لأول مرة .. بتكوين يقفز ويتجاوز 100 ألف دولار.    توافد جماهيري كبير إلى ميدان السبعين بصنعاء وساحات المحافظات    بمشاركة زعماء العالم .. عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    تصل إلى 100 دولار .. لجنة حكومية تفرض رسوم امتحانات على طلاب الثانوية اليمنيين في مصر    في شوارع الحزن… بين أنين الباعة وصمت الجياع    توقعات بهطول أمطار وموجة غبار    حتى أنت يا بروتوس..!!    الشلهوب يقود الهلال إلى الفوز من المباراة الأولى    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الجوع في غزة بشكل متسارع    ارتفاع أسعار الذهب قبيل محادثات تجارية مرتقبة بين واشنطن وبكين    تشيلسي إلى نهائى دورى المؤتمر الأوروبي    الأهلي يفوز على المصري برباعية    ناطق الحكومة يوضح جانبا من إنجازات وجهود الحكومة في التصدي للعدوان الأمريكي    مانشستر يونايتد يضرب موعداً مع توتنهام في نهائي الدوري الأوروبي    واقعة خطيرة.. هجوم مسلح على لاعبي فلامنغو    ليفربول يقدم عرض للتعاقد مع نجم مانشستر سيتي بروين    "تل المخروط".. "هرم" غامض في غابات الأمازون يحير العلماء!    الأسباب الرئيسية لتكون حصى المرارة    العليمي اشترى القائم بأعمال الشركة اليمنية للإستثمار (وثائق)    الغيثي: أميركا غير مقتنعة بأن حكومة الشرعية في عدن بديل للحوثيين    الجولاني يعرض النفط والتواصل مع إسرائيل مقابل رفع العقوبات    باشراحيل: على مواطني عدن والمحافظات الخروج للشوارع وإسماع صوتهم للعالم    وطن في صلعة    لماذا يحكمنا هؤلاء؟    الطائرات اليمنية التي دمرتها إسرائيل بمطار صنعاء لم يكن مؤمنا عليها    تحديد موعد أولى جلسات محاكمة الصحفي محمد المياحي    تغاريد حرة .. صرنا غنيمة حرب    عيد ميلاد صبري يوسف التاسع والستين .. احتفال بإبداع فنان تشكيلي وأديب يجسد تجارب الاغتراب والهوية    دبلوماسي امريكي: لن ننتظر إذن تل أبيب لمنع اطلاق النار على سفننا    أرقام تاريخية بلا ألقاب.. هل يكتب الكلاسيكو نهاية مختلفة لموسم مبابي؟    البرلماني بشر: اتفاق مسقط لم ينتصر لغزة ولم يجنب اليمن الدمار    تعيين نواب لخمسة وزراء في حكومة ابن بريك    وسط فوضى أمنية.. مقتل وإصابة 140 شخصا في إب خلال 4 أشهر    السامعي يتفقد اعمال إعادة تأهيل مطار صنعاء الدولي    صنعاء.. عيون انطفأت بعد طول الانتظار وقلوب انكسرت خلف القضبان    سيول الامطار تجرف شخصين وتلحق اضرار في إب    القضاء ينتصر للأكاديمي الكاف ضد قمع وفساد جامعة عدن    *- شبوة برس – متابعات خاصة    تكريم طواقم السفن الراسية بميناء الحديدة    صنعاء .. شركة النفط تعلن انتهاء أزمة المشتقات النفطية    اليدومي يعزي رئيس حزب السلم والتنمية في وفاة والدته    شرطة آداب شبوة تحرر مختطفين أثيوبيين وتضبط أموال كبيرة (صور)    محطة بترو مسيلة.. معدات الغاز بمخازنها    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    خبير دولي يحذر من كارثة تهدد بإخراج سقطرى من قائمة التراث العالمي    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبور المضيق.. في نقد أولي للتجربة (1)
نشر في الجنوب ميديا يوم 26 - 04 - 2014


يكتب د. ياسين سعيد نعمان
من زمن قديم
نمت على قبر أمي
شجيرات
تطلق أزهاراً،
لها لون محياها..
