محافظة الجوف: نهضة زراعية غير مسبوقة بفضل ثورة ال 21 من سبتمبر    الربيزي يُعزي في وفاة المناضل أديب العيسي    الأرصاد يخفض الإنذار إلى تحذير وخبير في الطقس يؤكد تلاشي المنخفض الجوي.. التوقعات تشير إلى استمرار الهطول    تشكيل "قوات درع الوطن" لصاحبها "رشاد العليمي" غير قانوني (وثيقة)    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    الخونة خارج التاريخ    جائزة الكرة الذهبية.. موعد الحفل والمرشحون    للمرة السادسة.. "فيتو" أميركي في مجلس الأمن يفشل مشروع قرار لوقف النار في غزة    قبيل التطبيع: اتفاقيات أمنية سورية مع إسرائيل قبل نهاية العام    البوندسليجا حصرياً على أثير عدنية FM بالشراكة مع دويتشه فيله    جنوبيا.. بيان الرئاسي مخيب للآمال    لماذا تراجع "اليدومي" عن اعترافه بعلاقة حزبه بالإخوان المسلمين    ذكرى استشهاد الشهيد "صالح محمد عكاشة"    راشفورد يجرّ نيوكاسل للهزيمة    صندوق النظافة بتعز يعلن الاضراب الشامل حتى ضبط قتلة المشهري    حين تُغتال النظافة في مدينة الثقافة: افتهان المشهري شهيدة الواجب والكرامة    تعز.. إصابة طالب جامعي في حادثة اغتيال مدير صندوق النظافة    تجربة الإصلاح في شبوة    سريع يعلن عن ثلاث عمليات عسكرية في فلسطين المحتلة    وعن مشاكل المفصعين في تعز    الصمت شراكة في إثم الدم    الفرار من الحرية الى الحرية    ثورة 26 سبتمبر: ملاذٌ للهوية وهُويةٌ للملاذ..!!    مسيّرة تصيب فندقا في فلسطين المحتلة والجيش الاسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ ومسيّرة ثانية    الهيئة العامة للآثار تنشر القائمة (28) بالآثار اليمنية المنهوبة    إشهار جائزة التميز التجاري والصناعي بصنعاء    انخفاض صادرات سويسرا إلى أميركا بأكثر من الخُمس بسبب الرسوم    مجلس القضاء الأعلى ينعي القاضي عبدالله الهادي    البنك المركزي يوجه بتجميد حسابات منظمات المجتمع المدني وإيقاف فتح حسابات جديدة    بتمويل إماراتي.. افتتاح مدرسة الحنك للبنات بمديرية نصاب    نائب وزير الإعلام يطّلع على أنشطة مكتبي السياحة والثقافة بالعاصمة عدن    الوفد الحكومي برئاسة لملس يطلع على تجربة المدرسة الحزبية لبلدية شنغهاي الصينية    تعز.. احتجاجات لعمال النظافة للمطالبة بسرعة ضبط قاتل مديرة الصندوق    برغبة أمريكية.. الجولاني يتعاهد أمنيا مع اسرائيل    موت يا حمار    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ العيسي بوفاة نجل شقيقه ويشيد بدور الراحل في المقاومة    يامال يغيب اليوم أمام نيوكاسل    مفاجأة طوكيو.. نادر يخطف ذهبية 1500 متر    نتائج مباريات الأربعاء في أبطال أوروبا    رئيس هيئة النقل البري يعزي الزميل محمد أديب العيسي بوفاة والده    دوري أبطال آسيا الثاني: النصر يدك شباك استقلال الطاجيكي بخماسية    مواجهات مثيرة في نصف نهائي بطولة "بيسان الكروية 2025"    الامم المتحدة: تضرر آلاف اليمنيين جراء الفيضانات منذ أغسطس الماضي    حكومة صنعاء تعمم بشأن حالات التعاقد في الوظائف الدائمة    استنفاد الخطاب وتكرار المطالب    التضخم في بريطانيا يسجل 3.8% في أغسطس الماضي    غياب الرقابة على أسواق شبوة.. ونوم مكتب الصناعة والتجارة في العسل    لملس يزور ميناء يانغشان في شنغهاي.. أول ميناء رقمي في العالم    وادي الملوك وصخرة السلاطين نواتي يافع    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    رئيس هيئة المدن التاريخية يطلع على الأضرار في المتحف الوطني    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    100 دجاجة لن تأكل بسه: قمة الدوحة بين الأمل بالنجاة أو فريسة لإسرائيل    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ازدواج الهوية.. صراع بين الانتماء للوطن البديل والولاء للأصيل (3)

قضية ازدواجية الجنسية وتبدل الهوية في عالمنا العربي، تعتبر مسألة شائكة ومتعددة الجوانب، خاصة في ظل الهجرة الكثيفة التي طالت الكفاءات والأدمغة، بل وحتى العمالة الهامشية إلى شتى بقاع الأرض، وحصل خلالها الكثيرون على جنسية الدولة التي هاجروا إليها.
