قبل شهر وعلي استحياء أعلنت وزارة النقل عن عزمها علي دراسة مشروع( القطار الرصاصة) الذي إذا ما انطلق من الاسكندرية فسيستقر في قلب القاهرة في ظرف أربعين دقيقة, وكتبت هنا قبل شهر تحت عنوان( الرصاصة والقشاش) داعيا إلي التروي وعدم الانسياق وراء الأوهام, والمنظرة, وقلت ما ملخصه أن مصرالآن ليست في حاجة إلي القطارات فائقة السرعة, ولكنها في حاجة لقطارات فائقة البطء( القشاش) لربط أجزاء الوطن المترامي الذي نعيش ونتزاحم في سدس مساحته, ولست أزعم لنفسي رؤية أعمق من المواطنين الشرفاء الذين سارعوا بالكتابة في بريد الأهرام معبرين عن رفضهم لمشروع( القطار الرصاصة) الذي سيكلف خزانة هذا البلد الفقير17 مليار يورو(واضرب يا سيدي في8 لتعرف حجم التكلفة بالجنيه المصري الغلبان) وقلت وقالوا إن الأولي بالانفاق هو اصلاح ما لدينا من بنية للسكك الحديدية يكاد يأكلها الصدأ والاهمال.. كتبت وكتبوا ولا حياة لمن تنادي.. وزارة النقل ستستقبل حسب ما جاء في حديث لوزيرها الدكتور المتيني مع الزميل ايمن المهدي خلال الأيام المقبلة وفدا من شركة إسبانية لعرض الدراسات التفصيلية لتنفيذ مشروع( القطار الرصاصة) وزد عليه مشروع( القطار الطائر).!!.. يا حلاوة يا ولاد.. والله عشنا وشوفنا وبكره ياما نشوف.. بلدنا ستصبح مدينة ملاه يا أخونا.. القطارات ستنطلق كالشهب الخاطفة في سماء وعلي أرض بلدنا يا جماعة, وعلينا أن نتدرب من الآن علي أن نصيح فرحين مسرورين مهلليين إذا لمحنا أحدهاM هو يمر(هييييييه.. وقطارنا الرصاصة اسم الله عليه اسم الله عليه).. يا كبار البلد.. يا أي حد مخلص.. يا أي حد فاهم, أوعارف, صارحونا وقولوا لنا الحق.. هل نعيش في بلد بالغ الثراء ونحن لا نعرف أم اننا نعيش في بلد علي حافة الفقر؟!.. وهل يجوز لبلد فقير أن يبعثر جنيهاته القليلة علي مشروعات وهمية لا تتلاءم مع واقعه وامكاناته واحتياجاته؟.. هل يجوز أن نعيش علي سدس مساحة بلدنا دون أن نعمل علي توسعة هذا الوطن بمد شبكة من خطوط السكك الحديدية والطرق البرية للربط بين أطرافه المبعثرة شرقا وغربا وجنوبا وشمالا؟.. هل من الممكن أن تتحقق أي نهضة دون مد شرايين الحياة بين أطراف الوطن؟!.. دلوني علي بلد واحد حقق النهضة بالتقوقع في حيز ضيق ولا يمتلك شجاعة التوسع؟!.. دلوني علي بلد واحد لم يبن نهضته إلا علي أساس من امكانات اقتصادية ثابتة علي الأرض( زراعة وصناعة) حاجات ملموسة.. وهل من الممكن التعرف علي هذه الامكانات دون الذهاب إلي المواقع وفحصها وعلي مهل.. قولوا لي ما الجدوي من مشروعات القطارات فائقة السرعة؟.. أهي لخدمة الحركة السياحية العظيمة التي تشدها البلاد حاليا أو قد تشهدها البلاد مستقبلا؟.. وهل يحتاج السائح في بلدنا لوسائل مواصلات فائقة السرعة أم انه وفي حقيقة الأمر في حاجة لوسائل انتقال نظيفة ومريحة توفر له حالة الهدوء والاستغراق في التأمل, فحسب معلوماتي ومشاهداتي أعرف ان السائح القادم إلي مصر هو في العادة من ذاك الطراز المتأمل( غير المتعجل) وأظنه ما يجيء إلينا إلا ليثري وجدانه بوقفة طويلة ومتأملة أمام أثر في بلدنا الأثري.. أما عن السائح المتعجل فيمكنه ياسيدي أن يركب طائرة, ولدينا ولله الحمد مطارات وطائرات تربط بين( علب السردين) التي نعيش فيها ونسميها( مدن) ويمكن لهذه النوعية من السواح أن يروا فيها العجب.. ويتسوحوا.. يا كبار البلد.. يا جماعة الخير.. يا أولي الألباب.. المائة مليار جنيه وأكثر التي ستنفق علي مشروعات( قطارات الملاهي) أولي بها مشروعات ل( قطارات الأهالي).. قطارات تنقل الناس والبضائع وتخرجنا من علب السردين العفنة التي نعيش فيها إلي فضاء مصر الواعد بأراض قابلة للاستصلاح والزراعة والصناعة وفرص الحياة.. ياكبار البلد.. أرجوكم.. الوقت يضيع وأي لحظة تمر دون عمل مفيد للبلد هي مزيد من الادانة لجيل اكتفي طويلا بالنظر تحت قدميه.... واللهم اني قد بلغت مرارا فاشهد..