ولها عبق شعرها
و سحر عينيها
وصفاء روحها
ووضوح كلماتها..
على يديها، وعلى حافة قبرها
تعلمت
أن للكلمة ثمن، هو الموقف
وأن الموقف يعنى التضحية
وأن حاصل جمع:
الثمن في الأولى والمعنى في الثانية هو الحياة!
*****
مارس 2014
تمهيد
لم تكن فكرة الكتابة في هذا الموضوع قد اختمرت في ذهني قبل صدور قرار مجلس الأمن رقم (2140) لعام 2014، والذي يضع اليمن تحت طائلة البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة. لم تثر الفكرة عندي حماسة الكتابة في ذلك الوقت الذي كانت تحتدم فيه الأحداث في أكثر صورها تعبيراً عن مخاضات عسيرة لولادة متوقعة للجديد.. فقد اعتبرتها مهمة؛ ولكن مؤجلة إلى الوقت الذي تتم فيه الولادة، وتصفو فيه الروح، وتكون المشاعر قد هدأت وتخلصت من تأثير الصدمة التي أحدثتها تلك اللحظات الدرامية التي ابتلعت جزءاً هاماً من الحوار في واحد من أكثر المشاهد ملهاة واستخفافاً بالمعاني الأصيلة لقيمته في حياة اليمنيين.
منذ ما قبل الحوار وأثناءه وأنا أتساءل عما إذا كان باستطاعة اليمن أن يخرج، هذه المرة، منتصراً، وحاملاً بيده مشعل المستقبل يضيء طريقه إلى حياة أفضل. تفرع هذا السؤال إلى عدة أسئلة. رأيت اليمن قد تحرك من حالة الجمود والتفكك، التي عاشها لعقود، نحو المضيق الذي يوصله بالمستقبل، محمولاً على راحلة ثورة التغيير والحوار. على هذه الراحلة، وفي رحلته نحو هذا المستقبل، دخل هذا المضيق، وعلى نجاحها يتوقف خروجه منها. لم يعد أمامه من خيار سوى النجاح أو الموت داخل هذا المضيق. هناك فقط خيار واحد، وهو العبور بنجاح كامل. ليس هناك نصف حل لهذا الخيار الحاسم.
وتفرع عن ذلك سؤال آخر، وهو: هل الوطن مجرد جغرافيا وأنظمة تسلط، ورعية، وحقوق منهوبة، وحريات مغتصبة واستبعاد اجتماعي...؟ أم أن الوطن قيمة أنبل من كل القيم الأخرى؛ قيمة جامعة لكل القيم التي تجسد الإنسان في كامل صورته كمستخلف على هذه الأرض، ومن هذا الاستخلاف يستمد انتماءه وحقوقه وحرياته كمواطن لا كرعوي، كسيد على الجغرافيا لا كمسود، كصانع لحياته لا كمهمش ينتظر الإحسان من مغتصبي حريته وحقوقه؟ البلدان التي بقيت مجرد جغرافيا وأنظمة تسلط ورعية، وفشلت في أن تتحول إلى وطن يُجسد المعنى الإنساني للحياة على هذه الجغرافيا، راوحت في مكانها، وغرقت في التخلف والصراعات والعنف، وتعرضت للانهيارات المستمرة.
تعسرت الولادة. فهل كان القرار الأممي بمثابة الحدث الذي حرك قطع الشطرنج من أماكنها، على أي نحو كان، لتسريع المخاض وإنهاء اللعبة؟
يجب أن نعرف أن "الأوطان" لا تصل إليها الشعوب بقرارات دولية؛ فهي عملية موضوعية نضالية تعتمد في الأساس على إدراك الشعوب لما تعنيه كلمة "الأوطان" في حياتها، وأن النضال من أجلها يستحق التضحيات.