وهناك دول تسمح بالازدواج وأخرى ترفض ذلك، إلا أن الأمر الأهم يتمثل في الصراع الذي يعيشه الكثيرون في بلاد الغربة، والمتعلق بقضية الولاء للوطن الأم، وسبر أغوار حقيقة الانتماء للوطن البديل. أجمع البعض أن نيل الجنسية في الحالتين، هي تجمع الانتماء والولاء معاً، الانتماء لشعب والولاء لوطن، إلا أن البعض الآخر يرى أن الولاء لا يكون إلا للمكان الذي ولد فيه الشخص، وتربى وعاش فيه سنوات عمره.
ويبرز سؤال مهم وماذا عن الأجيال الجديدة التي ولدت وعاشت في دول أخرى، غير بلدها الأصلي، الذي غادره الأب أو الجد، بسبب الظروف المعيشية الصعبة، فاختار وطناً بديلاً، ونظراً لطول إقامته فيه، حصل على الجنسية ونالها من بعده الأبناء والحفدة.
وسؤال آخر يفرض نفسه هل يتجزأ الولاء وإن تعددت مواقع الانتماء؟ وماذا يفعل المواطن العربي إن عاوده الحنين إلى بلده ومهد طفولته ومرتع صباه؟ هل يتخلى عن الجنسية الجديدة ؟ وكيف يتصرف إذا أسقطت عنه التي كانت بالميلاد لا التجنس؟ طرحنا تلك الأسئلة على خبراء وساسة ومفكرين ومتخصصين في علم الاجتماع وأطباء في الصحة النفسية، فجاءت الآراء ثرة، وإن تباينت في أغلبها.
أزمة
الوطن العربي أصبح منطقة طاردة
«الأصل عند الإنسان الترحال والتنقل بحثاً عن الأفضل وهي فطرة لاستكشاف بقاع الأرض، والمتمعن في حركات الترحال عند الإنسان العربي يجدها ترتكز على البحث عن لقمة العيش وعن الكرامة والأمن والاستقرار وهي أشياء ربما يفتقدها في وطنه، والانتماء بشكله العام غريزة فطرية وهي من أهم المؤثرات في تحركه، إن كانت انتماءات عقائدية أو انتماءاته إلى تراب أرضه أو ثقافة بلده».
هكذا بدأ المحلل السياسي العماني أحمد بن محمد الشيزاوي حديثه حول قضية الهوية، وقال إن استبدال هوية الشخص لا تأتي عادة رغبة أو قراراً تفرضه الهجرة، وعندما يستبدل جنسيته بأخرى تخص البلد، الذي ارتحل إليه، يتشكل في داخله وطن بديل بحكم لقمة العيش، لكن يبقى للوطن الأم حكاياته وحنينه وذكريات الطفولة، وكلها أمور قد تتقلص عند جيل الأبناء الذين لم يولدوا على تراب الوطن الأم، ولم يحملوا في ذاكرتهم إلا حكايات آبائهم. لأن الأبناء باتوا متعلقين بالوطن البديل الذي ولدوا وكبروا ودرسوا فيه.
وأضاف أن قياس انتماء العربي للوطن البديل الذي أمن له معيشته وحافظ على كرامته ينبثق من تقديره للأرض التي منحته الكثير من الاستقرار والعيش الكريم.
ويلاحظ أن المهاجر في مرحلته الانتقالية، التي يعيشها في الوطن البديل، يعيش ازدواجية وتتنازعه هواجس عدة بين وطنين، وربما تطول وتقصر المدة كلما توفرت له بيئة الاندماج والمساواة، فالمعيشة الجيدة وحدها لا تكفي لخلق انتماء إذا كان خالياً من الكرامة والعدالة الاجتماعية، وكلما شعر بنقص ما في أو افتقد شيئاً من العدالة، يعاوده الحنين مجدداً إلى وطنه الأم حتى وإن كان وطنه في أسوأ أحواله.
