ندّد مؤتمر «الحق في الحياة لشهداء الجيش والشرطة» الذي احتضنته العاصمة المصرية القاهرة أمس تخليداً لذكرى الشهيد طارق الشحّي، بالصمت إزاء قتل واستهداف رجال الأمن والشرطة في دول عربية عدّة، مؤكّداً أنّ الأمن والاستقرار يظلان مفتاح أي تقدّم لا سبيل دونهما لاقتصاد قوي وحياة كريمة، داعياً إلى رفع الوعي المجتمعي بأهمية دور جهازي الجيش والشرطة وإعادة صياغة بعض المصطلحات في لغة الخطاب ورعاية أسر الشهداء معنوياً ومادياً. ولفت المؤتمر، الذي نظمته المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان، إلى أنّ «المخطّطات الإرهابية المشبوهة التي تحاك ضد البلدان العربية مؤامرة تستهدف تقويض إرادة الشعوب والنيل من مقدرتها على التقدّم». وانتقد رئيس المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان منصور لوتاه ما أسماه حالة الصمت التي تنتاب منظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية، إزاء العمليات الإجرامية التي تقتل وتجرح وتروع رجال الأمن من الجيش والشرطة والمواطنين في عدد من الدول العربية على رأسها مصر والبحرين، مشيرًا إلى أنّ «هذه العمليات التي تمارس من قبل جماعات مسلّحة، تشكّل تهديدًا صارخًا لمنظومة حقوق الإنسان وعلى رأسها «الحق في الحياة» والحرّية والأمان الشخصي، ما يعكس النظرة الأحادية لهذه المنظمات الحقوقية والخلل في بوصلتها تجاه قضايا حقوق الإنسان». حق مكفول واستهل المؤتمر، الذي حضره رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان، ومساعد وزير الداخلية المصري لحقوق الإنسان اللواء أبوبكر عبدالكريم، والعضو السابق بالمحكمة الدستورية العليا في مصر المستشارة تهاني الجبالي، وعدد من ذوي شهداء وضحايا رجال الجيش والشرطة، جلساته بعرض فيلم تسجيلي عن تضحيات رجال الأمن أثناء تأديتهم مهام عملهم خلال أعمال العنف التي أعقبت عزل محمد مرسي. وقال لوتاه في كلمته الافتتاحية إنّ «الحق في الحياة مكفول للجميع، ونحن كحقوقيين لسنا مع أحد ضد آخر، ولكننا وبالتأكيد لن نكون مع من لا نسمع لهم صوتًا عندما تراق دماء الجنود والضباط من الجيش والشرطة، في مشهد أصبح شبه يومي برصاص جماعات العنف والإجرام، ولا تصدر عنهم إدانة صريحة واضحة للأعمال الإجرامية التي تحصد أرواح هؤلاء الجنود والضباط، وكأن الدم الذي يراق من الجيش والشرطة لا يستحق أن يتساوى مع ما يحدث من اعتداءات على الآخرين»، متهكما بالقول: «يبدو أنّ دماء هؤلاء الجنود في نظر مدافعي حقوق الإنسان رخيصة ومستباحة ولا تستحق بيان إدانة». وأكّد لوتاه مناشدة منظمته منظمات حقوق الإنسان العالمية والعربية، الخروج من حالة الصمت إزاء العمليات الإجرامية التي تقتل وتجرح وتروّع رجال الجيش والشرطة والمواطنين في ربوع بعض الدول العربية وعلى رأسها مصر والبحرين، حتى لا نضيع حقوق هؤلاء الأشخاص من رجال الجيش والشرطة في الحياة، مشدّداً على أنّ «المنظمة الدولية الخليجية لم تقف عند حد المناشدة، بعقد هذا المؤتمر كأول خطوة ونواة تبصر منظمات حقوق الإنسان بهذه القضية لإعطائها حقها المشروع». أجندة مغرضة ولفت رئيس المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان إلى أنّ «المنظمة الدولية الخليجية ولدت منذ قرابة عامين، وتهدف إلى إيجاد منظمة حقوقية دولية بفكر خليجي عربي وكوادر خليجية وعربية، لطرح أفكار ووجهات نظر الخليجيين والعرب فيما يتعلّق بقضايا حقوق الإنسان»، مردفاً: «تتبنّى المنظمة تعزيز وعرض صورة حقيقية مبنية على أدلة ووقائع لأوضاع حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، بعيدًا عن الصورة الزائفة التي تتبنّاها بعض المنظمات التي تحمل أجندات مغرضة أو معلومات مغلوطة». الجروان: تبنّي فكرة في السياق، أشاد رئيس البرلمان العربي أحمد الجروان بمؤتمر المنظمة الدولية الخليجية لحقوق الإنسان والذي عُقد أمس تحت شعار «الحق في الحياة لشهيد الجيش والشرطة»، مؤكّدًا أنّه «يُخلّد ذكرى الشهيد البطل طارق الشحي وزملائه الذين سقطوا شهداء أثناء حمايتهم أرض وأمن الوطن العربي». وشكر رئيس البرلمان العربي المنظمة الدولية الخليجية على تبنيها فكرة عقد مثل هذا المؤتمر الذي ينم عن إحساس كبير بالمسؤولية تجاه القضايا ذات الأهمية في الوطن العربي، معرباً عن بالغ سعادته للمشاركة في هذا المؤتمر دعمًا لقضية الحق في الحياة لكل من شريحتي الشرطة والجيش في البلدان العربية جنبًا إلى جنب مع بقيّة شرائح المجتمع، مشيراً إلى إيمان البرلمان العربي بأنّ السهر على أمن الأوطان والدفاع عنها ضد كل ما يهدّد استقرارها دور شريف وعظيم، مضيفًا: «نثمن عاليًا مجهودات حماة الأوطان من الجيش والشرطة الذين يبذلون الغالي والنفيس من جهدهم وراحتهم سهرًا على راحة وأمن واستقرار الشعوب والأوطان». مفتاح تقدّم وأبان الجروان أنّ «الأمن والاستقرار مفتاح أي تقدم ونمو وازدهار، ولا يمكن لأمة أن تنعم باقتصاد قوي وحرية وحياة كريمة دون استتباب أمنها واستقرارها»، موضحًا أنّه «ومن هذا المنطلق جاءت عظمة الدور الذي تقوم به قوات الجيش والشرطة في الدفاع عن الأوطان ضد كل ما يهددها ويهدّد شعوبها داخليًا وخارجيًا، ذلك الدور الذي يقوم به هذان الجهازان من أجل أن يأمن المواطن على حياته وماله وعمله وعرضه ويحيا في جو مناسب يدفعه نحو البذل والعطاء والإنتاج والتقدّم»، موضحاً تثمين البرلمان العربي مجهودات قوات الجيش والشرطة، وأنّه لا يغفل حق هاتين الشريحتين أثناء تأديتهم لواجبهم في الحياة الآمنة جنبًا إلى جنب مع سائر شرائح المجتمع متمتعين بكل حقوقهم الوطنية المكفولة. وقال رئيس البرلمان العربي إنّ «المستجدات والنزاعات في الوطن العربي تزيد من مسؤولية أبناء الوطن من الجيش والشرطة وتعرّضهم للكثير من المخاطر التي تهدّد حياتهم»، مطالبًا بعدم الغفلة عن الدفاع عن حقهم في الحياة الكريمة والآمنة وفاء لتضحياتهم، داعياً إلى رفع الوعي المجتمعي بأهمية دور جهازي الجيش والشرطة والعمل على إعادة صياغة بعض المصطلحات في لغة الخطاب، مطالباً بتبنّي قضية هؤلاء الشهداء وأسرهم، وألا يدّخر جهد في الإشادة بتضحياتهم ورعاية أسرهم معنوياً ومادياً. وتقدّم الجروان بأصدق تعازيه للوطن العربي ومصر وأهالي الجنود الستة من أبناء القوات المسلّحة المصرية الذين استشهدوا الاثنين الماضي على الحدود المصرية الليبية. مؤتمر مشرّف بدوره، وصف مساعد وزير الداخلية المصري لحقوق الإنسان اللواء أبوبكر عبدالكريم المؤتمر ب«المشرّف» بموضوعه و«النبيل» بمقصده وغايته