مشاركة الممثلين اللبنانيين في الأعمال الدرامية العربية المشتركة ظاهرة تجلّت على أحسن ما يكون العام الماضي، خصوصاً في مسلسلات رمضانية منحت الفنان اللبناني فرصة إثبات نفسه وسط منافسة حامية في أعمال ناجحة . "ناجي عطا الله«، "العائدة«، "بيرج"و "صبايا"وغيرها من أعمال ساهمت في توسيع رقعة انتشاره ونجاحه، وأكدت براعته في تجسيد أدوار مركبة . وفي هذا التحقيق نستعرض آراء بعض الفنانين وانعكاس الإنتاجات المشتركة على حضورهم ونشاطهم على الساحة الدرامية، وهل تعتبر فعلاً محطة انطلاق جديدة؟ الفنان فادي إبراهيم اعتبر ربط الدراما اللبنانية بالعربية ودخول المنتجين في أعمال مشتركة انعكاساً إيجابياً على الممثلين خصوصاً وعلى وضع الدراما عموماً، مبدياً تفاؤله بالأعمال الجديدة وقال: "متفائل لأنني أتلمس التحسن، وتطلعاتي تصبو إلى نأي الفن عن المعوقات السياسية والاقتصادية". وأضاف: من النتائج الإيجابية التي سجلّها الممثل اللبناني خلال شهر رمضان الفائت أنه أثبت نفسه وسط ساحة المنافسة الرمضانية الحامية . ومن خلال مشاركتي في "فرقة ناجي عطا الله"شعرت بارتياح مادي كبير لأن ميزانية العمل وصلت إلى 10 ملايين دولار أمريكي، ما جعلني أشعر بالفارق المادي والمعنوي . طبعاً تحسّرت على إنتاج محلي مازال يعاني مشكلة في التسويق بينما الإنتاج المصري والسوري أصبح يشكل رافداً للاقتصاد الوطني . ماغي أبو غصن أكدت طموح كل ممثل ليكون له موضع قدم في الأعمال العربية وبخاصة تلك التي تعرض في رمضان لارتفاع نسبة المشاهدة . ولفتت إلى شاشة رمضان 2012 التي زخرت بأعمال اعتبرت فوانيس أضاءت سماء الشهر الفضيل . وأضافت: سُعدت بمشاركتي في عدة مسلسلات هي "بيرج«، "آخر خبر"و"ديو الغرام"التي دخلت الأسواق العربية من خلال الفضائيات رغم أنني بدأت العمل التمثيلي في الدول العربية وفي الأعمال المشتركة واستطعت أن أراكم خبرتي فإزددت قناعة واقناعاً . عملت مع المخضرمين الذين كانوا بمثابة مدرسة نهلت منها الكثير، وزاد شعوري بالفارق هذا العام لأن الممثل اللبناني أثبت وجوده بقوة في الأعمال المشتركة . الإنتاج في نظر ماغي دخل هو الآخر حيز المنافسة على صعيد النوعية وسجل مواقف جريئة في معالجة القضايا وإيصال الصوت، في حين أن الكمية مازالت دون المطلوب، ما يفترض بنا تحريك عجلة الإنتاج وعدم التذرع بحجة الضغط المادي، خصوصاً أن الدراما صناعة منتجة ومردودها جيد إذا ما تم تسويقها وفق معايير عالية تفرض نفسها بقوة . كارلوس عازار انطلق من تقييمه من مسلسل "ديو الغرام"واحتلاله المرتبة الأولى بين الأعمال العربية الأكثر مشاهدة في رمضان هذا العام وذلك وفق تصويت الجمهور وحكمه كما أشار . وأضاف: من خلال مشاركتي في الأعمال العربية المشتركة أو مشاهدتها أؤكد أن الممثل اللبناني استطاع أن يحقق نجومية لافتة واستحق فرصاً حقيقية لإثبات قدراته الفنية في الدراما العربية المنفتحة على بعضها بعضاً، وبالتالي تبادل الخبرات الكتابية والإخراجية والتمثيلية وما يرضي أذواق أغلبية المشاهدين من كل الجنسيات العربية . اعتبرت نادين الراسي أن مشاركتها في مسلسلات عربية أضاف الكثير إلى رصيدها الفني، ويشرّفها وقوفها إلى جانب عمالقة التمثيل، "فضلاً عن إيصال اللهجة اللبنانية والمساهمة في انتشارها لدى المشاهدين العرب". نادين الراسي إحدى بطلات "كلام نسوان"و"خرم إبرة"حققت حضوراً ونجاحاً لافتين ورأت إن الانتاجات المشتركة تجاذبت شهية المشاهد العربي في رمضان الماضي وكان للمشاركة اللبنانية دورها في هذا السعي، ولابُد أن يؤدي الفنان