- لم يتداول شعبٌ على طول وعرض الفسيحة كما تداولنا نحن الشعب اليمني الشعارات واللافتات والتنظيرات والرؤى والاجتهادات المختلفة حول مسمى "الدولة المدنية الحديثة". - وبالمقابل لم يشهد مجتمع على وجه بقعاء كما شهد المجتمع اليمني من الممارسات والسلوكيات التي تتضاد وتتصادم مع أبسط مفاهيم وقيم واشتراطات ومواصفات ومحددات مفهوم الدولة المدنية الحديثة. - أغرب ما في المسألة أن ثمة شخصيات وكيانات وتيارات ومسميات لا تمل الخطاب والتنظير والتغني والزوملة بالدولة المدنية الحديثة، في حين تؤكد سلوكياتها وممارساتها بوناً شاسعاً واختلافاً مطلقاً بينها وبين هذا المفهوم.. بل وكفرا بواحا بكل القيم والمفاهيم المتصلة بمعنى المدنية ومضمون الدولة ومفهوم الحداثة. - لا أريد أن القي باسمي في قائمة المنظرين أو المجتهدين أو المزايدين المذكورة خصائصهم أعلاه وأدعي المعرفة المطلقة بمفهوم ومعنى ومضمون الدولة المدنية الحديثة، لكني استطيع أن أعبر عن اعتقادي المتواضع بأن الدولة المدنية الحديثة لا تعني مطلقاً مظاهر البندقية والخندقة والزندقة والبردقة.. - ولدي استعداد للمجاهرة بيقين مطلق بأن المتارس والحواجز ومواكب الحراسات والمرافقين ومنتديات وندوات المنافقين والمتسلقين والمصفقين لا يمكن أن تكون شاهد إثبات بقدر ماهي دليل نفي لأية علاقة أو صلة بالدولة المدنية الحديثة. - أنا منكر نكراناً يشق الصفا ويشقف جبهة أي متنطع أو متبرطع بالدولة المدنية الحديثة أنها يمكن أن تستوعب ذريعةً واحدةً تقتضي أن يكون ابن الرئيس رئيسا وابن الوزير وزيرا وابن القائد قائدا وابن الرعوي رعويا وابن المقاول مقاولا وابن الحمار حمارا.. - وأنا الفقير إلى ربه المدون اسمي- أعلى أو أدنى هذه السطور- أتجرأ وأتحدى المدنيين والحداثيين من أصغر متعلق إلى منظري ال"سبعة نجوم" أن يقنعوا عامة الشعب قبل خاصتهم، وجهلتهم قبل متعلميهم بمفهوم واحد عن الدولة المدنية مخرج عن المواطنة المتساوية وتكافؤ الفرص والعدالة وسيادة القانون والإيمان المطلق بالاختلاف والتنوع والتعدد في التوجه والفكر والمعتقد والمأكل والمشرب وساعات النوم والصحو والهوايات والصداقات وألوان البزة ومقاييس الجوارب.