صحيح أن الوطن اليمني يواجه تحديات وأخطار كبيرة .. وصحيح أيضاً أن مجابهتها ودرءها مهمة تقع على كل أبنائه مواطنين وفعاليات سياسية وإعلامية واقتصادية في الطليعة منها الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وقادة الرأي والفكر والثقافة من علماء وأكاديميين وصحفيين ومفكرين وشخصيات اجتماعية مؤثرة، ولتحقيق هذه الغاية لا بد من حوار جدي مسؤول منبثق من حرص واعٍ بأهمية وضرورة الحوار المستوعب للظروف والأوضاع الموضوعية والذاتية، التي أفرزتها الأحداث الناجمة، من الفتن التي أشعلت حرائقها بقايا مخلفات الماضي الإمامي الكهنوتي، وأساطير خرافاته الاستعلائية السلالية العنصرية، المؤسسة على المذهبية المتطرفة ، المرتكزة على تخلف قادم من أزمنة غابرة مثلت بفتنتها وصراعاتها الوجه القاتم من تاريخ هذه الأمة الحضاري المشرق، ومن فترة الهيمنة الاستعمارية التي بنت وجودها على معادلة بقائه وديمومة مصالحه وسريان الفرقة والحفاظ على التخلف الذي لم يستطع النظام الشمولي الخلاص منه ومن الإرث الاستعماري السلاطيني إلاّ ظاهرياً لفترة مؤقتة، لتعود بصورة مأساوية بشعة في صراعات السلطة مبرهنة أن النظريات والشعارات المستمدة من أيديولوجية مستوردة عاجزة عن تغيير الواقع الاجتماعي السياسي والاقتصادي والثقافي، وبالتالي عادت أكثر مأساوية على ذلك النمو المجسد في دورات الصراعات، وتجاوزها مرتبط بإعادة وحدة الوطن أرضاً وإنساناً وبناء دولته الحديثة على أساس مؤسسي ديمقراطي، تقوم على دستور وثوابت وطنية هي محل إجماع كل أبناء اليمن، لتكون هي المنطلق والفضاء لأي حوار، منهياً أية اختلافات أو تباينات، لفهم وتفسير الحوار المطلوب بين كل القوى الوطنية الحية والفاعلة، وفي الصدارة السلطة والمعارضة "قطبا التوازن في أي نظام ديمقراطي تعددي" وكلاهما يستمدان شرعيتهم من الثوابت والدستور، لذا يتوجب عليهما أن يكونا الأكثر التزاماً وتمسكاً ودفاعاً عنهما، في وجه أية محاولة للمساس بها أو الخروج عنها انطلاقاً من الضابط والناظم لمسارات الحياة الاجتماعية السياسية والاقتصادية والثقافية، وفي إطارها ندير علاقتنا بكل تبايناتها وتعارضاتها على القضايا الوطنية المشتركة بين الجميع، وتعني الجميع سلطة ومعارضة، فئات وشرائح المجتمع اليمني، أو عبر محور الديمقراطية التعددية، مبدأ التداول السلمي للسلطة، بالاحتكام إلى الشعب، من خلال البرامج التي تتضمن رؤى وتصورات الأطراف السياسية المتنافسة، في طرح الحلول والمعالجات بخطوطها العريضة للقضايا العامة، أو بصورة تفصيلية للتعقيدات والصعوبات والإشكاليات التي يواجهها أبناء الوطن، على صعيد التنمية والخدمات ونترك حرية الاختيار للشعب الذي يصوت للبرنامج الأفضل، بالاقتراع للمرشحين الذين يمثلون هذا البرنامج أو ذاك.. خلاصة القول أن الحوار أحد أوجه الديمقراطية، ومطلوب دائماً تحت سقف الثورة والجمهورية والوحدة وفقاً للدستور والقانون.. وأي حوار خارج هذا السياق هو حوار طرشان، يدفع باتجاه الفوضى وهدم المعبد على رؤوس الجميع، وهذا ما نرفضه ونقف في مواجهته من أجل أمن واستقرار حاضر ومستقبل اليمن وأبنائه الذي يجب أن يعيشوا فيه أحراراً ينعمون بالأمن والاستقرار والتقدم والرفاهية.