ومعانيه، لافتاً إلى أنّ «الحق في الحياة ينفذ إلى الوجدان والقلب قبل أن يمس العقل والتفكير»، مؤكدًا تأييد وزارته لأهداف ومبادئ المؤتمر القيّم، والذي يعد خطوة غير مسبوقة في تسليط الضوء على الحقوق المشروعة لعناصر الشرطة باعتبارهم حماة أمن الوطن والمواطن، وعدم إغفال حقهم في العيش الآمن جنبًا إلى جنب مع بقيّة شرائح المجتمع أثناء تأديتهم واجبهم المقدّس، مشيرًا إلى أنّ «الحق في الحياة هو الحق الأول والأهم بين كل الحقوق الإنسانية باعتباره هبة من الله». تضحيات غالية وقال: «في ضوء ما تحظى به التضحيات الغالية التي يقدمها رجال الشرطة في مواجهة الإرهاب الأسود، من اهتمام بالغ لدى جميع قيادات الوزارة وفي مقدمتهم وزير الداخلية، والذي لا يألو جهدًا ولا يدّخر وسعًا لتقديم كافة أنواع الدعم، وتسخير كل الإمكانيات المتاحة لرعاية أسر الشهداء بالرعاية الواجبة والكريمة، والاطمئنان إلى توفّر احتياجاتهم وتلبية متطلباتهم، وإحاطة أبنائهم بكل الرعاية والاهتمام، من منطلق حقهم على الوزارة في تلك الرعاية والاهتمام»، مشيرًا إلى أنّ «ما تقدّمه الوزارة يتضاءل أمام التضحيات التي قدّمها ذووهم من أرواحهم الطاهرة الغالية للدفاع عن أمن واستقرار الوطن ودعم مسيرته الأمنية». مخطّطات إرهاب وأشار مساعد وزير الداخلية المصري، إلى أنّ «المخطّطات الإرهابية المشبوهة التي تحاك ضد البلدان العربية تأتي في سياق مؤامرة واسعة النطاق تستهدف تقويض إرادة الشعوب والنيل من مقدرتها على التطوّر والتقدّم، وتحقيق طموحات شعوبها في حياة كريمة آمنة ومستقرة، وعرقلة مسيرة وحدة وتقدم البلدان العربية حتى لا تلحق بمصاف الدول المتقدّمة»، لافتاً إلى أنّ «مصر شهدت منذ قيام «ثورة 30 يونيو» وما أعقبها نوعًا من المد الإرهابي العاتي كإفراز للمؤامرة التي تتبنّاها جماعة الإخوان الإرهابية بالتآمر مع عناصر التيّار الديني المتطرّف داخليًا وخارجيًا لزعزعة الاستقرار الداخلي، وإنهاك الجيش والشرطة، مستخدمة كل أساليبها الخسيسة والدنيئة لخلق الفوضى التي لها انعكاساتها السلبية على حالة تماسك الجبهة الداخلية وعرقلة «خريطة المستقبل»». 500 شهيد وكشف عبدالكريم عن أنّ «الشرطة المصرية قدّمت ما يقرب 500 شهيد فضلاً عن المصابين، والتي لا تتورّع أعرق الديمقراطيات الدولية عند مواجهتها لمثل هذه الأحداث أن تلجأ لأساليب غير نمطية في سبيل اجتثاث هذه الآفة المدمّرة»، موضحًا أنّه «وعلى الرغم من ذلك لم تلجأ وزارة الداخلية قط لاستخدام أي إجراءات استثنائية، وحرصت كل الحرص على الاحتكام للإجراءات التي نص عليها القانون، والتزمت نصوص الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تراعي وتحترم حقوق الإنسان، كما راعت ضبط النفس إلى أقصى مدى خلال التصدّي إلى كافة أشكال العنف، وقدمت جميع المتهمين المضبوطين إلى الجهات القضائية الطبيعية». مراعاة معايير وشدّد مساعد وزير الداخلية على إصرار وزارته على تخليص المجتمع من مخاطر آفة الإرهاب المتدثر عباءة الدين، ويستهدف التدمير والهدم لا البناء، ويضر الشعوب قبل الحكام في أرواحها وممتلكاتها وأمنها واقتصادها ومستقبلها، مؤكّدًا مراعاة معايير حقوق الإنسان لكل الأطراف والإنفاذ الكامل للدستور والقانون وتعميق هذه