يعتزم الرئيس الأميركيّ تعيين السيناتور الجمهوري السابق تشاك هيغل وزيراً للدفاع، الأمر الذي أثار اعتراض معسكر المحافظين الجدد، واللوبي اليهودي والمنظمات الموالية لإسرائيل، نظراً لرفض هيغل تفعيل الخيار العسكري ضد ايران، وانتقاداته لحرب اسرائيل على لبنان، ودعوته بوش لسحب قواته من العراق، وتشكيل حكومة فتحاوية حمساوية. محمد نعيم من القاهرة: يعتزم الرئيس الاميركي باراك اوباما الاسبوع الجاري تعيين السيناتور الجمهوري السابق تشاك هيغل وزيراً للدفاع، بحسب دوائر سياسية في الحزب الديمقراطي، وجاءت تلك المعلومات على عكس تقديرات في واشنطن، اكدت ان فرص تعيين هيغل في منصب وزير الدفاع باتت ضئيلة للغاية، على خلفية مواقفه المعارضة لفرض عقوبات على ايران، ورفضه التام للممارسات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية، وسياستها في منطقة الشرق الاوسط. أعنف رسالة أميركية لإسرائيل بحسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، يعتزم اوباما الاعلان الاثنين او الثلاثاء المقبل، تعيين هيغل وزيراً للدفاع خلفاً للوزير ليون بانيتا، ويعطي ذلك انطباعاً بأن اوباما سيخوض بهذه الخطوة صراعاً عنيفاً في مجلس الشيوخ، إذ اوضح السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس "جون كورنين"، ان هيغل عارض فرض عقوبات اقتصادية على حكومة طهران، واقترح في المقابل إجراء محادثات مباشرة من دون شروط مع قيادات الدولة الفارسية. واضاف كورنين: "هذه الآراء تخالف سياسة الولاياتالمتحدة، وتُعد تهديداً لأمن العالم، فضلاً عن دعوته لإجراء محادثات مباشرة مع حركة حماس، ولعل ذلك هو اعنف رسالة من الممكن ان نبعث بها لصديقتنا اسرائيل، ولسائر أصدقائنا في منطقة الشرق الاوسط". تشير التقارير التي تناقلتها الة الاعلام الاميركية والاسرائيلية خلال الايام القليلة الماضية الى حالة الغليان، التي اثارها تلويح باراك اوباما بتعيين تشاك هيغل وزيراً للدفاع، وربما تعكس سيرته الذاتية جزءاً كبيراً من هذا الغليان، فالسيناتور الجمهوري السابق جاك هيغل، وصف حرب اسرائيل على لبنان عام 2006، بأنها دمار ممنهج تقوده إسرائيل حليفة الولاياتالمتحدة ضد لبنان واللبنانيين. وبعد حرب لبنان بثلاثة اعوام، وقّع هيغل على وثيقة تحُث الرئيس الاميركي باراك اوباما على دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية بين حركتي فتح وحماس، وفي عام 2007 صوت ضد قرار يقضي بإدراج الحرس الثوري الايراني على قائمة التنظيمات الارهابية، كما رفض هيغل إلزام الولاياتالمتحدة باللجوء إلى خيار القوة العسكرية ضد ايران، اذا رفضت حكومة طهران التنازل عن برامجها النووية. تأييد العضو الديمقراطي البارز في لجنة الخارجية التابعة لمجلس النواب الاميركي "اليوت انغل"، اعرب هو الاخر خلال الايام القليلة الماضية عن رفضه القاطع لتعيين هيغل وزيراً للدفاع، ولم يحظ تأييد تعيينه في المنصب سوى بموافقة أحد عشر دبلوماسياً اميركياً، خمسة منهم كانوا سفراء