البحث عن الأمان
وقال المواطن سالم بن خلفان الروشدي، إن العالم العربي اليوم يعاني من أزمة هوية؛ فكثير من أبنائه اضطروا للهجرة من موطنهم الأصلي إلى دول شتى، لا سيما العلماء، والأدباء، والمفكرون، سعياً لتوفير لقمة العيش لهم ولعائلاتهم، وبعضهم العرب أضطر للهجرة بحثاً عن الأمان، والاستقرار النفسي والعائلي؛ حيث تعاني بلدانهم من أوضاع أمنية متدهورة، يصعب التعايش معها، مع تفشي ظاهرة الاغتيالات والتفجيرات وغيرها.
وأوضح رغم هجرة البعض وتركهم لبلدانهم، إلا أن المتتبع لأخبار الكثير من المهاجرين يجد أن حنينهم نحو موطنهم الأصيل يراودهم دائماً، بل ويشغل تفكيرهم باستمرار، ويحدوهم الأمل كثيراً للرجوع إليه متى ما سنحت أمامهم الفرصة لذلك فالطبع غلاب.
ومهما توفر لهم من رخاء اقتصادي، وأمأن وظيفي، واستقرار نفسي،إلا أن الإنسان بطبعه يميل إلى موطنه الأول الذي يتشارك فيه مع سكانه قيم وعادات كثيرة، وتطلعات وآمال مشتركة، عكس المكان الذي اضطر إلى الهجرة إليه، الذي يتباين فيه مع سكانه في العادات والسلوك، وأنماط الحياة.
ازدواجية
عراقيون حملة الجوازات الأجنبية يتمتعون بالمزايا
تتشابك مسألة ازدواجية الجنسية، أو تعدد جوازات السفر في العراق، مع مسألة حساسة جداً، انتشرت منذ الغزو الأميركي عام 2003 ولا تزال وتتمثل في الحساسية المفرطة بين من يسمون عراقيي الداخل، ومواطنيهم بالخارج، فالذين تولوا إدارة الحكم بعد الغزو، هم في الأغلب من أهل الخارج، الذين يقولون، إنهم ناضلوا ضد النظام السابق، وأسهموا في إسقاطه، وينظرون إلى المتواجدين بالداخل أنهم بعثيون وإن لم ينتموا للحزب، بينما النظرة إلى القادمين مع الاحتلال لتولي الحكم، أنهم غرباء عن الوطن، ولم يعايشوا مأساته، وتسلط النظام والحكم فيه، وقسوة الحصار الذي أوجعهم طيلة 13 سنة قبل الغزو.
ويرى مراقبون وسياسيون، أن المعادلة ما زالت قائمة، وتعطي حاملي جوازات السفر الأجنبية امتيازات استثنائية على الصعيدين الداخلي والخارجي، فحامل الجواز الوطني لا يحظى في الدول الأخرى بالاهتمام والاحترام.
ولتلك الأسباب وغيرها، يرفض المسؤولون ومعظم البرلمانيين، مناقشة موضوع ازدواجية الجنسية، حيث ينص الدستور في المادة 18 على منع ازدواج الجنسية لدى المسؤولين الذين يحتلون مناصب عليا بالدولة.
يقول المحلل السياسي مشرق ناجي: لا يعتقدُ وطني منصف، أن الوزير أو المدير العام أو رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، يمكن أن يعيش بجنسيتين، واحدة يستحقها بالولادة، وأخرى اكتسبها بالهجرة، ويرى كثيرون ضرورة حسم القضية لصالح الانتماء الوطني وليس مصلحة الشخص، وإلا فليترك المسؤولية العامة، ويعيش وفق ما يريد.
وتطالب النائبة عن محافظة نينوى وصال سليم، باتباع سلسلة من الإجراءات للقضاء على الأخطاء، التي رافقت عملية الانتخابات السابقة، التي أسهمت في وصول مسؤولين بالحكومة وفي البرلمان من حاملي الجنسية المزدوجة.
