يحتفل المسيحيون الأقباط بعيد الميلاد المجيد يوم الاثنين، لكن الوضع سيكون مختلفاً هذا العام بالنسبة لأقباط مصر الذين يشعرون بالخوف على مستقبلهم واضطر العديد منهم للفرار إلى الولاياتالمتحدة هرباً من الفوضى التي تسود بلادهم. ارتفع عدد المسيحيين الأقباط في الولاياتالمتحدة إلى ما يقرب من 30 في المئة، وفقاً لتقديرات الكنائس التي شعرت بزيادة زائريها المصريين، لا سيما في ضاحية كوينز في نيويورك. ويقول الأب مايكل سوريال إن كنيسة سانت ماري وكنيسة سانت انطونيوس الأرثوذكسية القبطية استقبلت أكثر من 1000 قبطياً مصرياً في الآونة الأخيرة. ويعتقد الأب سوريال أن المجتمع القبطي تضاعف في العامين الماضيين على أقل تقدير، والسبب هو هجرة الأقباط المصريين إلى الكنائس في جميع أنحاء نيويورك ونيوجيرسي وكاليفورنيا الجنوبية، التي تعتبر مراكز الحياة القبطية في الولاياتالمتحدة منذ أوائل السبعينات. على الصعيد الوطني، يقدر الباحثون أن ما يصل إلى 100 ألف قبطي انضموا إلى عدد سكان الأقباط الرئيسي في البلاد الذي كان يبلغ 350 ألف قبل الثورة. الهجرة هرباً من القتل أقباط مصر يفرون من بلاده تاركين وراءهم حال من الفوضى وآفاق اقتصادية سوداوية، إلى جانب العنف الذي ما زالت أحداثه مستمرة بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. ماريانا بولس، شابة مصرية من أسيوط التي تعتبر المركز الرئيسي للأقباط، هاجرت من البلاد بعد أن سقط والدها ضحية احداث العنف التي تحولت إلى اشتباكات طائفية. وقالت بولس: "والدي كان كاهناً، قتلوه في المنزل أمام أعيننا، لذلك قررت أن أترك مصر وأرحل إلى أي مكان". على الرغم من أن الشابة المصرية وعائلتها تصف مقتل الكاهن ب "الحادث"، إلا أن رأيهم واضح في ما حدث إذ يقولون بوضوح إن المسلمين قتلوا والدهم. وصلت بولس إلى كوينز مع زوجها وطفلين في منتصف اكتوبر/ تشرين الاول. وعلى غرار العديد من القادمين الجدد، وصلوا بتأشيرات سياحية ثم قدموا طلباً للجوء. في العام 2011، تضاعف عدد حالات اللجوء إلى الولاياتالمتحدة من مصر. ظروف معيشية صعبة على الرغم من أنهم هربوا من العنف في بلادهم، إلا أن المتاعب لاحقتهم إلى الولاياتالمتحدة الأميركية، لا سيما الاقتصادية منها، إذ أن الكثير من المصريين في الولاياتالمتحدة يعجزون عن تحمل كلفة المعيشة المرتفعة. "الإيجار مرتفع جداً في نيويورك. وسوف اضطر إلى إنفاق ما يصل إلى 80 في المئة من مدخراتي لدفع إيجار المنزل وهذه مشكلة كبيرة"، يقول جميل جرجس، زوج ماريانا. على الرغم من أنه صيدلي، لا يستطيع جميل ممارسة مهنته في الولاياتالمتحدة لأنه بحاجة إلى إعادة إصدار شهاداته المهنية والتعليمية. ومثل العديد من الوافدين الجدد، انتهى المطاف بالصيدلي عاملاً في توصيل الطعام أو رصف الرفوف في المحلات التجارية. كنائس الولاياتالمتحدة تكتظ بأقباط مصر تتوقع كنيسة كوينز زيادة كبيرة في هجرة الأقباط من مصر، في أعقاب الدستور الجديد الذي ينظر اليه الكثيرون على أنه يكرس هيمنة المسلمين ويترك الأقباط والأقليات الأخرى من دون حماية. ويقول أشرف عويدة، مسؤول في كنيس سانت ماري وسانت أنطونيوس، إن هاتفه لا يتوقف عن الرنين، فالعديد من الأقباط المصريين يتصون به للحصول على معلومات تساعدهم على اللجوء إلى الولاياتالمتحدة. "يتصل بي أشخاص لا أعرفهم، يقولون انهم حصلوا على رقم هاتفي من المصريين الذين انتقلوا إلى أميركا. يسألونني: كم من المال ينبغي أن نجلب معنا؟ ماذا نحضر؟ ما هي الوثائق والأوراق التي نحتاجها؟ يريدون معرفة كل شيء عن الحياة هنا"، يضيف عويدة. جهود ومساعدات من أجل حياة جديدة حشدت كنيسة كوينز الجهود لمساعدة أقباط مصر على اللجوء، وتحديداً لتسهيل قضايا التأشيرات، والحصول على العمل والمسكن، وهوأمر ليس سهلاً في مدينة نيويورك المعروفة بسوق عقاراتها الضيق. على الرغم من التحديات، يخطط معظم القادمين الجدد للبقاء، وأغلبيتهم من الطبقات الوسطى المتعلمة التي يرتكز عليها المجتمع. لكن المزيد والمزيد من المناطق المصرية الأكثر فقراً وأقل تعليماً يأتون إلى الولاياتالمتحدة ويكافحون من أجل بدء حياة جديدة. أقباط مصر لا يريدون سوى الاحترام في الأيام القليلة المتبقية قبل عيد الميلاد القبطي، كثير من أقباط مصر يشكرون الله لمساعدتهم على الفرار إلى الولاياتالمتحدة، أما الذين لم يتمكنوا من الرحيل، فلا يطلبون هدية هذا العيد سوى الأمن والاحترام. جاكلين نسيم ووائل سدراك، على غرار العديد من المسيحيين في مصر، يطلبون هذا العيد هدية من المرجح انها لن تصل قبل عيد الميلاد القبطي يوم 7 يناير/كانون الثاني، وربما لن تأتي في أي وقت قريب. "نريد وضع حد لجماعة الإخوان مسلم"، قال سدراك (34 عاماً)، في اشارة الى الحركة الاسلامية التي تسيطر على الرئاسة والسلطة التشريعية والدستور الجديد الذي تمت الموافقة عليه حديثاً. ويضيف: "انهم يزدادون تطرفاً يوماً بعد يوم ويجعلون حياتنا أكثر بؤساً". خوف من تطرف الإخوان في كنيسة سانت مارك القبطية الأرثوذكسية في ضاحية المعادى، يشعر الأقباط بالقلق من أن تنامي سلطة الإخوان المسلمين سيجعلهك أكثر تهميشاً من السابق. ويقال إن الآلاف من المسيحيين المصريين قد غادروا البلاد هرباً من العنف والقتل، فيما تسعى العائلات المتبقية للعثور عل طرق للرحيل أيضاً. منذ اندلاع الثورة، أصبحت خطب السلفيين المتشددة التي تستهدف المسيحيين، أمراً شائعاً في البلاد. وفي الأيام الأخيرة، تحدث بعض السلفيين عن أن المسلمين يجب ألا يلقوا التحية على المسيحيين وألا يقوموا بتهنئتهم في عيد الميلاد. هذه الفتاوى أو الدعوات تتجه إلى أمور أكثر تطرفاً، آخرها كان للشيخ سعيد عبد العظيم، الذي اعتبر أن أي "مسلم يصادق مسيحي أو صوفي هو خائن ضال". زادت الاضطرابات السياسية في الأسابيع الأخيرة من مخاوف المسيحيين، لا سيما الدستور المصري الجديد غامض الصياغة، الذي قد يمهد الطريق لإقامة دولة إسلامية. لكن محمد سودان من حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين يقول إن الدستور يحمي جميع المصريين، بغض النظر عن دينهم. ويضيف: "أعتقد أنه ليس لديهم أي سبب للخوف من المستقبل، نحن نحب بعضنا البعض".