في الحلقة الماضية استعرضنا نماذج من معاناة الأطباء والكوادر الفنية في مستشفى الجمهورية التعليمي بعدن، ونستعرض في هذه الحلقة الاختلالات وسوء الإدارة، التي أوصلت هذا الصرح الطبي والتعليمي الخدماتي إلى وضع حال من تحقيق المستشفى لأهدافه واعاقه من تقديم خدمات افضل للمرضى، إلى درجة انه لا توجد في المستشفى لائحة تنظيمية تحدد العمل في الاقسام والعنابر والعيادات الداخلية والخارجية ومعرفة سلطات وصلاحيات كل قسم وتحديد تخصصاته، حتى يكتمل الدور مع الأداء.. وكل هذه الاختلالات ترجع كوادر طبية أسبابها إلى تصرفات القائمين على المستشفى تتمثل في انعدام الوضوح والصراحة والشفافية في اتخاذ القرارات من قبل مدير المستشفى، وهذا الاسلوب الاداري المتخلف جعل الاوضاع في مستشفى الجمهورية التعليمي متفاقمة بل وصلت إلى درجة الخطورة بنتائجها، التي استعرضناها في الحلقة الأولى، وأول من تضرر منها هم المرضى من الفقراء المعوزين الذين لا تسمح لهم ظروفهم بالذهاب إلى المستشفيات الخاصة. وعبر صحيفة "الجمهور" أناشد الدكتور جمال خدا بخش خان ان يكون عند مستوى المسؤولية وألاَّ يخيب ظن أبناء عدن وهو منهم واليهم إلى جانب نوابه ورؤساء بعض الاقسام، الذين يقال بأنه أوهمهم بأن يحلهم محل خيرة كوادر المستشفى والاخصائيين النادرين في تخصصاتهم، ومن تعاقد معهم إن هم عملوا لصالحه. نناشده ان يعمل بجدية على انهاء الهوة بينه وبين الطاقم الطبي والتمريضي والاخصائيين من المناوبة واجراء العمليات والمعاينة، وان يكون تعامله بالشفافية حتى ينعكس هذا التعامل على الأداء في تقديم الخدمة للمرضى والمترددين للحصول على الخدمة الطبية والعلاجية في هذا المستشفى التعليمي، والاستفادة من الامكانيات الهائلة والمعدات الطبية الضخمة والاجهزة التشخيصية الحديثة التي زود بها المستشفى مؤخراً.. ومثال على ذلك قسم الكلى والكلية الصناعية، وهو قسم يعتبر من اكبر الانجازات في المجال الصحي بل هو ثمرة من ثمار الوحدة المباركة لأبناء عدن نظراً لما يقدمه من خدمة انسانية لمرضى الفشل الكلوي، خاصة وانه قسم يضم 18 جهازاً حديثاً لغسيل الدم، وقد كلف الدولة مئات الملايين من الدولارات.. لكن للأسف تم التعامل مع هذا الانجاز العظيم باسلوب اداري وفني متخلف للغاية أدى إلى اخراج 7 اجهزة من الجاهزية مرمية في العراء، وفقا لتقرير جهاز الرقابة في المستشفى لدى الصحيفة نسخة منه وتقرير لجنة النزول الميداني إلى المرافق الصحية بعدن بتاريخ 6/6/2009م.. ليس هذا فحسب بل أصبح القسم كله خارج الجاهزية إلى جانب اتلاف محاليل وأنابيب القسطرة، ولم يتم اصلاح الأجهزة وصيانتها، بينما ملايين الريالات تم التصرف بها بنظر المدير على ملذات شخصية ونثريات غير منظورة، وهي من المال العام ومن مساهمة المجتمع وفقاً لتقرير فرع الجهاز المركزي للرقابة عدن بتاريخ 8/4/2008م وتقرير آخر من إدارة الرقابة على الحسابات الجارية. وليسمح لي القارئ العزيز ان انقل له معاناة مريض بالفشل الكلوي (ع.أ) الفقير، قال لي اثناء زيارتي لقسم الكلى والكلية الصناعية: "القسم الآن اغلق والاجهزة خربانة وكنا في السابق نشتري المحاليل وكل اللوازم باسعار باهظة من مخازن الأدوية وندفع المعلوم حتى يتم الغسيل".. واضاف والألم يعتصره وسحابة حزن على محياه: "مات 3 من زملائي المرضى لعدم تمكنهم من شراء لوازم الغسيل الكلوي، والمدير قال لنا اطلعوا صنعاء مستشفى (الثورة) كل شيء عندهم هناك".. هذه المأساة من يتحمل مسؤوليتها؟! ولماذا لا ينزل مدير الصحة الخضر لصور من برجه العالي ويعالج أوضاع هذا الصرح الطبي المجهز بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية المواكبة لتكنولوجيا العصر؟!.. والتي لو استخدمت بطريقة صحيحة ومسؤولية وطنية وانسانية لأصبح مستشفى الجمهورية ينافس مستشفيات خصوصية بعدن، والتي هي عبارة عن شقق وهناجر ومستودعات وأجهزة لا تواكب ما يمتلكه مستشفى الجمهورية، حتى الأطباء والجراحون هم من كوادر مستشفى الجمهورية، لكن الايجابي في هذه المستشفيات والمستوصفات انها تمتلك إدارة ومدراء عند مستوى المسؤولية وطاقماً تمريضياً يبتسم للمرضى وباسلوب راقٍ يذبحهم بتكاليف العلاج. ونهمس للسيد وزير الصحة العامة والسكان بل نناشده ان يتدخل وينقذ مستشفى الجمهورية الذي أُدخل العناية المركزة، وهو الآن يحتضر والمستشفى سيتم اخراجه من العناية بادارة فذة ويعود إلى ما كان عليه وبكامل قواه الصحية أيام تولي الجرباء والنعوي، وهم من اعظم الكوادر الطبية التي نفخر بها وبنزاهتها. في الحلقة القادمة والأخيرة سنستعرض الوضع المزري والتصرفات الادارية غير المسؤولة في المجمعات الصحية بمديريتي المعلا والتواهي.