عند تعيين الدكتور أحمد عوض بن مبارك رئيسًا للوزراء خلفًا لمعين عبدالملك قبل أكثر من عام ونصف، كان هناك شعور عام بالتشاؤم، خاصةً في ظل عدم وجود تغييرات في وزراء الحكومة. لقد كتبت منشورًا ناقدًا لهذه الخطوة، حيث تنبأت بفشل رئيس الوزراء الجديد وحكومته القديمة قبل أن يؤدي اليمين الدستورية. للأسف، ما حدث بعد ذلك لم يكن مفاجئًا؛ فقد كانت تلك الحكومة واحدة من أسوأ الحكومات التي عرفتها البلاد في تاريخها السياسي. اليوم، نواجه حالة مشابهة تمامًا، حيث تم إصدار قرار بتغيير رئيس الحكومة الدكتور أحمد عوض بن مبارك واستبداله برئيس وزراء جديد، مع الإبقاء على الوزراء وأعضاء الحكومة السابقين الذين كانوا في حكومة معين عبدالملك ثم في حكومة سلفه. هذه الخطوة تثير الكثير من التساؤلات حول جدوى التغيير ومدى جدية مجلس القيادة الرئاسي في معالجة الأزمات التي تعصف بالبلاد.
ولو انه تم الابقاء على رئيس الحكومة الدكتور احمد عوض بن مبارك في منصبه بينما تم تغيير الوزراء واعضاء الحكومة بوزراء جدد كان من الممكن وبنسبة كبيرة جدا ان تنجح هذه الحكومة في احداث فارق ايجابي على كل مستويات الادارة والاقتصاد والخدمات اما ان يتم الابقاء على الوزراء واعضاء الحكومة السابقين والاكتفاء بتغيير رئيس الحكومة فقط فهذا يعني انه لا توجد جدية ولا ارادة.حقيقية في الاصلاح واحداث التغيير ومعالجة الازمات الاقتصادية والخدمية والمعيشية التي تضرب البلاد والعباد وان هناك من يحرص على بقاء الامور كما هي بل ويعمل على تفاقمها اكثر واكثر من خلال هذه القرارات المبتورة ..
ولو افترضنا ان هولاء الوزراء الذين عاصروا ثلاث حكومات فاشلة كانوا من الكوادر الوطنية الناجحة والنزيهة فلن يضرهم او يؤثر عليهم ان يكون الدكتور معين عبدالملك رئيس حكومتهم السابقة ثم سلفه الدكتور احمد عوض بن مبارك فاشلا او فاسدا .. والعكس صحيح ايضا فاذا كان رئيس الحكومة ناجحا ونزيها والوزراء واعضاء الحكومة هم الفاشلين فسوف يفشل رئيس الحكومة ايضا بسببهم مهما كان نزيها او مخلصا..
وفي هذا السياق، يصبح من الواضح أن تغيير رئيس الحكومة فقط دون تغيير الوزراء ليس حلاً فعليًا. إذا كان مجلس القيادة الرئاسي يسعى حقًا لتصحيح الأوضاع ومعالجة الأزمات والنهوض بواقع الشعب، فإن الخطوة الصحيحة كانت تكليف رئيس الحكومة الجديد بتشكيل حكومة جديدة بالكامل. لا يزال الوقت مناسبًا لفعل ذلك، فالتغيير الحقيقي يتطلب شجاعة وجرأة على اتخاذ قرارات صعبة.
ختامًا، إن التغيير يجب أن يكون شاملًا وجذريًا، وليس مجرد تغيير للأسماء. يجب على القيادة السياسية أن تدرك أن نجاح أي حكومة يعتمد على كفاءة ونجاح فريقها الوزاري. لذا، فإن الاستمرار بنفس الوزراء الفاشلين مع تغيير رئيس الحكومة فقط يعني أننا لن نحقق أي تقدم ملموس، بل سنظل ندور في نفس الحلقة المفرغة التي أدت إلى الأزمات الحالية.