الجماعات المعارضة المعتدلة تتقلص في سوريا مواضيع ذات صلة يجمع قادة الكتائب السورية المعارضة على أن الجماعات المعتدلة بدأت تتناقص ما يثير القلق من توسع نفوذ المتطرفين وبسط نفوذهم بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. لندن: يقول عبد الرحمن، الرجل الهادئ الرصين الذي يقود مجموعة من كتائب الجيش السوري الحر في محافظة حلب إن الكتائب المعتدلة مثل كتائبه أخذت تتناقص حتى بات من العسير العثور عليها مع استمرار الانتفاضة التي اندلعت قبل 21 شهراً، دون حسم وانتقال مزيد من الفصائل إلى مواقع علمانية أو إسلامية متطرفة. وفي وقت يعيش ويموت مقاتلو المعارضة بإمكانية حصولهم على السلاح والإمدادات، فإن عبد الرحمن يقول إن الحصول عليها يزداد صعوبة على الفصائل التي تتخذ موقفاً وسطياً، لأن غالبية المانحين يختارون دعم العلمانيين أو الإسلاميين. وتعين على عبد الرحمن مؤخرا ان يعلن القطيعة مع بعض الكتائب التي كانت تحت قيادته لأسباب منها تورط بعضها في أنشطة إجرامية وخلافات بين القادة الميدانيين، ولكن ايضا بسبب نقص المعدات. وقال عبد الرحمن لصحيفة كريستيان ساينس مونتر "ان المعتدلين هم الأغلبية هنا في سوريا، ولكنهم يتناقصون الآن بسبب غياب الدعم وإذا استمر هذا الوضع، سيكون للجماعات المتطرفة نفوذ واسع بعد سقوط نظام الأسد". وأكد ابو كرم، قائد كتيبة ابو بكر الصديق أن عددا من الفصائل حسنة التمويل تستخدم مواردها لتوسيع قواعدها من المؤيدين. وأضاف ان المواطنين يعيشون ظروفاً بالغة الصعوبة "وسيأخذون العون ممن يقدمه اياً يكن". ويشعر كثير من السوريين بالقلق إزاء ما يسميه عبد الرحمن وقادة معتدلون آخرون استقطاباً سياسيا متزايداً في صفوف المعارضة السورية. فان متشددين يوجدون بين الاسلاميين والعلمانيين على السواء، ولكن كثيرا من السوريين يقولون إن الجماعات الاسلامية المتزمتة تحقق أكبر المكاسب في سوريا حاليا. وهناك في سائر أنحاء محافظة حلب مدنيون ايضا يدعون إلى حكم يطبق الشريعة بعد سقوط نظام الأسد. ورغم مخاوف المعتدلين، فان كثيراً من السوريين بصرف النظر عن انتماءاتهم ومعتقداتهم، يقولون إن الاتجاه نحو التطرف الإسلامي هو من حيث الأساس رد فعل على عقود من الحكم العلماني في ظل نظام الأسد، ولا يشير بالضرورة إلى وجود رغبة في اقامة نظام إسلامي متشدد في سوريا. وأوضح ابو كرم قائد كتيبة ابو بكر الصديق "اينما يذهب المتطرفون يحاولون فرض أنفسهم على السكان. وهذه ثورة مدنية وهي تضم سائر مكونات مجتمعنا". ومن الفصائل التي كانت مبعث قلق بالغ، جبهة النصرة الاسلامية المتطرفة، التي تقاتل الآن مع المعارضة السورية المسلحة. وأدرجت وزارة الخارجية الأميركية مؤخراً جبهة النصرة على قائمة المنظمات الإرهابية، قائلة إنها ترتبط بتنظيم القاعدة في العراق الذي كان قوة كبيرة في المقاومة السنية المسلحة ضد القوات الأميركية. ويعترض كثير من السوريين على إعلان جبهة النصرة منظمة إرهابية وتتنازعهم مشاعر متناقضة تجاهها. فان مقاتليها الذين بينهم عدد كبير من الأجانب، اكتسبوا خبرة قتالية في العراق وليبيا من بين اماكن أخرى، وهم ينقلون خبرتهم هذه إلى المقاتلين الأقل تمرساً. كما أن جبهة النصرة جماعة حسنة التسليح. وكلا هذين العاملين يجعلان الجماعة فصيلاً يسهم بقسط حاسم في قدرة المعارضة على مواجهة جيش الأسد. ولكن جبهة النصرة تشكل من الناحية الأيديولوجية ابتعاداً واضحا عن تقاليد سوريا العريقة في الاعتدال. وعلى سبيل المثال ان ابو أسامة بدأ القتال في صفوف جبهة النصرة قبل أن تستكمل تشكيلها، ولكنه قرر الإنسحاب منها عندما طلب قادتها ان يؤدي قَسما يتعهد فيه بالقتال مع جبهة النصرة في بلدان أخرى، عندما تنتهي الحرب في سوريا. كما شعر أبو أسامة بالقلق بسبب بعض الممارسات المتطرفة للجماعة. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن ابو اسامة قوله عن جبهة النصرة "انهم دائما يكفرون الآخرين ويعتبرون الرئيس المصري محمد مرسي كافراً لأنه لا يطبق الشريعة في مصر". ويعترف مقاتلون في صفوف المعارضة الآن، بأنهم يخشون وقوع مواجهة مع جبهة النصرة بعد رحيل الأسد. ويقول المعتدلون الذين يشكون في وصول الوضع إلى مثل هذا السيناريو المتطرف انهم قلقون من النفوذ الذي يمكن أن تمارسه جماعات مثل جبهة النصرة على النظام الذي سيأتي في سوريا. ويقول ابو محمد قائد كتيبة دار الوفاء الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين "إن جبهة النصرة لن تقبل أن يقول لها احد "شكرا على مساعدتكم، اذهبوا الآن". ونحن في الحقيقة نراهن على وعي الشباب" بألا يمنحوا دعمهم للأجندة السياسية التي تسعى جبهة النصرة إلى تنفيذها في سوريا.