ولدينا تجريه سابقة فكثير من الفاسدين هربوا لاحتمائهم بالجنسية الأخرى، لذا لا بد من التشديد على عدم ترشيح حامل«المزدوجة» لأي منصب في الدولة، خاصة والمطلب أقره الدستور في المادة 18، وعلى القوى السياسية الالتزام بالدستور ونحن أمامنا انتخابات برلمانية.
وتدعو النائبة سهاد العبيدي إلى حظر الوظائف السيادية على مزدوجي الجنسية، لأن حمل أكثر من جنسية للمسؤول سوف يسبب للعراق الكثير من المشكلات، وخلق من قبل الكثير من المشكلات داخل البلاد، على اعتبار أن الذين تسلموا مناصب رفيعة في الحكومة، ثبت تورط بعضهم في ملفات فساد وغسيل أموال وغيرها، ولا يمكن ملاحقتهم ومحاسبتهم بعد خروجهم من البلاد، لأنهم يملكون جنسية أجنبية، تتيح لهم الحماية وتمنع مساءلتهم.
وتستدرك قائلة: إن الجنسيات المكتسبة لا بأس بها، لو كانت في دولة مستقرة أمنياً وسياسياً، لكن ليس في دولة مثل العراق المضطربة حالياً. ويرى النائب عن التحالف الكردستاني محمد خليل، أن مشروع قانون إلغاء الجنسية المكتسبة يحتاج إلى مراجعة ومباحثات مع الدول المانحة للجنسية.
وأشار لوجود اتفاق مسبق بأن المناصب السيادية المتمثلة بالرئاسات الثلاث والوزارات، لا تعطى لمزدوجي الجنسية.
%10 من التونسيين يعيشون في الخارج
يعيش مليون تونسي خارج بلادهم بينهم 700 ألف مقيمون في فرنسا وحدها، ويُمثّل المقيمون في دول المهجر 10 بالمئة من الشعب، وهي من أكثر الدول العربية انفتاحاً على الغرب، ما يطرح مفهوم الهوية بشكل مغاير، وتسبّب ذلك الانفتاح في ظهور طبقة سياسية وثقافية واقتصادية مرتبطة بالثقافة الغربية، وفي وجود نسبة مهمة من المهاجرين وخاصة في أوروبا في بروز مشاكل ثقافية وحضارية لدى الجيلين الثاني والثالث، الأمر الذي دفع بالدولة منذ فترة طويلة الى طرح القضية على نطاق واسع، وتخصيص برامج لتعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية للمولودين في الخارج.
وتُمثّل ازدواجية الجنسية إحدى أهم القضايا التي تواجه المجتمع، وتلقي بظلالها على النخب السياسية والثقافية، وفي حين يراها الليبراليون حالة طبيعية في ظل التبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب، يحاول الآخرون التطرق إليها من باب الاستغلال السياسي. ومنذ الإطاحة بالنظام السابق، ظهرت نخبة سياسية أغلبها عاش بالخارج.
ويقر الدستور الجديد حق الترشح لمنصب رئيس الدولة، لأصحاب الجنسيات المزدوجة، الأمر الذي رأى فيه منتقدوه مساومة سياسية، ومحاولة لاسترضاء الغرب أكثر من المتغرّبين، واعتبر رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر سليم الرياحي، أن السماح بازدواجية الجنسية ضمن الفصل 73 المتعلق بالترشح لرئاسة الجمهورية، يشكّل خرقاً خطيراً للسيادة الوطنية، وقد يشكّل منفذا لخيانة الوطن.
والخرق إن حدث سيهدّد مستقبل البلاد وسيادتها الوطنية، ويمهّد لجعلها تابعة لدول أجنبية، يمكنها صناعة رئيس الجمهورية بالخارج.
الانتماء الحقيقي
وتنظر وزيرة السياحة الحالية التي تحمل الجنسية الألمانية الى جانب الوطنية آمال كربول الى مسألة ازدواجية الهوية، على أنها لا تحول دون الانتماء الحقيقي الى الوطن الأم الذي يبقى العنوان الأصلي لشخصية الفرد، والوطن عندما يحتاج إلى أبنائه في الخارج يجدهم، وهو ما يظهر حالياً في حكومة مهدي جمعة التي تتكون من أغلبية، جاءت معظمها من عواصم الغرب خصيصاً للمشاركة في قيادة البلاد، خلال المرحلة الانتقالية وقد ضحت تلك الكفاءات بكثير من الامتيازات المادية والوظيفية في سبيل المعنى من الالتزام بخدمة الوطن الأم والارتباط بمصالحه.
