احتفل عشرات الآلاف من الجنوبيين في مدينة عدن مساء اليوم وأحيوا الذكرى 49 لثورة 14 أكتوبر المجيدة التي انطلقت ضد الاستعمار البريطاني في ستينات القرن المنصرم. وبدأ الاحتفال بتجمع حشود من أبناء عدن في مخيم التحرير والاستقلال بمديرية كريتر, وانطلقوا في مسيرة سلمية حاشدة صوب مديرية المعلا حيث يقع الاحتفال المركزي. وقال شهود عيان أن جنوداً من الأمن المركزي اعتدوا بالضرب في نقطة تقع بين مديريتي كريتر والمعلا على شاب من أبناء كريتر شارك في المسيرة ويدعى "حفيظ عبدالحليم" كان يرتدي علم دولة الجنوب السابقة. وفي المعلا انتصبت منصة الاحتفالات في وسط الشارع الرئيسي وتلونت جدران المنازل بأعلام دولة الجنوب السابقة وقام أطفال وفتية وشبان برسم الأعلام على وجوههم. وفوق المنصة وفي محيطها كان يمكن بوضوح رؤية صور عدد من الشهداء, وكان الرئيس الجنوبي "علي سالم البيض" قد دعا إلى رفع صور الشهداء في المهرجانات التي عمت مدن وقرى الجنوب بهذه المناسبة. والتحمت المسيرة القادمة من كريتر مع المعتصمين في ساحة المعلا بوسط شارع مدرم قبل أن تبدأ فعاليات المهرجان. وبدأ الحفل بآي من الذكر الحكيم, ثم السلام الجمهوري الجنوبي, ووقف المعتصمون صامتين أثناء إنصاتهم إلى آيات القرآن الكريم, ثم السلام الوطني الجنوبي. وفي كلمة له اعتبر منسق ساحة المعلا, الناشط الشاب "عبدالرؤوف حسن زين" أن "احتفالنا اليوم بذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة هو تأكيد للغزاة الجدد أننا ماضون على عهد آبائنا وأجدادنا في هذا الوطن الذي شاء الله أن يتناوب عليه الغزاة منذ قرون طويلة, وشاء سبحانه أن يخرجوا منه دائماً أذلة وهم صاغرون". وأضاف "في يومنا هذا نؤكد باحتفالنا هنا وفي كل مدن وقرى الجنوب أن الجنوب عصي دائماً.. ولم يكن أبداً لقمة سائغة لكل الغزاة والمحتلين, وأن أبناءه اليوم سينتصرون في النهاية كما انتصر آباؤهم وأجدادهم". وفي رسائل وجهها إلى عدد من الأطراف بينها رسالة إلى من وصفه ب"نظام الاحتلال في صنعاء", اعتبر أن "مؤتمركم للحوار هو شأن خاص بكم, لا علاقة للجنوب المحتل فيه, لكننا نتمنى نجاحكم فيه بما يخص الشمال فقط لأن قيام دولة مدنية وديمقراطية في الجمهورية العربية اليمنية الجارة للجنوب هو في المحصلة أمر مفيد وإيجابي للجنوب بدلاً من قيام دولة ممزقة وضعيفة بنظام حكم شمولي". وفي رسالة ثانية إلى المجتمعين الإقليمي والدولي, قال "عليكم أن تفهموا أن أي حلول شكلية أو ترقيعية للقضية الجنوبية يعني حتماً بقاء هذه المنطقة الهامة والحساسة بالنسبة لكم وللعالم أجمع في توتر دائم, لأن شعب الجنوب لن يقبل بأقل من حريته واستقلال وطنه". وفي الرسالة الثالثة إلى قيادات الحراك قال "إن عهد الشمولية انتهى ولن يعود, وعهد التفرد والإقصاء لا مستقبل له في عالم اليوم, وعليكم أن تعرفوا أنه لا مستقبل لكم من دون إشراك الشباب في صنع مستقبلهم ومستقبل بلدهم الذي أضعتوه بسياساتكم الشمولية ووصايتكم على الشعب ومصادرتكم حقه في تقرير مصيره بنفسه, وندعوكم إلى اصطفاف جنوبي وتوجيه الإعلام تجاه المحتل والبحث عن ما يجمعنا". وقال في رسالته الرابعة إلى (الشباب الجنوب الثائر): "إننا وحدنا نحن الشباب من يدفع الثمن الأكبر في قيمة الحرية التي لاتقدر بثمن, وإن ارتهاننا للآخرين سيجعلنا مجرد أدوات في أياديهم, إننا بحاجة إلى الثقة بالنفس وامتلاك حق اتخاذ القرار, لا أن نكون مجرد منفذين". ووجه "زين" رسالته الخامسة "إلى الصامتين, إن الجنوب اليوم في مفترق طرق, إن مستقبلكم اليوم بين خيارين, إما الانخراط والصمود في طريق العزة والكرامة, وإما الاستمرار في الصمت والقبول بطريق الذل والهوان.. إنكم بصمتكم تشاركون في ما يحصل اليوم وما قد يحصل في الغد". وحول الساحة تحلق عشرات الآلاف من الجماهير وارتفعت أعلام دولة الجنوب, وقام بعض المتظاهرين برفع عملات ورقية خاصة بدولة الجنوب السابقة كما رفع آخرون نسخاً أرشيفية من صحيفة الأيام الموقوفة. وارتمى أمام الساحة جثمان رمزي كتب عليه "الوحدة اليمنية", في إشارة إلى موت الوحدة بين الجنوب والشمال والتي وقعت بين الطرفين العام 1990 واستمرت أربع سنوات قبل أن تندلع حرب انتهت باجتياح قوات الشمال لأراضي الجنوب. وألقيت عدد من الكلمات بينها كلمة للناشط الشاب "علي السقاف" من الحركة الشبابية والطلابية, كما ألقى الشيخ "محمد بن مشدود" كلمة في الحاضرين, وأكدت الكلمتان على مطالب الجنوبيين ب"التحرير والاستقلال". ونالت قصائد شعرية شعبية ألقيت في المهرجان استحسان الحاضرين, وأدت فرقة غنائية من الأطفال وصلات غنائية من التراث الجنوبي أو من الأغاني الحديثة لعدد من المطربين الجنوبيين, وألقى المطرب الجنوبي "عبود خواجة" كلمة عبر الهاتف. وحضر المهرجان عدد من قيادات الحراك الجنوبي بينهم السفير قاسم عسكر جبرن الأمين العام لمجلس الحراك, وصلاح الشنفرة نائب رئيس المجلس, كما حضر السفير أحمد الحسني وآخرون. وتواصلت فعاليات الحفل الذي أدار فقرانه الفنان الشاب "سند فهد السيد" إلى بعد مغيب الشمس, وأدى المتظاهرون الصلاة في الساحة وتولى الشيخ "حكيم الحسني" إمامة المصلين في صلاة المغرب فالساحة. وهذه الذكرى هي الذكرى 49 لثورة 14 أكتوبر التي انطلقت في العام 1963 ضد الاستعمار البريطاني وتكللت من خلالها سنوات عشرات السنين من النضال الجنوبي شاركت فيه عدد من القوى الجنوبية حينها قبل أن تؤول السلطة إلى الجبهة القومية بخروج الاستعمار البريطاني من عدن في الثلاثين من نوفمبر من العام 1967.