سابقين للولايات المتحدة في إسرائيل. اما "زبغنييف بزينيسكي" مستشار الامن القومي السابق لرئيس الولاياتالمتحدة الاسبق جيمي كارتر، فانتقد بشدة تدخل دوائر أجنبية في تعيينات اميركية داخلية من دون تلميحه صراحة الى إسرائيل، كما انضم إلى مؤيدي تعيين هيغل، "برنت سكوكروفت" مستشار الامن القومي لرئيس الولاياتالمتحدة الاسبق بوش الاب، ولم يختلف تأييده عن الكاتب والصحافي الاميركي الشهير في صحيفة نيويورك تايمز "توماس فريدمان"، والصحافي البارز "جون كلاين" في مجلة التايم، إذ اعرب هؤلاء عن قناعتهم بأن هيغل ليس معادياً لإسرائيل، وانهم يؤيدون تأييدهم لتعيينه وزيراً للدفاع. رغم ذلك الا ان الجهة المسؤولة عن تحريك المياه الراكدة ضد هيغل وقرار تعيينه المنتظر وزيراً للدفاع، هي "لجنة تأييد اسرائيل"، التي يترأسها "بيل كريستال"، المحلل السياسي المحسوب على معسكر المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة، وتم تشكيل تلك اللجنة لتقديم باراك اوباما على انه خصم لاسرائيل في اطار حملات انتخابات الرئاسة الاميركية، كما قدمت اللجنة عينها هيغل على انه رفض التوقيع على خطاب دعم اسرائيل، الذي صاغه اللوبي اليهودي في نيويورك "إيباك". وبرر هيغل موقفه في حينه بأنه سيناتور أميركي وليس إسرائيليا، الامر الذي سبب له انتقادات واسعة، كان أبرزها الانتقادات التي وجهها له الزعيمان اليهوديان البارزان في الولاياتالمتحدة "افراهام فوكسمان" احد اعضاء الجمعية الاميركية "مكافحة التحريض ضد اسرائيل"، و"ديفيد هاريس" احد اهم اعضاء "اللجنة اليهودية - الاميركية". نائب رئيس لجنة المحاربين القدامى ولد تشارلز تيموتي تشاك هيغل في الرابع من تشرين الاول (اكتوبر) عام 1946، وهو سيناتور جمهوري سابق، وعضو في مجلس الشيوخ عن ولاية نبراسكا، وتم انتخابه للمرة الاولى 1997 وحتى عام 2009، وأنهى هيغل دراسته في جامعة نبراسكا عام 1972، ليشارك في حرب فيتنام، التي تعرض فيها للاصابة مرتين، وحصل جراء اصابته على عدد من الانواط والنياشين العسكرية. وفي اعقاب خدمته العسكرية عمل هيغل مذيعاً للاخبار في احدى المحطات الاذاعية، قبل ذلك وتحديداً عام 1971 استهل عمله السياسي، ليصبح فرداً من طاقم "جون ماكولستار" احد اعضاء مجلس النواب في الولاياتالمتحدة وظل يمارس هذا العمل حتى عام 1977، وفي عام 1980 كان شريكا بارزاً في حملة انتخابات عمدة ولاية كاليفورنيا حينئذ، الذي اصبح رئيساً للولايات المتحدة بعد ذلك "رونالد ريغان"، ومع تولي الاخير منصب الرئيس اصبح هيغل نائباً لرئيس منظمة "المحاربين القدامى" الاميركية. وبعد اعتزاله الموقت للعمل في الادارة الاميركية، توجّه هيغل لعالم الصفقات الخاصة، ليصبح مؤسساً وشريكاً في شركة انتاج الهواتف النقالة، وهي المكانة التي أدرّت عليه مكاسب ضخمة، ووضعته في قائمة المليونيرات، وفي عام 1996 فاز هيغل على منافسه العنيد "بن نيلسون" في انتخابات مقعد مجلس الشيوخ عن ولاية نبراسكا، فعلى الرغم من التوقعات التي