تحقيق: عايدة عبدالحميد اشتعلت الأسعار في سوق "الشغالات" قبل حلول شهر رمضان، وتسببت في ارتفاع أسعارهن بشكل لافت، وقال عدد من مسؤولي مكاتب جلب العمالة، إن راتب الشغالة يتراوح ما بين 1200 و2000 درهم، مؤكدين أن كثيراً من الأسر رضخت لهذا الراتب "المغالى فيه" لعدم وجود البديل . وقالوا ل"الخليج" إن سعر الشغالة التي تعمل بالساعة سيصل إلى 100 درهم يومياً في رمضان، ويتجاوز المبلغ إذا كانت تجيد الطهي ممّا يجعل الكثير من العائلات تعيش في أزمة حقيقية، حيث لا تستطيع الاستغناء عن الشغالة، وفي الوقت ذاته أصبح راتبها يوازي ميزانية أسرة كبيرة . وفي مسلسل تتكرر حلقاته تزامناً مع شهر رمضان من كل عام، تشترط "شغالات" من كفلائهن على بعض الأسر من أجل العمل لديها خلال الشهر الفضيل راتباً يتجاوز 2000 درهم، وتلفازاً لمتابعة المسلسلات،وبطاقة شحن للهاتف أسبوعياً بمبلغ 50 درهماً . تقول عائشة عبدالله، معلمة، إن طلبات الشغالات أصبحت تعجيزية هذا الموسم، وإنها تفاوضت مع إحدى العاملات خلال الأيام الماضية للعمل لديها في شهر رمضان، فاشترطت توفير تلفزيون خاص بها لمشاهدة المسلسلات الرمضانية، إضافة إلى بطاقات شحن شهرية بقيمة 200 درهم، والسماح لها باستخدام الهاتف النقال طوال اليوم للاطمئنان على ذويها . ووصفت عائشة هذه الطلبات ب "الغريبة"، خاصة أنها حددت راتباً يتجاوز 2000 درهم، و 500 درهم "عيدية" . وقالت بسمة سمير، موظفة: "نحن كأسر في رمضان نشعر بالحاجة للشغالة نتيجة الالتزام والتفرغ للعبادات، إضافة إلى الأعباء المتزايدة، خاصة إعداد طاولة الإفطار والتي تتطلب إعداد أصناف لا نعدها طوال العام، ممّا يجعل العمل بالمطبخ عبئاً إضافيّاً . أضف إلى ذلك أنه في رمضان تكثر الدعوات والولائم الرمضانية وخاصة على الإفطار، وهذا ما تعرفه العمالة المنزلية جيداً، ممّا يجعلهن يستغللن الوضع لمصلحتهن ليرفعن رواتبهن، وهذا ما جعلنا نكون عرضة لابتزازهن بمساعدة مكاتب جلب العمالة . وطالبت فاطمة الملا بوجود شركات للعمالة سواء بالشهر أو باليوم، وبذلك نكون حمينا أنفسنا من تسلطهن، وتروي كيف استطاعت جدتها أن تقنع شغالتها بعدم السفر قبيل رمضان، إذ جلبت لها هدية عبارة عن هاتف آي فون لتثنها عن السفر وسط دهشتنا، مبررة ذلك بأنها امرأة مسنة، ولا تقوى على العمل، وأن تلك الشغالة تعلم شؤون المنزل . وترفض ابتزاز الشغالات -على حد قولها- فتقول: استغل عدد كبير من تلك العمالة حاجتنا لهن، ممّا جعلهن يرفعن أسعارهن، لتجد العاملة المنزلية تترك العمل لتذهب لمنزل آخر مقابل زيادة، وكأنها مضاربة بورصة . أن فترة شهري شعبان ورمضان، تعد من أفضل المواسم لمكاتب جلب العمالة، هذا ما أشار إليه عمر العبيدي مدير مكتب لجلب العمالة في الشارقة . وأكد أنه في تلك الفترة يزداد الطلب على العمالة المنزلية النسائية بشكل كبير ولجنسيات مختلفة، وتشهد زيادة بنسبة 40% على المعدل الطبيعي، فيما وصلت نسبة الزيادة على الطهاة الرجال والنساء