العاصمة السنغالية داكار الأربعاء قادما إليها من باريس، إلا أنه عبوره في مدينة الدار البيضاء طال لثلاثة أيام، في انتظار موافقة سلطات مطار داكار على نزول طائرته في المطار. حرج مغربي إقلاع طائرة واد إلى دكار يخفف على الرباط حرجًا عاشته طوال 48 ساعة الماضية، إذ وجدت نفسها بين واد، صديق المغرب العزيز، وبين الرئيس السنغالي الحالي ماكي سال، الذي تربطه بالمملكة المغربية والملك محمد السادس علاقات متميزة ومتينة. كما إن التوقف الإجباري لطائرة واد في مطار محمد الخامس الدولي يخفي وراءه صراعًا سياسيًا، بدأت تلوح مؤشراته في سماء السنغال، قبل أيام قليلة من إيداع الترشيحات للانتخابات. فرغم تأكيد وزير الخارجية السنغالي، المتواجد حاليًا في المغرب، أن واد مرحّب به في بلده، "وسيستقبل بكرامة، وأن الحكومة اتخذت كل الترتيبات لتضمن ذلك"، إلا أنه وصف هذه العودة ب "السياسية"، مضيفًا أن واد وأنصاره اختاروا التسييس لبث الاضطرابات وإثارة المتاعب، أيامًا قليلة قبل إيداع الترشيحات للانتخابات. خوف النظام في تحليل لهذا الوضع المضطرب، قال تاج الدين الحسيني، الخبير المغربي في العلاقات الدولية: "هذه الأزمة تكشف عن وجود صراع سياسي حقيقي بين نظام الحكم السنغالي والمعارضة التي يمثلها عبد الله واد، والتي تتمثل أساسًا في الحزب الديمقراطي، الذي كان من خلاله يمارس واد السلطة". أضاف الحسيني ل "إيلاف": "هذه الوضعية تعبّر عن تراجع النضج السياسي لدى الطبقة الحاكمة بصفة عامة في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، فالسنغال كانت في زمن ما تعطي النموذج في عهد الرئيس سينغور عن الحكامة السياسية والنزاهة من طرف الحاكمين، إذ كان أول رئيس يغادر الحكم بمحض إرادته". وعبّر الخبير في العلاقات الدولية عن تخوف يشعر به النظام الحاكم من أن تكون عودة واد قبيل إجراء الانتخابات المقبلة مناسبة لتمكينه من اكتساح الحقل السياسي بقوة، ، ولو أن عمره تجاوز الثمانين، وتمكين حزبه من الفوز في الانتخابات المقبلة. وكشف الحسيني عن وجود نوع من النفاق السياسي، "فالنظام الحالي يرحّب بعودة واد إلى بلده، وفي الوقت نفسه يضع العراقيل، من قبيل الزعم أن ثلاثة ركاب في طائرته لم يعبّر عن صفتهم قبل نزول الطائرة، وهذه أشياء غير مقبولة في مثل هذه الحالات، خصوصًا أن الأمر يتعلق بطائرة خاصة لرئيس سابق". مرونة ضرورية لكن، هل يعود واد مجددًا إلى فرنسا؟، هل يتابع طريقه نحو داكار؟... هذه أسئلة، يضيف الحسيني، تبقى مطروحة اليوم في انتظار وضوح الرؤية. وأكد الحسيني أن عودة واد إلى فرنسا من دون التمكن من الالتحاق بوطنه ستحدث هزة سياسية حقيقية في كل الأوساط السياسية في السنغال، "كما ستمكنه من اكتساب شعبية أكبر من التي كان ينتظر أن يحققها في ظل عودة محفوفة بنوع من المخاطر، ونحن نتذكر أن القادة السياسيين الذين يتمكنون من ممارسة المعارضة من خارج بلدانهم يتمتعون عادة بشعبية كبيرة ويكتسحون الفضاء السياسي بقوة عند عودتهم". ويعتقد الحسيني أن السلطات السنغالية ستتعامل مع الموضوع بنوع من المرونة لتفادي الوصول إلى مثل هذه المرحلة التي تؤرق فضاءها السياسي في المستقبل القريب. وكانت تقارير قالت إن التأجيل مردود إلى مشكلة تتعلق بخطة الطيران وتصريح إقلاع الطائرة، وإن واد أرسل رسالة إلى أنصاره في الحزب الديمقراطي السنغالي، الذين اجتمعوا في العاصمة، ليعلمهم بعودته اليوم الجمعة. ايلاف