واختار رجل الأعمال محمد رؤوف الخماسي المقيم في ألمانيا منذ 42 عاماً، بعد الثورة أن يتموقع في جمعية ناشئة لخدمة التونسيين بالخارج وإبلاغ أصواتهم إلى أصحاب القرار.
ويقول عن تأسيس الجمعية انه اختيار واع لأن الجالية بالخارج عموما شعرت بأنها مبعدة عن المشاركة في رسم ملامح بلادها بعد الثورة لذلك اختاروا ان يكونوا قريبين من موقع القرار، وفضلوا أن يكونوا في الوطن حتى لا يشعر أي مهاجر بأفضلية على غيره إن كانت الجمعية في بلد دون آخر، ويضيف ان أبناء بلده في الخارج يمثلون نسبة مهمة من الشعب تصل الى العشر تقريبا، ويحولون أكثر من مليارين ونصف المليار دينار سنويا، وبينهم كفاءات عالية في مختلف الاختصاصات، كما ينادي بضرورة الاهتمام الفعلي بالأجيال الجديدة من أبناء المهاجرين، وربطهم بهويتهم الوطنية، وإنقاذهم من خطر الذوبان الكامل في هويات الشعوب الأخرى.
آفاق أرحب
ويعتبر مصمم الأزياء العالمي عز الدين علية من أبرز نماذج ازدواجية الهوية، وهو لا يرى في ذلك عيبا ، وإنما تفاعل أكبر مع آفاق أرحب، ويؤكد أنه مستعد لخدمة تونس من موقعه، حيث يستعد لتقديم عرض أزياء بمتحف باردو بالعاصمة خلال الفترة المقبلة بمبادرة من وزيرة السياحة امال كربول في خطوة للترويج للسياحة التونسية عن طريق اسم معروف في مجال التصميم، وهو مصمم أزياء تونسي فرنسي مقيم في باريس ويرتدي عديد المشاهير من تصاميمه ومنهم مشاهير هوليوود إضافة إلى شخصيات سياسية كانت آخرها ميشال اوباما زوجة الرئيس الأميركي باراك اوباما.
ودرس عز الدين بمدرسة الفنون الجميلة الوطنية، قبل هجرته، حيث بدأ يشق طريقة في عالم الأزياء ليصبح واحداً من أهم مصممي الأزياء في العالم.
وعن سبب عدم تفكيره في العودة الى تونس قال الأكاديمي التونسي في علم الفيزياء قاسم الزلامي والذي يقيم بفرنسا منذ سنة 1972، انه ليس هو الوحيد الذي لا يفكر في العودة، بل جل الأساتذة الجامعيين هناك لا تسمح ظروفهم بالعودة الا للزيارة فقط.
وأوضح المدرس بجامعة وندزر في كندا فوزي غريب والموجود هناك منذ سنة 1999، ولديه اختصاص في الهندسة المدنية، انه لا يفكر في العودة لأسباب عائلية بالأساس نظراً لأن ابناءه ولدوا وتربوا هناك ولا يواجهه أية صعوبات في المؤسسة التي يعمل فيها.
أفضلية
يرى فوزي غريب ان ظروف العمل بالنسبة للجامعي في الخارج، أفضل مما هو متوفر داخل الوطن والأجر احسن. وقال اختصاصي الهندسة الكيميائية في احدى جامعات باريس سمير فرحات، انه لا يريد العودة الى البلاد لأسباب عدة منها ان ظروف العمل في باريس أفضل واطار البحث العلمي أحسن وإنجاز البحوث العلمية أسهل.
موقف
الجزائريون يقاومون الذوبان في المهجر
تُعتبر الجزائر بين أكثر 10 دول في العالم تغذية للخارج بالمهاجرين والذين يمثلون 6.7 % من إجمالي سكان بلادهم البالغ عددهم 39.1 مليون نسمة، حيث ينتشرون في قارات الدنيا بكل اتساعها.
وكشف تقرير رسمي أصدرته وزارة التضامن الوطني ان عدد المسجلين رسمياً على مستوى السفارات والمراكز القنصلية يبلغ نحو مليوني مهاجر منهم 85% في فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي، والباقون موجودون بين شمال أميركا والشرق الأوسط ودول الخليج والمغرب العربي ودول الساحل الإفريقي مع تواجد طفيف في روسيا واستراليا.
