يخطئ من يظن أن المخطط الإيراني للسيطرة على المنطقة العربية وإضعاف دولها وأنظمتها هو وليد اللحظة أو هو أفكار حديثة، بل يرجع إلى لحظة وصول النظام "الصفوي" الحاكم في إيران، ولم تتوقف فكرة ومبدأ التدخل في الشؤون العربية مجتمعة وفي الشؤون الداخلية في كل دولة منها على حدة ، واتخذت أجندة الإساءة وزعزعة استقرار الدول العربية أحد الأهداف الأساسية لملالي إيران، الذين اختلقوا نهجاً جديداً أشبه ما يكون بالدين الجديد متلبسين بالمذهب الإثنى عشري ، بعد الكثير من الإضافات والانحرافات التي أدخلها الصفويون لهذا المذهب كما يؤكد ذلك الكثير من أهل الفقه الإسلامي ، لينشروها بعد ذلك وسط البسطاء من معتنقي المذهب الشيعي خاصة في دول الخليج العربي ولبنان ، والذين وإن كانوا في معظمهم مقلدين لمراجع لا تأخذ بالنهج الصفوي مثل العلامة حسين فضل الله وغيره ، إلا أن جماعة الصفويين يروجون للفكر الصفوي ويدفعون هؤلاء البسطاء لتقليد مرجع الصفويين علي خامنئي . ويرى الكاتب الصحفي السعودي جاسر الجاسر انه يتم نشر المذهب الصفوي مع العمل على إثارة القلاقل وتخريب استقرار الدول العربية تمهيداً للسيطرة على هذه الدول، سواء بسلب قرارها السيادي ، كما في العراق ولبنان ، أو الاحتلال التام كما حصل في الاحواز وجزر الإمارات الثلاث ، وهو ما يراد تنفيذه في الدول العربية. ويضيف الجاسر انه قد وضع لهذا الغرض "سيناريو" ومخطط عجل في تنفيذ الجزء المهم منه "الاحتلال الأمريكي للعراق" والذي أتاح للصفويين احتلال العراق بدعوى مساندة نشر الديمقراطية الأمريكية في العراق، عبر الاحزاب المتعاونة مع المحتلين الأمريكيين .. ولنظام الملالي في إيران خطة لاحتلال الدول العربية واحدة تلو الأخرى ، فبعد الاحواز والعراق وجزر الإمارات الثلاث تطالب وبشكل مستمر لضم البحرين بحجة أنها محافظة إيرانية ولا بد من استرجاعها ، والدور الإيراني التخريبي في الوطن العربي من شرقه إلى غربه بحسب ذلك المخطط يمتد ليشمل اليمن وفلسطين ولبنان والسودان ومصر، وهي نماذج حية وللدور الإيراني التخريبي فيها من خلال إشعال الفتن والحروب الأهلية بواسطة أذرع إيران وعملائها في تلك البلدان . ويوضح الجاسر في دراسة له بعنوان "الباب العالي الجديد للصفويين" أن هذا السيناريو لاحتلال الدول العربية تكشفه وثيقة إيرانية، تسربت من خلال أهل السنة في إيران وتحتوي على خطة مكونة من خمس مراحل ، وكل مرحلة عشر سنوات .. أي لفترة خمسين سنة تعمل إيران وبمراحل واضحة ومدروسة للإطاحة بالدول العربية من خلال الأساليب المرسومة في الخطة وبناء الإمبراطورية الفارسية المزعومة تحت غطاء الدين "التشيع الصفوي" ، هذه الوثيقة السرية قد وجهت من قبل شورى الثقافية الإيرانية أي المحافظين في الولاياتالإيرانية .. وتحتوي على خطة عمل مفصلة في كيفية تصدير الثورة الإيرانية بأساليب جديدة ودون حرب أو إراقة دماء . ويخلص الكاتب بالقول إن المتابع للسياسة الإيرانية وما يحصل في المنطقة يرى وبصورة لا تقبل الشك أن هذه الخطة قد بدأت إيران بتنفيذها منذ سنين طويلة .. واليوم أصبحت لإيران أذرعة ومليشيات وأماكن سياسية وثقافية وطائفية في كثير من الدول العربية ، ناهيك عن تواجد الإيرانيين بكثرة في الدول العربية حالياً ، خاصة دول الخليج العربي ، وشرائهم للممتلكات والمؤسسات والأراضي والبيوت ومحاولة التجنيس التي هي من الخطط المرسومة في الوثيقة ، ضمن المخطط العام لإيران تجاه المنطقة بصفة عامة وتجاه الدول العربية على وجه الخصوص . وتطبيقاً لهذه السياسة أصدرت مؤسسة تنظيم ونشر تراث الخميني في طهران طبعة جديدة لكتاب قديم صدرت الطبعة الأولى منه في عام 1979م بعنوان "تصدير الثورة كما يراه الإمام الخميني " أكدت فيه أن تصدير الثورة هو منهج ثابت للإمام الخميني "ص17"، مع ملاحظة أن فكر الخميني بتصدير ثورته لم يتضمن إطلاقاً الأساليب العسكرية والقتال والترويع وتهديد أمن واستقرار الدول والشعوب . هذه الوثيقة تعتبر دستور "فيلق القدس" ، ويؤكد الكاتب والباحث جاسر الجاسر ، بأنها تنفذ بشكل اخص في الدول العربية وبالذات دول الخليج العربية .. فبعد أن يثيروا الفتن ويضربوا استقرار هذه الدول ، بانتهاز المناسبات الكبيرة مثلما يحاولون الآن إثارة الفوضى في موسم الحج، يعطون التعليمات لخلاياهم النائمة لنشر الفزع والرعب في الدول العربية ، ثم المطالبة لفرقهم الطائفية التي لا تخجل من كشف علاقاتها بملالي طهران ، وبأنهم المرجع السياسي والفقهي لهم ، وهو ما أكده حسن نصر الله في اكثر من خطاب بالتأكيد على أن مرجعيته هو مرشد إيران علي خامنئي ، وهكذا يسير المخطط ليصل إلى جعل الدول العربية مجرد ولايات تابعة لإيران يكون فيها المرشد الأعلى "خامنئي" بمثابة الباب العالي الجديد ، الذي يمثل – حسب المخطط – المرجعية الدينية والسياسية ، وبالتالي يكون هو الآمر الناهي وما على الجميع سوى الطاعة والتنفيذ وصولاً للدولة الفارسية التي ستحكم العالم كل العالم ، بعد سيطرتها على الدول العربية من المحيط إلى الخليج الفارسي وليس الخليج العربي بالطبع .