استبعدت فوزه بالمقعد، الا انه حاز على 56% من اصوات الناخبين، واعلن في حينه انه سيستقيل من منصبه بعد فترتين في مجلس الشيوخ، الا انه حصل عام 2002 على 83% من اصوات الناخبين، وهو الفوز الاول من نوعه في تاريخ انتخابات الولاية عينها. شغل هيغل نائب ناقد الحزب الجمهوري، وكان رئيساً للجنة الحزب المعنية بالتغييرات المناخية، ورئيساً للجنة الرقابة على مهام القوات المسلحة، ونائباً لرئيس اللجنة المشتركة لمجلسي الكونغرس، الخاصة بسياسة الولاياتالمتحدة مع الصين، وعمل مراقباً ضمن مجموعة الإشراف على حلف الناتو، كما كان هيغل عضوا في اربع لجان في مجلس الشيوخ، وهي: الخارجية، المصارف، الاسكان والشؤون المحلية، اللجنة المُختارة للشؤون الاستخباراتية، ولجنة القانون والادارة. معارضة صريحة للمثليين اثار تشاك هيغل أجواء من الجدل حول ارائه ووجهات نظره، وكان عام 1998 شاهداً على ذلك، حينما رفض تعيين "جيمس هورميل" سفيراً للولايات المتحدة في لوكسمبورغ، خاصة ان كافة الدوائر السياسية والدبلوماسية في واشنطن تُدرك ان هورميل مثلي الجنس، وقال هيغل في حينه: "ان اعلان هورميل الصريح عن هويته الجنسية، ستؤثر سلباً في أدائه الدبلوماسي، وتجعله شخصية غير مفيدة في موقعها"، الا انه سرعان ما اعتذر هيغل عن موقفه وتصريحاته. وفي تموز (يوليو) عام 2007، دعا هيغل الى انسحاب القوات الاميركية من العراق في غضون 120 يوماً، واجرى لقاءً في الوقت نفسه مع صحيفة واشنطن بوست الاميركية، عدد فيه فشل الادارة الاميركية حينئذ في العراق، مشيراً الى ان المنظومة الاميركية العاملة في بلاد الرافدين لا تؤدي مهمتها كما يجب. وقبل هذا التاريخ بعامين وتحديداً عام 2005، لم ير هيغل فارقاً بين الحرب الاميركية في العراق ونظيرتها في فيتنام، متهما بوش بالفشل الذريع في إدارة الحرب. وفي تموز (يوليو) عام 2006 خلال الحرب الاسرائيلية على لبنان، انتقد هيغل الهجوم الاسرائيلي، ووصفه بخراب ممنهج ضد لبنان واللبنانيين، منتقداً ما وصفه بالمذابح المتبادلة بين الجانبين، واضاف: "يجب على الرئيس بوش ان يأمر بوقف إطلاق النار فوراً بين الجانبين". وفي تشرين الاول (اكتوبر) عام 2007، انتقد هيغل صراحة اعتزام الرئيس الاميركي في حينه جورج بوش، ايفاد 20.000 جندي اميركي للعراق، ووصف هذه الخطة بقوله: "هذا خطأ في السياسة الخارجية يعد الاخطر على الولاياتالمتحدة بعد حرب فيتنام". وفي تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2007، ادرج هيغل ادارة بوش الابن في المركز الاخير في اطار تقييمه للادارات الاميركية الاربعين، معتبراً ان ادارة بوش الابن هي الاضعف في قدرتها، وسياستها، وتأييدها الشعبي في مختلف المجالات، وكشف النقاب عن انه يدرس اقتراحات بخوض الانتخابات كمرشح لنائب رئيس الولاياتالمتحدة عام 2008، تحت اي رئيس ينتخب من الحزب الديمقراطي، وفي تشرين الاول (اكتوبر) 2009، عينه الرئيس باراك اوباما رئيساً مشتركاً للمجلس الاستشاري للرئيس لشؤون الاستخبارات.