وتشير الأرقام إلى تراجع أعداد المهاجرين من الجيل الأول وخاصة في دول الوجهات التقليدية وهي فرنسا، مع ارتفاع ملموس في عدد المهاجرين من الجيل الثاني والثالث.
وتعود البدايات الأولى لهجرة الجزائريين إلى العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر بين الأعوام من 1880إلى 1900 خلال حقبة الاستعمار، حيث كانت الأسباب الاقتصادية محركا رئيسيا للهجرة فضلا عن قرار السلطات الاستعمارية الفرنسية فرض التجنيد القسري والخدمة العسكرية تلبية لاحتياجات الاقتصاد الفرنسي والقوات المسلحة وخاصة في الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وأهم ما يميز هجرتهم هو محافظة الجالية على نمط حياتها كمجموعة مستقلة، ما انعكس سلبا في ما بعد بتحولها إلى هدف عنصري سهل أكثر من سواها بحجة رفض سياسات الاندماج التي حاولت الحكومات الفرنسية فرضها على الأجانب، وخاصة محاولات مسخ الهوية المغايرة عندما يتعلق الأمر بمهاجرين من شمال إفريقيا يدينون بالإسلام في الغالب، ويرفضون الانصهار والذوبان في بوتقة المجتمع الذي يتخفى وراء علمانية الدولة.
وكان لسياسة رفض الاندماج حفاظا على الهوية ثمن مرتفع، حيث عادة ما يجد المهاجر نفسه مهمشا بالضواحي في ظروف قاهرة وخاصة بالنسبة للجيل الثاني والثالث الذي أصبح أكثر عرضة للبطالة والإقصاء الاجتماعي.
التمييز العنصري
وأصل المشكلة، أن الهجرة إلى فرنسا كانت تعتبر بموجب قانون1914 مجرد تحرك داخلي في حدود البلد الواحد باعتبار ان الجزائر مقاطعة فرنسية طبقا لقرار عام 1848، ما يعني ان للقوى العاملة الجزائرية المطالبة بحقوق مساوية للمواطنين هناك في الرواتب والاعانة والضمان الاجتماعي.
الا ان الحقيقة كانت مختلفة تماما، فالجزائريون لم يستطيعوا المطالبة بذلك، وخلال فترة الانكماش الاقتصادي كان يتم طردهم من العمل ببساطة واعتبارهم عمالاً أجانب عاطلين عن العمل، وهو العامل الذي أسهم في تغذية البحث عن الجذور حفاظا على الهوية وتغذية الحس القومي الذي شكل آليات الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية المتميزة بشكل جذري عن المجتمع الفرنسي.
ويقول الباحث في شؤون الهجرة نيل ماك ماستر في كتابه "المهاجرون والتمييز العنصري.. الجزائريون في فرنسا" الصادر عن دار ماكميلان في بريطانيا، ودار مارتينس في الولايات المتحدة عام 2001، إن من بين المؤشرات الأكثر حساسية لحفاظ المهاجرين على هويتهم في المجتمع الفرنسي، رفضهم للزواج المختلط، وساعد عامل آخر على مقاومة الجالية هناك للذوبان في مجتمع فرنسا ويتمثل في النمط الدوري للهجرة، حيث كان العمال من الجيل الأول يتحركون بشكل ثابت بين ديار الاغتراب وقراهم الأصلية في الجزائر.
ففي منطقة الغرب يعود العمال سنويا أيام الحصاد لمساعدة ذويهم وبذلك يحتفظون بجذورهم وتقاليد بيئتهم. وخاصة أن الهجرة الجزائرية ولفترة طويلة كانت هجرة ذكور وفي عام 1948 بدأت تأخذ طريقها الى عملية جمع الشمل العائلي والاستيطان هناك.
وتلك تمثل المرحلة الثانية للهجرة التي كانت تماما في ذروتها في الفترة بين 1948 و1954 عندما اندلعت حرب التحرير لتحقيق الاستقلال، والحرب كانت عاملاً مهماً لتعميق عزلة الجالية عن المجتمع الفرنسي، وأصبح أفرادها هدفاً لعمليات الشرطة وللكراهية وعرضة للعنف العنصري.
البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.