لا أحد يستطيع أن يهبنا "وطن" ما لم تكن الحوافز لدينا للوصول إليه أقوى مما في معادلة الحياة من تحديات، وما لم نكن مستعدين للعمل الجاد من أجل الوصول إليه؛ ذلك الاستعداد الذي تحركه دوافع أن نعيش ونحيا بكرامة، بعيداً عن ضغوط الهجرة وجراح الترحيل. آباؤنا وهبونا بلداً -جغرافيا- نعيش عليه وننتمي إليه. أما تحويله إلى "وطن" فقد بقي مهمة نتوارثها، وحانت فرصة تحقيقها. هذه الفرصة لا يجب أن تهدر فوق ما أهدر من فرص. لا أحد يملك القدرة على منعنا من تحويل بلدنا إلى "وطن"، كبقية خلق الله الذين سبقونا إلى ذلك. وحتى حينما يتعارض مفهوم هذا الوطن مع ما كرسه الاستبداد من مصالح فاسدة، وأنماط اقتصادية طفيلية، وثقافة تبريرية منهكة لحوافز التغيير، وبنى اجتماعية مشوهة؛ وكلها تقاوم هذا التحول؛ فإن هذا الغث كله غالباً ما يفضي إلى خلق القوة المناهضة له في الجانب الآخر من المشهد. إنها القوة التي ستتحمل تحقيق هذه المهمة. من هي هذه القوة في الحالة اليمنية؟! هذا ما سنرد عليه في الجزء الثاني.
في التجربة التاريخية لا تنشأ الحوافز القوية للتغيير إلا في واقع انحط، ولم يعد هناك أمل في إصلاحه. وهذه الحوافز تطلقها مبادرات تأتي من الأوساط الشعبية المؤهلة للقيام بهذه العمليات التاريخية، التي كان يقوم بها الأنبياء في الزمن القديم، عندما كانت مجتمعاتهم تصل إلى تلك الدرجات العالية من الانحطاط.
خيار التحول إلى وطن:
الفرص المهدرة
اليمن بلد ضاقت خياراته، تعثر بحكامه طويلاً، حتى وصل في مسيرته إلى المضيق، الذي لم يعد عنده مفر من البحث عن مخرج منه سوى أن تتصدر قوى الشعب الحية هذه العملية.
ليس لديه خيار آخر غير التحول إلى وطن، أو الكارثة. لن تكون روشتات الخارج على هذا الطريق، في أحسن الأحوال، سوى عامل مساعد لكبح جماح المتنطعين من أبنائه ممن أرهقوه بخياراتهم النزقة، والتي طالما تعارضت مع خيارات بنائه وتطويره على أسس سليمة.
ببقائه مجرد بلد تتنازعه الأهواء وتعصف به الأنواء، خسر كل المحطات التاريخية التي كان من الممكن أن تكون نقطة انطلاق جادة لمسيرة بنائه. ولم تكن تلك الخسارات هينة بحساب ضياع الفرصة واستهلاك الزمن. ضياع الفرصة يعقبه دائما استهلاك عبثي للزمن. ولنحسب هذه المحطات كفرص وما أعقبها من زمن ضائع.
