قال علماء سويسريون في دراسة جديدة إنهم اكتشفوا سر الإدمان على التدخين، وربطوا ذلك بتراجع كمية بروتين "غلوتامين إم جي إل يو آر 5" المسؤول عن استقبال عدد من المواد إلى الخلايا العصبية . وقال العلماء إنهم توصلوا في دراستهم الجديدة إلى أن مادة النيكوتين الموجودة في السجائر وغيرها من منتجات التبغ تخلف آثاراً في مخ المدخنين أقوى مما يعتقد، وأن هذه الآثار تصاحب الإنسان مدة أطول مما كان يظن العلماء حتى الآن . رجح الباحثون أن تسهم النتائج التي توصلوا إليها في تطوير عقار مضاد لإدمان النيكوتين . وأوضح الباحثون تحت إشراف الأستاذ الدكتور غريغور هازلر في جامعة برن، أن التدخين يخفض لدى المدخن كمية بروتين "غلوتامين إم جي إل يو آر 5" وهو البروتين الذي يستقبل عدداً من المواد إلى الخلايا العصبية من خلال التصاقه ببروتينات مستقبلة موجودة على غشاء هذه الخلايا، ما يؤدي بدوره إلى سلسلة من التفاعلات داخل الخلية . وبينت دراسة نشرها فريق الباحثين السويسريين في العدد الأخير من مجلة "بروسيدنغز" التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم أن من بين هذه البروتينات المستقبلة بروتين "غلوتامين إم جي إل يو آر5" الذي يعرف عنه العلماء من خلال دراسات أجريت على الحيوان أنه يلعب دوراً مهماً في إصابة المدخن بالإدمان، خاصة في ما يتعلق بإدمان النيكوتين والكوكايين . وقال العلماء إن الفئران التي تخلو من هذا المستقبل تنفر من الكوكايين مستندين في ذلك إلى دراسة أجريت عام 2011 ونشرت نتائجها في مجلة "نيتشر نويروساينس" التي أوضح علماء من سويسرا من خلالها أن الفئران التي تعرضت لتغير جيني سلبت من خلاله بروتين "إم جي إل يو آر 5" لا تتعاطى الكوكايين حتى إن كان ذلك في مقدورها وأنه حتى إذا أعطيت هذه الفئران الكوكايين فإنه لا يولد لديها النشاط المعروف عن متعاطيه . لكن دراسة عام 2011 لم تعثر على أدلة مباشرة على أن بروتين "إم جي إل يو آر 5" يلعب دوراً في إدمان الإنسان للكوكايين، وهو ما أراد الباحثون تحت إشراف هازلر الكشف عنه من خلال الدراسة الجديدة، حيث حقن الباحثون في سبيل ذلك 14 مدخناً و14 مدخناً سابقاً و14 من غير المدخنين بعلامة مشعة ترتبط ببروتين "إم جي إل يو آر 5" وذلك لتتبع هذا البروتين في الجسم ومعرفة المكان الذي يصل إليه ومقدار هذا البروتين في هذا المكان من خلال ما يعرف بتقنية التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني . وتبين للباحثين أن كمية مستقبل "إم جي إل يو آر 5" كانت أقل لدى المدخنين بنسبة 20 في المئة مقارنة بغير المدخنين، بل وبنسبة تصل إلى 30 في المئة في بعض مناطق المخ، في حين كانت هذه النسبة أقل بواقع 10 إلى 20 في المئة لدى غير المدخنين الذين أقلعوا عن التدخين قبل نحو عامين في المتوسط . وأوضح هازلر أن "هذا التغير في نظام بروتين غلوتمات لدى المدخنين أكبر بكثير في مقدارها وفي توزيعها عما كان يعتقد العلماء حتى الآن" . وكان أكثر مما أدهش الباحثين أن تعافي هذا النظام يستغرق وقتاً طويلاً جداً"، ومن المحتمل أن تسهم هذه الفترة الطويلة التي يحتاجها نظام المدخن للعودة إلى طبيعته في ارتفاع نسبة الانتكاس لدى المقلعين عن التدخين"، حسبما أوضح الباحثون . وأشار الباحثون إلى أنه على الرغم من أن دراستهم قد خلصت إلى أن تراجع كمية بروتين "إم جي إل يو آر 5" يلعب دوراً مهماً في تطور الإدمان، فإنهم لم يعثروا على علاقة بين هذا التراجع والإدمان على وجه الدقة . من جهة أخرى وجدت دراسة أمريكية حديثة أن الميلانين، وهي المادة الصبغية للجلد والشعر، إذا كانت معدلاتها مرتفعة، فربما يدل ذلك على احتمال الإدمان على النيكوتين . وقال غاري كينغ من جامعة بنسيلفينيا "وجدنا أن ازدياد نسبة الميلانين لها علاقة مباشرة بالنيكوتين وبعدد السجائر التي يدخنها البعض يومياً وبخاصة بين الأمريكيين من أصل إفريقي" . وطلب كينغ وزملاؤه الذين أعدوا الدراسة في صيف عام 2007 من 150 بالغاً أمريكياً من أصل إفريقي يعيشون في ثلاث مناطق مختلفة في مدينة هاريسبير بولاية بنسيلفينيا ذكر عدد السجائر التي يدخنونها يومياً وتعبئة استمارات حول هذه العادة، ثم قيست مستويات النيكوتين عند هؤلاء، حيث تبين أن كمية الميلانين الجينية عند هؤلاء إضافة إلى ما أكسبته الشمس لجلودهم من سمرة إضافية لها علاقة بشكل كبير بعدد السجائر التي يدخنونها يومياً . وقال كينغ في دراسة نشرت في مجلة طبية بولاية بنسيلفينيا، إن هناك حاجة لإجراء دراسة أوسع حول هذا الموضوع تشمل عينة أكبر من المدخنين من أجل الحصول على صورة أفضل عن هذا الموضوع .