سبق وان تناولنا مواضيع عدة في الموروث الشعبي عبر صحيفة "الجمهور" وتحدثنا عن بعض الأساطير والرقص والغناء وما شابه ذلك، وهو انعكاس للواقع الاجتماعي والثقافي والفكري، والآن سوف نتناول الدان في أبين ونخص صوت الدحيف في شقرة والدان ورقصة السمرة في يرامس. فشقرة نموذج شعري غنائي "دحيف ودان".. ومعنى الدان اللؤلؤ المستخرج من قيعان البحار، والذي تمتاز به شقرة لموقعها الساحلي وارتباطها بالبحر.. ولا شك ان الإنسان يتأثر بالمناخ وله ارتباط طبيعي به، حيث ان هذه الأغاني أتت من موروث الصيادين في التغني عن البحر والليل والرزق والخوف، وهذه الرقصة أو موروث الدحيف اثرت على أهل هذه المنطقة بل والمناطق المجاورة، وبحكم تقاربها تداولوها بكثرة في جميع مناسباتهم.. والدان جمع دانة كلؤلؤ جمع لؤلؤة وكلمة (سوبان) هي دخيلة على منطقة شقرة وأبين، بسبب الهجرة إلى ومن افريقيا عبر البحار. والدان هو موال والموال الطويل أو القصير هو موال عن البحر والسفر، وقد سبق وان قدم بعض الشيء عن ذلك عبر الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، غير أنه كان يجب بث نماذج تنسب لمنطقة شقرة ومنها صوت الدحيف واهمها اغنية "سرى الليل" وبعض الأغاني الأخرى ك"قالت النينوه، الرزحة، الشرح والمياحة"، حيث تداولتها المناطق القريبة من شقرة ببضع كيلومترات كزنجبار، والكود، والمسيمير، وجعار، والحصن، وباتيس، والدرجاج، ويرامس، ولكن منطقة شقرة هي المنبع والأكثر شهرة لصوت الدحيف، ورقصة "سرى الليل" على هذا الصوت الموروثي الشهير الذي تداولته كل الجزيرة العربية، وغنى هذه الأغنية مشاهير الفنانين مثل عبدالكريم عبدالقادر وعوض الدوخي بمختلف الألحان، كما غنى هذه الأغنية الفنان عبدرب ادريس بلحن على كوبليات ونقص في الكلمات وعدم تنظيم وترتيب حتى لم تذكر ان هذه الأغنية يمنية لذا يعتقدها البعض انها خليجية، كما غناها الفنان محمد سعد عبدالله وقام بتلحينها بطريقته الخاصة. وادخال اغاني يافع في اغنيات أبين وخاصة شقرة ويرامس- كما سمعت ذلك عبر اذاعة عدن- مثل ادخال يحيى عمر ليس في محله، إذ لكل منطقة موروثها المحلي الذي يميزها، ولكننا لا نمانع ان تنتقل بعض الأغاني من منطقة إلى أخرى كاعجاب وكهجرة، ورقصة الدحيف هي من التراث الساحلي وتكاد تكون الأولى والمشاعة عند الكبير والصغير وهي تمول عن البحر وللبحر وبصوت الصيادين لطلب الرزق من اسماك ولؤلؤ واصداف، ولا تغيب هذه الرقصة وهذه الأغنية عن أية مناسبة أو فعالية، لأن هناك رقصات أخرى مثل الرزحة والمياحة والسمرة والبرع والزامل ورقصة الشواعة وهي ما تتفرد بها بعض المناطق الأخرى من مناطق دلتا أبين. وكما ذكرت بأن إدخال أغاني يافع في أغنيات أبين أو موروثها ليس في محله لوجود اختلاف كبير بينهما من حيث المناخ والتضاريس والطقوس، فمنطقة يافع تمتاز بكثرة الجبال الشاهقة وهذا بدوره يجعل لها موروثاً خاصاً. أما منطقة يرامس فلا تبعد عن منطقة شقرة من حيث الغناء والرقص ولكن لكل منطقة خصوصياتها وتفردها، ويرجع ذلك إلى اختلاف المناخ والبيئة كما أسلفنا، فيرامس منطقة سهلية جبلية ساحلية تربطها أودية مثل وادي حسان ووادي بنا ووادي سلب ووادي امرصاصي ووادي اميوفع وغيرها من الأودية، وهي منطقة خصبة ذات تربة منتجة لجميع المحاصيل الزراعية، وهي أول منطقة جربت فيها زراعة القطن طويل التيلة وانتجت بجودة عالية مما اثرت على نفسية مواطنيها وجعلتهم يشكلون الرقصات والأغاني والأهازيج المتطابقة والمنسجمة مع هذه البيئة، فالرقصة التي تمتاز بها هي رقصة السمرة والرزحة والمياحة إلى جانب بعض الرقصات الأخرى والأغاني التي تتكيف مع تكيف المناسبات في المواسم المناسبة التي تشترك في إجادتها المناطق التي ذكرت آنفا، إلى جانب ارتباطها برقصة الدحيف واغانيه، حيث ان أغاني الدحيف أتت من موروث الصيادين وهذه الرقصات اثرت على هذه المناطق وتداولتها بكثرة في جميع المناسبات، لذا فسوف نذكر نبذة عن "الدحيف" رقصاً وغناءً في حلقتنا القادمة.