منذ 2007، وحتى 2011، استعاد الشعب المبادرة، وكان الشباب والنساء في الصدارة. فالحراك السلمي في الجنوب، والذي بدأ يتشكل منذ ما بعد حرب 1994 في صورة احتجاجات ومصادمات مع النظام، على إثر الإجراءات التصفوية والقمعية التي مارسها ضد سكان الجنوب، كان رائداً في إطلاق المبادرة الثورية السلمية التي احتشدت فيها الجماهير على ذلك النحو، الذي لم يكن فقط معبراً عن مجرد احتقان اجتماعي، ولكنه شكل حالة سياسية ثورية كان لها تأثيرها البالغ، بعد ذلك، في إخراج الحياة السياسية من جمودها، وتحريك العوامل الثورية لتشتعل البلاد كلها بعد ذلك بثورة التغيير السلمية. أضحى "الوطن" على مرمى حجر. وبدا أن الفرصة التي تقدمها الحياة لليمن، بواسطة هذه المبادرة الثورية، في حاجة إلى حمايتها من الانزلاق مجدداً إلى أيدي المتنطعين، أيّاً كان منشؤهم أو انتماؤهم. فكل ما يمكن أن يستدل به على الخوف من الانزلاق بها مجدداً إلى أيديهم، هو أنهم كانوا دائما لا يقفون في الاتجاه المعاكس لمثل هذه الهبات، وإنما يسيرون بمحاذاة الفرصة ليتمكنوا من احتوائها، ويعيدوا بناءها لصالح مشروعهم المقاوم للتغيير. ومع كل فرصة مهدرة كانت قائمة هؤلاء تتسع، وتقل معها إمكانية إنتاج فرص أخرى.
في الزمن الأخير، لم يعد المشهد يتسع إلا لهؤلاء. ضاقوا بمن حولهم، ثم ضاقوا ببعضهم، ولم تعد "التورتة" قابلة للقسمة على هذا العدد المتزايد منهم، ومعهم الطابور الطويل من المحاسيب ممن ظلوا ينتظرون دورهم على المائدة. وكانت بداية النهاية لمرحلة، وبداية البداية لمرحلة جديدة، ومعها فرصة لا يجب أن تتعثر.
بهذا المعنى، كان لا بد أن تتعايش بدايتان، وبصورة جدلية: بداية النهاية لمرحلة، وبداية البداية لمرحلة أخرى؛ أي أن هذه البداية تتحقق في رحم نهاية مرحلة سابقة، مع كل ما يرتبه ذلك من تصادمات مسموح بها. فالتعايش هنا يجب ألا يعكس جموداً، وإنما حراكاً ديناميكياً ينتج البديل الذي يتوقف نجاحه على قدرته في توسيع مساحة هذا الحراك على الصعيدين السياسي والاجتماعي، دون الإخلال بشروط التسوية التي قامت على الالتزام بالتغيير السلمي عبر الحوار والتعايش والمشاركة الوطنية. كما أن هذه التصادمات لن يجري تكريسها، بصورة تحكمية، في نفس السياقات التي حكمت التحالفات السياسية للمرحلة السابقة؛ فهي ستأخذ مداها في الجانب الاجتماعي والثقافي والوطني وبناء الدولة والاقتصاد، وغيرها من شؤون الحياة المختلفة؛ أي أنها ستنشئ مساحة لتقاطعات أوسع، بل وستتجاوز رقعة التحالفات السياسية وعناصرها التي استقرت زمناً عند حالة بعينها، وهذا ما أثبته الحوار.
قال الحوار كلمته في أهم لحظة تاريخية من اللحظات الفارقة في حياة الشعوب المتطلعة إلى المستقبل، وأكد على أننا جميعا نريد أن نعبر المضيق إلى الضفة الأخرى، حيث ينتظرنا "وطن" مؤجل.
والسؤال: كيف سنمر؟ ومتى؟ وعلى أي "راحلة"؟ وما هي أدواتنا المكملة للحوار للمرور إلى المرحلة القادمة؟
لا يجب أن تكون هذه "الراحلة"، بكل تأكيد، هي قرار مجلس الأمن رقم (2140) لعام 2014. يجب أن نعفيه من هذه المهمة، حتى يأخذ قيمته من واقع ما يقرره اليمنيون من مسؤولية على عاتقهم تجاه بناء مستقبلهم. هذا على افتراض أن نخبه قد استوعبت الدرس، وأدركت أن القرار يلوح بإدانة تاريخية للفشل الذي منوا به في إدارة بلدهم. القرار لا يعفي أحداً من المسؤولية، على الرغم من أن قراءته على النحو الذي يعتبر فيه محفزا لأن يأخذ اليمنيون مسؤولية بناء بلدهم بجدية، لا تزال ممكن&am
الامناء نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.