الحاكم بأمر الله أشهر خلفاء الدولة الفاطمية بمصر وأكثرهم إثارة للجدل حول سلوكه اليومي وسيرته التاريخية الحافلة بالأوامر المعدودة من الغرائب والعجائب. تولى الخلافة خلفاً لأبيه العزيز بالله في عام 386 ه، وهو دون الحادية عشر من عمره، وظل تحت الوصاية إلى أن بلغ السادسة عشرة، وفي عام 391 ه أصبح الحاكم بأمر الله مصدر رعب لكافة الموظفين بالدولة كبارهم قبل صغارهم. ذلك أن فترة الوصاية حفلت بإهانات شتى للصبي الصغير ومعها محاولات لفرض السيطرة عليه من قبل الوزراء من الخصيان والأقباط، وكذلك من كبار قادة الجيش من المغاربة زيادة على مؤامرات القصر التي قادتها أخته الكبرى سيدة الملك لتدجين الخليفة وتطويعه. حديقة القصر بدأ الحاكم بأمر الله خلافته بعد فترة الوصاية بتصفية الرجلين اللذين تنازعا الوصاية عليه، وهما برجوان الذي رأى نفسه الخليفة الفعلي، فأوغل في حصد الثروات والتمتع باللذات، ولم يأبه للخليفة الشاب حتى أنه كان يدخل عليه راكباً جواده وواضعاً نعله بوجه الحاكم بأمر الله، فقد أمر على نحو مفاجئ بقطع رقبة برجوان، وهو يتجوَّل معه في حديقة القصر. ثم أعقب بتصفية جسدية شاملة لكل رجال برجوان وأمر بقتل الوصي الثاني، وهو قائد الجيوش كتامة ابن عمار الملقب بأمين الدولة، وذلك بأيدي جند من المشارقة الذين أحنقهم مقتل سيدهم برجوان. أشاع الحاكم بأمر الله جواً من الرعب عندما أوعز لعيونه أنه يعلم ظهر الغيب ويعرف جيداً المفسدين في البلاد، ولذا عزم على جمع الحطب في شونة كبيرة لإحراقهم وكلما سرت شائعة بأن المقصود بالحرق هم طائفة من تجار أحد الأسواق أو بعض موظفي ديوان من دواوين الدولة سارع هؤلاء بالسير إلى قصر الخلافة يقبلون الأرض ويتعهدون بالإقلاع عن المخالفات التي يرتكبونها فيصدر سجل الحاكم بالعفو عنهم. ... المزيد الاتحاد الاماراتية