المبادئ في ثقافة وأيديولوجية فكر عناصر الشرطة من ضباط وأفراد ومجندين، مستشهداً بقول الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة: «مصر تمثّل نقطة اتزان في العالم العربي»، وقول ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة: «مصر تخوض معركة للتصدي والقضاء على قوى الإرهاب التي يمكن أن تؤثّر على المنطقة العربية بأسرها». تكريم وتوثيق عقد مؤتمر«الحق في الحياة» جلستي عمل الأولى تحت عنوان «الحق في الحياة لشهداء الجيش والشرطة» من منظور حقوقي، وثانية تحت عنوان «منظمات المجتمع الحقوقي في العالم العربي بين الواقع والمأمول». وشهد المؤتمر في نهايته تكريم عدد من ذوي أسر شهداء الجيش والشرطة، تلاه افتتاح لمعرض الصور الفوتوغرافية التي توثّق لقطات الكفاح والتضحية في حياة رجال القوات المسلحة والشرطة.تهنئة هنأ رئيس البرلمان العربي الرئيس المصري المؤقّت عدلي منصور، وشعب مصر الوفي على إنجاز الانتخابات الرئاسية وما اتسمت به من تنظيم جيّد وشفافية وحياد، وأسفرت عن الإعلان بفوز المشير عبد الفتاح السيسي، قائلاً: «نسأل الله أن يوفقه في حمل هذه الأمانة لرفعة مصر والأمة العربية».أسر الشهداء تطلب إصدار قانون مكافحة الإرهاب طالب اللواء نبيل عمارة والد الشهيد رائد أحمد عمارة قائد الطائرة العسكرية التي أسقطت في سيناء الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الجلسة الافتتاحية، بضرورة إصدار قانون مكافحة الإرهاب، والتأكيد على قرار اعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية. وقال اللواء عمارة في كلمته التي ألقاها نيابة عن أسر شهداء القوات المسلّحة، إنّ «الرئيس السيسي ستقابله خلال رئاسته مصر عدّة مشاكل في مقدّمتها الإرهاب ومواجهة الخارجين عن القانون، والإرهابيين الذين أصبحوا يقتلون المصريين بدم بارد ويستهدفون قوات الجيش، في صورة تمثّل صور التجرّد من الإنسانية»، معتبراً أنّ «محاربة الإرهاب وإصدار قانون لمكافحته يجعلهم يشعرون بأنّهم حصلوا كذوي شهداء ولو على القليل من حقوقهم». وأشار إلى حادث المروحية التي تحطّمت في سيناء، موضحًا أنّ «طاقم المروحية، والذي كان يرأسه نجله ضحوا بأنفسهم، وأصروا أن يتوجهوا عقب استهدافها بصاروخ إلى الصحراء، وذلك حتى لا يتسبّب سقوطها بإزهاق أرواح المدنيين في مدينة خرج منها الصاروخ»، متعجّباً لمن يقومون بمثل هذه العمليات، متسائلاً: «ألم يسمعوهم وهم يلقون الشهادة.. ألم تؤثّر فيهم؟!، هم ليسوا بشراً، وتخلوا عن أدنى درجات الإنسانية والدين، ولا بد من موقف تجاه هؤلاء الذين يستهدفون حماة الوطن». على الصعيد، أشادت د. نجوى بدر الدين السيد والدة أحد ضباط الشرطة المصرية من شهداء الواجب بوزير الداخلية محمد إبراهيم، في حين وجّهت انتقادات لشخصيات حقوقية مصرية من بينهم جورج إسحق، منتقدة برامج «التوك شو» التي تفتح المجال لانتقاد الشرطة بدون أن تضع يدها على جراحات ذوي الشهداء. ودعت د. نجوى السيد في كلمتها التي ألقتها نيابة عن شهداء الشرطة المصرية بالإفراج عن الرئيس مبارك ونجليه، منتقدةً دخولهم السجن بتهم قتل متظاهرين، مشيرةً إلى أنّها لم تحدث في حين أن ذويهم من رجال الشرطة هم من سقطوا في ساحات الواجب. البيان الاماراتية