اللبناني دوره من الآن وصاعداً لأن مشاركته تتوّج عطاءاته وسعيه لأعمال جادة خلال السنوات الآتية . بريجيت ياغي المغنية والممثلة إحدى بطلات مسلسل "صبايا"إلى جانب فنانين من سوريا ومصر ولبنان والخليج، وجدت "إن الدراما العربية المشتركة تأخذ حقها كاملاً وتحظى بالدعم الإعلامي والإعلاني والتسويق الجيد، ما يعود بالفائدة على الفنانين المشاركين في العمل ويعطيهم الفرصة لتحقيق المزيد من الشهرة". أضافت: "شعرت أن ظهوري في إنتاجات مماثلة وفّر لي شهرة أستحقها وكنت أنتظرها منذ فترة". ورداً على سؤال تناول موقع الممثل اللبناني في الإنتاجات المشتركة، رأت أن القضية بين أخذ ورد في ظل تردي الدراما السورية والمصرية على حد وصفها . إنما على الفنان اللبناني أن يتابع مشواره في الدراما المشتركة لترسيخ قدمه وإثبات ذاته الفنية والإبداعية على الساحة الفنية العربية . رأت الفنانة رولا حمادة أن المنتجين العرب أتاحوا الفرصة أمام الممثل اللبناني لتثبيت أقدامه في الدراما العربية المشتركة، ما أمن له نجاحاً على الصعيدين المادي والمعنوي . وقالت: "هذا ما يستحقه الفنان اللبناني طالما أنه يملك قدرات جيدة ومخزونة بانتظار الفرص المؤاتية". أضافت:" ما ينقصنا لرفع اسم الإنتاج اللبناني عالياً هو قدرة المنتجين على تصوير مسلسلات طويلة تفرض نفسها تلقائياً، لكن ذلك يستدعي وجود استديوهات ضخمة ورصد ميزانية مرتفعة ودعم من الدولة وهي شروط غير متوفرة بعد في لبنان". المنتج مروان حداد أبدى تأففه من وضع الدراما اللبنانية، و"إن كنت أطمح لتحسينها بتوفير ميزانيات خاصة مازالت تقف حجر عثرة أمام أحلام المخرجين والكتّاب والممثلين والمنتجين الذين يتوقون مجتمعين إلى ازدهار الإنتاج المحلي". أضاف: "كثيرة هي المسلسلات اللبنانية التي دخلت السوق العربية خلال هذا العام وحظيت بنسبة مشاهدة عالية خلال شهر رمضان، كما أن هناك عدداً من الأسماء اللبنانية لمعت بقوة في سماء الوطن العربي، لكن ما ينقصنا بحق هو دخول الإنتاج المحلي إلى السوق العربي". المخرج والمنتج ايلي معلوف لفت إلى أن أغلبية العاملين اللبنانيين في القطاع الفني كانوا من رواد الحركة الفنية العربية ثم انحسرت أعمالهم ونشاطاتهم خلال سنوات الحرب التي ما إن هدأت حتى عادوا إلى نشاطهم وعطائهم، وبالتالي في توسيع دائرة انتشارهم بفضل عشرات الفضائيات وأضاف: من خلال تجربتي كمساهم في صناعة الدراما اللبنانية أقول إننا نمتلك المعطيات لإنتاج الأفضل لولا اصطدامنا بمشكلة التسويق وهذا ما وقعنا فيه أخيراً حيث أنتجنا المزيد في الفترة التي انحسر فيها الإنتاج المصري والسوري، ووقعنا في أزمة التسويق ما يدفعنا للمطالبة بإيجاد صيغة تسويقية داخلية وخارجية، أو صيغة إنتاج عربي مشترك طويلة الأمد . الكاتبة كلوديا مارشيليان اعتبرت مشاركة الممثلين اللبنانيين في المسلسلات العربية ظاهرة ايجابية جداً تؤكد عودة الفنان اللبناني إلى الساحة وتسليط الأضواء عليه من جديد، ورأت "أن الخرق اللبناني للدراما العربية لا يتحقق من خلال المشاركة في أعمال عربية فحسب، وإنما من خلال اقتحام السوق العربي بأعمال لبنانية". أضافت مارشيليان: "من خلال تجربتي في مسلسل "روبي"اللبناني الصنع والعربي الإنتاج أقول إننا لطالما اشتكينا من الإنتاجية المحدودة وطالبنا الدولة بدعم الإنتاج المحلي . وحين لم نحصل عليه داخلياً وجدنا فرصتنا في الخارج لأننا على ثقة بقدراتنا". مبدية تفاؤلها بالأعمال المشتركة الجديدة وجمهورها المتزايد، بما يحقق نجومية على الصعيدين الداخلي والخارجي لسنوات طويلة.