مواضيع ذات صلة يحيى الأمير الإخوان المسلمون الآن لم يعودوا مجرد فصيل ديني ملاحق، إضافة إلى أن انشغالهم بقضاياهم الداخلية لن يجعل من أولوياتهم السعي إلى إيجاد خلايا سرية للعمل في بلدان عربية شقيقة من الواضح أن حالتي الاقتضاب والاختصار اللتين ظهر بهما بيان الداخلية الإماراتية حول الخلية الإرهابية التي تم القبض عليها بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية السعودية، يشير إلى أن ثمة ما هو أبعد من خلية، ولذلك فأي تفاصيل في الإعلان قد تؤدي لفتح ملفات واسعة ذات أطراف متعددة، ليسوا كلهم أفرادا. تم ضبط الخلية في الإمارات وكانت تتنقل بين ثلاث دول خليجية، بينما كانت الخلية تستهدف دولتين فقط هما السعودية والإمارات، وتسعى للإضرار ببعض الدول الشقيقة. ليس من المنطق ولا من الصواب البحث عن المعلومات من منطلق صحفي فقط، لأن هذه الواقعة الأمنية لا يمكن أن تكون بمعزل عن مختلف التطورات الأخيرة التي تشهدها المنطقة العربية، وما حملته من تغييرات واضحة في موازين القوى، وصعود بعض الجماعات إلى الحكم، واختلاف الخطاب السياسي لبعض الدول تبعا لذلك. جاءت المعلومات بعد أن اعتقلت السلطات الأمنية السعودية أحد عناصر تلك الخلية الذي ينتمي بحسب معلومات أخرى إلى جماعة تعرف باسم: تنظيم الإصلاح الإسلامي المقربة من جماعة الإخوان المسلمين. الإخوان المسلمون الآن لم يعودوا مجرد فصيل ديني ملاحق بين السجون والمنافي، إضافة إلى أن انشغاله بقضاياه الداخلية لن يجعل من أولوياته السعي إلى إيجاد خلايا سرية للعمل في بلدان عربية شقيقة، ومع أن الجماعة ترتبت سياسيا وحركيا على العمل السري إلا أنه من الصعوبة بمكان على الأقل على مستوى القراءة الصحفية الربط بين الجماعة التي تمثل الحكم في بلدان كمصر وتونس وبين خلية الإمارات ربطا مباشرا. لكن هذا لا يمنع من الربط غير المباشر، كالتالي: أتباع الإخوان المسلمين في كثير من البلدان العربية، وتحديدا في بلدان الخليج العربي المستقرة أصيبت بحالة نشوة كبرى بعد وصول الجماعة للحكم في مصر، كونهم رأس الجليد بعد سقوط الأنظمة السابقة، ولكونهم أيضا القوى السياسية الأكثر تنظيما، لكن أتباعهم خارج مصر وتونس واستجابة للنشوة العارمة بدؤوا يفركون أيديهم حماسا ولهفة وأعينهم على السلطة ظنا منهم أن كل التحولات السياسية الحالية لها نتيجة واحدة هي تمكين الجماعة وأتباعها من الحكم في كل البلدان العربية، وفي هذا الوهم الكثير من المراهقة السياسية. أتباع الإخوان في كثير من البلدان يتعاملون مع وصول الجماعة للحكم بنوع من العاطفة المشحونة التي ترى أن الإخوان (صبروا ونالوا) وأنه حان الوقت ليعوضوا كل تلك السنين من الخوف والسجن والنفي، وهؤلاء الأتباع يمثلون بالفعل خطرا حقيقيا على صورة الجماعة، فالجماعة في مصر وفي تونس دخلت في اللعبة السياسية بكل منطقها البراجماتي، وأصبحت جزءا من مشهد سياسي تحيط به اتفاقيات دولية وعوامل اقتصادية قد تجعل منهم في بعض الأحيان أكثر وفاء لها من الأنظمة السابقة التي قامت الثورات عليها. الأتباع في كثير من البلدان العربية بدؤوا الآن أعلى صوتا، نتيجة تلك النشوة، وهو ما يتضمن خروجا عن الانتماء الوطني، وتعزيزا لانتمائهم للجماعة وفرحا بالنصر على الطريقة الأممية. لكن الأتباع يدركون أن الواقع في دول الخليج يمثل واقعا مستقرا في الغالب وأبعد ما يكون عن الثورات الشعبية العارمة التي يمكن أن تمنحهم فرصة التطلع للسلطة، بل إن كثيرا من دول الخليج تفتقر أصلا لأي مبرر من مبررات الثوارت العربية، ولذلك يؤدي بهم هذا الواقع المستقر للبحث عن صناعة واقع غير مستقر. ليس المطلوب من الجماعة الأم في مصر إلا أن تعلن أنها باتت الآن قوة وطنية مصرية وليست أممية، وفي التاريخ السياسي العالمي تجارب كثيرة لتصحيح المسار والخطاب لكثير من القوى السياسية حين وصلت للحكم، وليس المطلوب منها سوى أن تعلن عن واقع سياسي جديد تؤكد فيه أنه لاعلاقة لها بأية تنظيمات تسمي نفسها بالإخوان المسلمين وتسعى لتحقيق أهداف سياسية في دول عربية أو خليجية، لأن الجماعة في مصر الآن لم تعد مجرد حركة سياسية ودعوة حركية، بل هي الآن في واقع سياسي يتطلب منها التخلص من كل ما قبل وصولها إلى السلطة. حينها وإذا ما تم القبض على خلية ما في بلد ما ذات انتماء ما، فسيتحقق بالفعل وصفها بخلية ضالة فقط، وليست خلية ضالة ذات انتماء إخواني. وهو الأسلم للمنطقة وللخليج ولمصر.