يتمتع الزعيم الفنزويلي هو غو تشافيز بشخصية قوية واسلوب استفزازي ساعده في تشكيل كتلة اميركية لاتنية متحررة من نفوذ الولاياتالمتحدة، لكن من غير المحتمل ظهور خليفة له بنفس العقلية والإصرار. بوغوتا: كرس هوغو تشافيز الرئيس الفنزويلي الذي يتمتع بشخصية قوية ويعمل بلا كلل، قسما كبيرا من جهوده منذ 14 عاما لتشكيل كتلة اميركية لاتينية متحررة من نفوذ الولاياتالمتحدة، تساعده في ذلك موارد نفطية لا تنضب. وبعد مجموعة من التحالفات السياسية التي كوفئت بصلات اقتصادية عميقة، ابتعدت اميركا اللاتينية عن واشنطن، كما يقول المحللون الذين يعتبرون انه من غير المحتمل ظهور زعيم آخر من اميركا اللاتينية قادر على الاضطلاع بالدور الذي منحه لنفسه الرئيس الفنزويلي. وقال المحلل مايكل شيفتر من مركز الحوار بين الاميركتين للدراسات في واشنطن ان "ما يميز تشافيز منذ البداية، هو ان فنزويلا كانت صغيرة جدا لطموحاته، كان يبحث عن مسرح دولي". واضاف في تصريح لوكالة فرانس برس ان "اسلوب تشافيز متميز جدا، استفزازي. لقد بذل جهودا جبارة لينشىء اميركا لاتينية اكثر ثقة بنفسها في مواجهة الولاياتالمتحدة". ويؤكد كريستوفر ساباتيني العضو في مجموعة الضغط "مجلس الاميركتين" في واشنطن ان "تشافيز اعطى قوة وشخصية لتحالف يجاهر بعدائه لاميركا في المنطقة، لكن لا يتوافر لهذا التحالف شخص آخر ليخلفه" اذا ما منعه مرضه نهائيا من تسلم زمام الامور في فنزويلا. وفي هذا الاطار، فضل تشافيز الذي انتخب في 1999، خطابا عدائيا ضد واشنطن وساعدته الموارد النفطية الهائلة لفنزويلا، على اقامة تحالفات ووضع آليات تعاون وتكامل في المنطقة، مثل بتروكاريبل والتحالف البوليفاري للاميركتين (البا) اتحاد دول اميركا الجنوبية مجموعة دول اميركا اللاتينية والكاريبي. ولن يستطيع الرئيس تشافيز الذي اعيد انتخابه في السابع من تشرين الاول/اكتوبر قسم اليمين في العاشر من كانون الثاني/يناير لولاية جديدة. ولم يظهر علنا منذ توجهه قبل شهر الى كوبا لاجراء عملية رابعة للسرطان الذي اكتشف في حزيران/يونيو 2011. وقال ساباتيني انه اذا ما تعذر على اي شخصية الاضطلاع بالدور نفسه الذي يضطلع به تشافيز على المسرح الدولي "ستستمر المساعدة النفطية الفنزويلية. ولطالما كان ذلك جزءا من استراتيجيته الدبلوماسية"، كما اكد لوكالة فرانس برس. وردا على سؤال عن نيكولا مادورو، الخليفة المعين للرئيس، يعتبر شيفتر انه سيتمسك بمعظم الاتفاقات القائمة مع بلدان المنطقة، لكنه لن يتميز "لا بهذا الالتزام ولا بهذا الزخم". وترتسم في فنزويلا من جهة اخرى ملامح "ازمة مالية حادة جدا ستكون كوباونيكاراغوا اكثر البلدان المتضررة منها"، كما قال. وبقيادة تشافيز، طورت كراكاس وهافانا علاقة سياسية واقتصادية مميزة، تتسم بأهمتيها لكوبا بعد تفتت الاتحاد السوفياتي. وتزود فنزويلاكوبا بحوالى مئة الف برميل نفط يوميا بشروط تفضيلية. في المقابل، تقدم كوبا دعمها لكراكاس المتمثل باربعين الف طبيب وممرض وممرضات ومستشارين وتقنيين في عدد كبير من المجالات. ويؤمن هذا الدعم للجزيرة الشيوعية حوالى ستة مليارات دولار سنويا. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال ارتورو لوبيو ليفي الاستاذ في جامعة دنفر بكولورادو "نظرا الى مستوى علاقتها مع فنزويلا، لا تتوقع كوبا اي امر ايجابي ينجم عن عدم الاستقرار السياسي في كراكاس". من جهته، يقول ايفرليني عمر بيريز مدير مركز الدراسات المتعلقة بالاقتصاد الكوبي في جامعة هافانا، ان "من غير المحتمل ان تشهد العلاقة الاقتصادية بين البلدين تراجعا حادا". لكنه قال ان كوبا تبحث عن "اشكال تتيح لها الدخول من جديد الى المسرح الدولي، وعن شراكات تجارية جديدة". وتعتمد بلدان اخرى على النفط الفنزويلي ومنها نيكاراغوا التي تتسلم 10 ملايين برميل من النفط سنويا ومساعدات اجتماعية، وكذلك الاورغواي التي تتسلم ما بين 6 و8 ملايين برميل سنويا. من جهته، فتح العملاق البرازيلي في عهد لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ثم مع ديلما روسيف، ابواب التجارة والاستثمار لهوغو تشافيز، فيما سعت برازيليا لادخال كراكاس الى السوق المشتركة لدول اميركا الجنوبية (مركوسور). والاولويات الجديدة لتشافيز في علاقاته التجارية وكذلك علاقاته السيئة مع الرئيس السابق الفارو اوريبي، اساءت الى كولومبيا التي تراجعت صادراتها الى فنزويلا من اكثر من ستة مليارات دولار في 2008 الى 2,3 مليارات في 2012. واقام الرئيس خوان مانويل سانتوس في الفترة الاخيرة علاقات جيدة مع تشافيز وقدر خصوصا دعمه لعملية السلام مع القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) بعد صراع مسلح استمر حوالى نصف قرن. واقر سانتوس بأن تشافيز "اضطلع بدور اساسي في عملية السلام هذه، وانا اصلي من اجل ان يستعيد صحته، لأننا نحتاج فعلا اليه".