في خضم الاضطرابات القاسية التي يعاني منها الاقتصاد، وفّر التحسن في مؤشر بورصة طهران جرعة إغاثة نادرة للإيرانيين. إعداد لميس فرحات: تجاوز مؤشر أسعار سوق جميع الأسهم، عتبة 31000 نقطة للمرة الاولى في تاريخ 45 عاماً. وواصل المؤشر بالارتفاع يوم الثلاثاء ليغلق على نسبة 0.4٪ إلى 31،331.6 نقطة. الحكمة التقليدية تفترض أن سوق الأسهم في البلاد يعكس مشاعر الاقتصاد الكلي الأوسع نطاقاً، على الرغم من التضخم بسبب المضاربة. لكن في ايران فالحال مختلف تماماً، ففي الوقت الذي يستمر فيه الوضع الاقتصادي بالتدهور، يشهد سوق الأسهم تحسناً لا بأس به. المزاج العام أكثر كآبة خارج البورصة الإيرانية، فالعقوبات الدولية التي فرضت على ايران ضد برنامج النووي تضغط بشدة على الاقتصاد الايراني إلى جانب انخفاض صادرات النفط إلى النصف. انخفضت قيمة العملة الوطنية الايرانية (الريال) مقابل الدولار مع ندرة الإيرادات الأجنبية. وانخفض الريال بنسبة 25٪ في سبعة أيام في أيلول/سبتمبر قبل أن يتعافى جزئياً بعدما أجبرت الحكومة الشركات على تبادل العملة الرسمي. بالرغم من هذا التدهور، يبدو المؤشر الرئيسي في بورصة طهران، واحدة من أكبر وأكثر البورصات تنوعاً في الشرق الأوسط، وكأنه غائب عن كل هذه الاضطرابات بعد أن اكتسب تقريباً 28٪ في الأشهر الثلاثة الماضية، انما ليس بسبب تدفق رؤوس الأموال الأجنبية. صحيح أن بورصة طهران قامت بتخفيف قواعد الاستثمار للأجانب، مما يتيح لهم مزيداً من المرونة لشراء أو بيع الأسهم. لكن معظم البنوك الإيرانية هي الآن تحت عقوبات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، كما أن المعاملات المصرفية الدولية تخضع للتدقيق بشكل كبير، مما يجعل من الصعب على غير الإيرانيين الدخول إلى السوق. نتيجة لذلك، فإن جميع السماسرة المدرجين على الموقع الإلكتروني للبورصة الإيرانية هم عموماً وحدات وفروع من البنوك المحلية أو المؤسسات الدينية الخيرية. يبدو أن ازدهار البورصة نتيجة عزلة إيران والتحديات الاقتصادية التي تؤدي إلى التضخم، كما أن المستثمرين يفرون من المهن الأخرى، مثل العقارات والذهب أو المضاربة بالعملات. "النقد الأجنبي مكلف، وأكثر تقييداً وخطورة ففي ظل وجود المنتجات المزيفة"، يقول حسين ابين يوسف، رئيس شركة مستقلة للاستشارات في الشركات البترولية الدولية في ماكلين بولاية فيرجينيا. ويشار إلى أن تجار العملة غير الرسميين، على وجه الخصوص، قد استهدفوا من قبل حملة مكثفة بعد انخفاض الريال. "ليس هناك العديد من المنافذ الاستثمارية البديلة نظراً للعقوبات على البلاد"، كما يقول بول سوليفان، أستاذ الاقتصاد في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن. يمكن القول إن بورصة طهران هي ملاذ نادر في إيران، إذ أنها تعطي المستثمرين فرصة لشراء حصة في الشركات التي استفادت من العقوبات. هذه الشركات المملوكة للدولة الصناعية تعتمد على سلسلة من عمليات التوريد المحلية، كما أنها تحوّل المواد الخام المنتجة محلياً إلى منتجات تستهدف المستهلكين الإيرانيين. مصفاة بندر عباس، وهي واحدة من أكبر الشركات في البلاد، تشهد ازدهاراً منذ فرض عقوبات على مبيعات المنتجات النفطية الى ايران، مما اضطر البلاد أن تعتمد على نفسها إلى حد كبير. منذ بدأت الشركة عملها في يونيو/ حزيران، تضاعفت قيمة أسهمها ثلاث مرات تقريباً. ويوم الثلاثاء، أغلق البورصة على ارتفاع أسهم الشركة 89 ريال، أو ما نسبته 3 في 3025 ريال. أما شركة "مباركة" للصلب، فقد شهدت زيادة 23٪ خلال الأشهر التسعة الماضية، بعد أن حصلت على دفع مماثل نتيجة للضغط الدولي على إيران. "العقوبات تحد من تصدير السلع والخدمات الى ايران، مما يتيح المزيد من الفرص لنمو الشركات المحلية"، كما يقول ابن يوسف مشيراً إلى أن "ضعف الريال يجعل الاستيراد أمراً بالغ الصعوبة، فيخلق المزيد من الطلب على السلع والخدمات المحلية". من المرجح أن يستمر هذا الحال لا سيما وأن السلطات الإيرانية أعلنت في مطلع الاسبوع أنها ستسعى لخفض الواردات من السلع غير الأساسية، مثل الهواتف والسيارات. لكن من جهة اخرى، يقول عدد من الخبراء ان مستوى مؤشر بورصة طهران لا يعكس قيمتها الحقيقية، "فسقوط الريال يؤدي إلى التضخم الذي يؤدي بدوره إلى زيادة اسمية في البورصة" وفقاً لسوليفان.