وفق تقديره في رمضان الماضي إلى 55% . وأضاف: لم نستطع أن نلبى طلبات زبائننا، لذلك قمنا بالاستعانة بشغالات الدوام الجزئي العام الماضي، وستتكرر تجربتنا هذا العام إرضاء للعملاء . "لجأنا إلى الإعلان عن شغالة الدوام الجزئي، ولا تقتصر على جنسية واحدة بل تتنوع فئاتها"، هذا ما أشار إليه عادل عبيد -من أحد مكاتب جلب الأيدي العاملة في الشارقة، وأضاف: إن طلبات الشغالات تزدهر قبل رمضان، وتبقى الجنسية الإندونيسية في صدارة الطلبات لما تملكه من خبرة كافية في إعداد الأكلات الخليجية عامة والمحلية خاصة، وذلك نتيجة لعمل المرأة وضغوط العمل في رمضان ووقوف النساء في المطبخ لإعداد المائدة الرمضانية، التي تحتاج إلى جهد يتضاعف في هذا الشهر الفضيل، فيلجأ الكثير من الأسر إلى جلب الشغالات والطباخات، لمساعدة ربة البيت . من جهتها، قالت عائشة الحويدي المستشارة الأسرية والباحثة الاجتماعية ورئيسة اللجنة النسائية لجمعية الشارقة الخيرية: "من وجهة نظري فإن الشغالات يعتقدن أنهن يلوين ذراع الأسر، وهذا غير صحيح، لقد تعقلت الأسر وأصبحت تتشارك وبناتها في خدمة أنفسهم، لا شيء يدعو للقلق لو وازنوا بين أمورهم وتناقشوا بها، ورتبوا مهام لكل شخص . لو قالت جميع الأسر "لا" في وجه الشغالات لما وصل بهن الأمر لهذا المنحنى في رفع أسعارهن إلى ما لا نهاية، وكلما استجبنا لهن ولمطالبهن لن ننتهي، وسنواجه زيادات أخرى . كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يقوم على خدمة أهله، وهذا أفضل من أن نجعل بيوتنا ملاذاً للهاربات، وليت الأمر يقف عند هذا فقط، إنما تفرض العمالة المنزلية شروطها ويسألون عن عدد أفراد الأسرة والغرف، ولو قالت كل الأسر "لا" في وجه الشغالات لما وصل بهن الحال إلى رفع أسعارهن إلى ما لا نهاية . إن مكاتب جلب العمالة المنزلية تلعب دوراً أساسياً في استغلال الأسر وتفرض عمولات وزيادات في الأجور من دون رقيب لجلب الشغالات، كما أنها تروج لهن قبيل شهر رمضان بالدوام الجزئي "البارت تايم"، وهو يلقى رواجاً كبيراً لدى الأسر لحاجتها الماسة لهذه الفئة خلال الشهر الفضيل . د . ليلى البلوشي: موسم الهروب العاملة المنزلية أكثر من ضرورية للموظفة في وقت لا مجال لها للقيام بواجبات منزلية،وبخاصة في الشهر الفضيل، لأن العمل يرهقها بما فيه الكفاية،هذا ما أشارت إليه د . ليلى حبيب البلوشي، الخبيرة والمدربة الدولية في التنمية البشرية، وأضافت: " ومن الطبيعي إن تقبل كل السلبيات التي تصدر عن جهل نتيجة استقدامها من بيئات مختلفة وهو ما يدعو إلى شروط مماثلة لما تطالب به بلدانهن" . وعزت الارتفاع الجنوني لأسعار الشغالات إلى شعور مكاتب العمالة وهذه الفئة بحاجة الأسر الماسة إليهن، إضافة إلى عدم وجود بديل، ممّا جعل هذه المكاتب ترفع الرواتب، كما أن الكثير من الأسر تطلق صافرة الإنذار وجرس الترقب من ظاهرة هروبهن، وكل واحدة من نسائنا تنتظر مرور الشهر الكريم من دون أن تفقد شغالتها . الخليج الامارتية