أنور سلطان لن نقف هنا عند القسم الاول من الموضوع حول تعريف الهوية، ليس لأن جهيزة قطعت قول كل خطيب. بل لتوضيح الامر، او وجهة نظر اخرى، في بعض ما قال بعد تعريفه للهوية. يقول الاخ عبدالسلام: "وفي رأيي أن اليمن الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) هو الاسم الأكثر شهرة عالمياً ، والتسمِّي به يُسهِّل على العالم معرفة القضية الجنوبية ، بل يسهل على أي إنسان معرفة الدولة التي يرمز لها هذا الاسم". انتهى كلامه. في البداية، يجب التفريق بين الشكلي والجوهري. الاسم السياسي من ناحية قانونية ورسمية شكلي بحت. فباستطاعة اي دولة تغيير اسمها في اي وقت. والاعتراف بالدولة هو اعتراف بالدولة ككيان سياسي قانوني وليس بالاسم، حيث يتغير الاسم ويبقى الاعتراف، لان اختيار الاسم شأن داخلي خاص. لكن عندما يرتبط اسم ما بتزييف الوعي ومصادرة الارادة وطمس الهوية الخاصة واستلابها، وما تزال تدفع ثمن ذلك، فان الاسم هنا لا يكون شكلي بل جوهري، وجوهريته ليست قانونية بل سياسية تعكس حقيقة القضية والارادة الشعبية. ثم إن الجنوب قبل الاستقلال لم يكن له اسم رسمي -او غير رسمي- اكثر شهرة عالميا، والاسوأ انه مجزأ الى اكثر من عشرين كيانا سياسيا، كل له اسمه الرسمي، ومع هذا عرف العالم قضيته. وصدرت توصيات وقرارات الاممالمتحدة باسم منطقة عدن، ولم يكن هذا التعبير مستخدما من اي جهة، ولم تكترث الهيئة الدولية بالأسماء التي يستخدمها الشخصيات والقوى التي قابلتها لجنة تصفية الاستعمار. لان الاسم هنا شكلي من ناحية قانونية، وكان المهم ارادة السكان بغض النظر عن الاسم. كما انه عندما نتحدث عن العالم نتحدث عن دول وعن رجال دولة، وليس عن اي انسان او مراهق في شوارع بوسطن او جوهانسبيرج. وهناك مئات الملايين من البشر ان لم يكونوا مليارات لا يعرفون (ج ي د ش) وغيرها من الدول العربية. وجود اسم رسمي للدولة لا يلغي التمسك باسم جديد يعكس حقيقة القضية انها قضية شعب مستقل وهوية يحاول الاحتلال طمسها. والعالم يعرف، سواء تمسكت باسم جديد او بالاسم الرسمي للدولة، أنك كنت دولة باسم رسمي معروف. والنجمة الحمراء التي ذكرتها ابرز مثال على هذا. فلن يصيبهم الاسم الجديد بالنسيان والخرف، بل سيجعلهم يتساءلون اكثر، ويعرفون حقيقة القضية. ثم يقول الاخ عبدالسلام: "كما أنَّه - اي ج ي د ش- اسم الدولة التي مازال العالم يعترف بها رسمياً فلم تسحب دولة في العالم اعترافها بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية حتى اليوم". انتهى كلامه. وكما سبق اعلاه، فالعالم اعترف بالدولة وليس بالاسم. سمي دولتك ما تشاء. وكون العالم يعترف بالدولة فهذا لا يمنع من ان تتمسك باسم جديد. فلا احد له حق النزاع في ماذا تسمي بلدك سياسيا. فائدة الاسم الرسمي لدولة سقطت وزالت انه يذكر ان هناك دولة ووحدة حدثت ليس الا. ويستطرد قائلا: "ومسمَّى "اليمن الجنوبي" غير مرفوض أو معيب عالمياً ، بعكس العلم الذي يرفعه الحراك ، فهو علم النجمة الحمراء "الشيوعية" التي تستثير غضب العالم ، ومازالت عالقة في أذهان الكثير". انتهى كلامه. وهل المسألة مسألة عيب؟ وكذلك اسم الجنوب العربي او حضرموت الكبرى. ولكن اسم اليمن الجنوبي كان حصان طروادة لطمس الهوية والتشويش عليها، ويربطك ربطا بما سمي اليمن الشمالي. وهو مناقض حتى للجغرافيا، فعلى الاقل احترام الجغرافيا. والنجمة الحمراء ليست كذلك معيبة، هي جزء من علم الدولة التي اعترف بها العالم، والعلم لم يتغير اطلاقا هو هو منذ الاستقلال، اي قبل التوجه الى الماركسية والشيوعية. والعيب ليس في النجمة بل في الخطأ في عدم ايضاح الامر متى وجدت اساسا. وقال: "إن قناعتي التي لا يساورها شك أن الأوطان لا يحررها اسمها ، ولا لونها ، ولا دينها ، ولا القانون الدولي . . . بل يحررها شعب مصطف لا يترنح ، يقوده {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}. نعم، ان التحرير يتطلب وحدة الجبهة الداخلية، ولكن الحديث عن الهوية والاسم المستقل المعبر عنها جزء من معركة الوعي وايضاح القضية. والا ما فائدة مقالك هذا، ومن السهل الرد عليك والقول ان ما تفضلت به لا قيمة له لان الاوطان لا تحررها المقالات. تاج