ابناء اليمن -افراداً ومجتمعاً، احزاباً وتنظيمات سياسية ومنظمات مجتمع مدني، علماء ومثقفين وشخصيات اجتماعية- جميعنا شركاء في هذا الوطن منطلقنا في كل مانقوم به شعور صادق وعميق بالمسؤولية تجاه أمنه واستقراره وتنميته ورقيّه وتقدمه، وللدلالة على هذه المسؤولية ينبغي اقتران القول بالعمل وان تكون معاني الانتماء السامية للوطن سلوكاً نتمثله في ممارستنا اليومية قبل ان نجسدها في ممارساتنا السياسية التي ستكون في النهاية التعبير الارقى لتوجه وطني عام، وتجلياً لتجذير الديمقراطية وتعميق ثقافة الحوار متجاوزين مفهوم الاعتراف بالآخر الى التلاقي معه بالتعاطي الحواري.. رؤيته وافكاره وتصوراته، مادامت ملتزمة بالثوابت الوطنية وغايتها تصب في اتجاه خدمة المصالح العليا لليمن. في هذا السياق جاءت تلك الدعوة التي اطلقها المؤتمر الشعبي العام لشركاء الحياة السياسية -احزاباً وتنظيمات سياسية- للحوار الذي يعد ليس فقط اقصر الطرق للتعاطي مع الاختلافات والتباينات، ومن ثم الوقوف على مايطرحه الآخر من افكار وتصورات، لكنه ايضاً يحقق الاستفادة المتبادلة وتحديد ماهو رئيسي عام، الاتفاق عليه ضرورة تمليه المصلحة الوطنية وماهو ثانوي خاص بكل حزب ولايؤثر عدم الاتفاق حوله على ايجاد صيغة تؤدي الى خلق شراكة مسؤولة تكسب العمل السياسي بعداً وطنياً واخلاقياً، يضع الخطوط الفاصلة بين مايجب الاتفاق حوله، وماهو خلافي تقرََّه الديمقراطية في اطار الممارسة الموضوعية لها، المتمثلة في حرية الرأي والتعبير والتداول السلمي للسلطة بآلياتها الانتخابية واحترام حقوق الانسان. إن الحوار بهذا المعنى يرفع مستوى الوعي الديمقراطي ويوسع آفاق الادراك والوعي ويزيل حالة التوجس والشك في نوايا الآخر، منهياً كل اسباب التوجس ونزعة التآمر والتربص وبالتالي يخرج العمل السياسي في نطاقيه، السلطة والمعارضة، من حالة انحصاره في الفعل ورد الفعل الى التأثير والتأثير المتبادل الايجابي المعبَّر عن حرص عام يبتغي استقرار الوطن ونماءه وازدهاره ورفاهية ابنائه. إن التسامح والحوار مفهومان متلازمان في النهج السياسي لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح مبرهناً على صحته وصوابية قدرته لإخراج اليمن من اتون زوابع التحديات التي واجهها منتصراً على كافة الاخطار التي اعترضت مسيرة وحدته وتحولات تجربته الديمقراطية. فبالحوار أعيد الشباب الذين حشيت رؤوسهم بأفكار ثقافة التطرف والغلو وعبر جسوره عادوا الى جادة الصواب، مثبتاً الحوار انه السلاح الاهم في مكافحة الارهاب وتجفيف منابعه، وكان الحوار مع المغرر بهم من انصار المدعو حسين الحوثي في النسق الأول ومع العناصر التي الّبها الأب بدر الدين الحوثي حتى والمواجهة معهم علىاشدها ليتضح ان الحوار الخيار الأكثر حضوراً في ذروة فتنة صعدة وبكل تأكيد سينجح الحوار.. في اعادة تلك العناصر المغرر بها الى طريق الخير والحق وسوف تعي ماكانت عليه من الضلال والجهل. ويبقى في هذا المنحى الفهم الخاطئ الذي يحاول البعض من خلاله ان يفسر الدعوة للحوار دون ان يكلفوا انفسهم حتى اعادة النظر في منظومة الاحكام المسبقة لعلهم يهتدون الى طريق تخرجهم من وعي نظرية المؤامرة الى ممارسة السياسة بتفكير جديد قادر على التعاطي مع الآخرين بروح ديمقراطية بعيداً عن «الخيارات الشمشونية» التي هي على (الضد) حتى النهاية مع الديمقراطية غير مستوعبين انهم بالحوارالمسؤول بعيداً عن الانتقائية او اقصاء الآخرين يغادرون ماضي ممارستهم الخاطئة للسياسة، وكلما تعمق الحوار في قناعتهم يكبرون ويصبحون راشدين ويزدادون فهماً ان الحقيقة انسانياً نسبية، ومن الحمق ادعاء امتلاكها وتهميش الآخرين وهذا مايمكن فهمه من محاولة البعض اقصاء اطراف أخرى من شركاء الحياة السياسية وتحت أي مبرر وربما لوجود قناعة مسبقة لديهم تريد استغلالها ذريعة للتنصل من الاستجابة لدعوة الحوار حتى مع المبررات التي (يسوقونها) تكشف ورطتهم ازاء مسألة الديمقراطية حتى اتهام السلطة بانها تمارس ضدهم الاقصاء والتهميش، واحياناً يذهبون الى ماهو أبعد في الوقت الذي نجدهم يشترطون على السلطة ممارسة ذلك على الآخرين حتى يلبون دعوة الحوار.. فمن يضيق بالآخر السلطة ام هؤلاء؟! وخلاصة القول ان الحوار ضرورة وطنية موضوعية وهو اساس الديمقراطية وبكل تأكيد فان دعوة فخامة الرئيس للجميع الى الاصطفاف الوطني والتعاون من أجل خدمة اليمن تعبر عن نظرة ثاقبة حريصة على ترسيخ الديمقراطية من خلال اشراك كل ابناء اليمن في المسؤولية ليتعاونوا من اجل خير وطنهم وعزته ورفعته الذي يحققه تلاقي(سياسي حواري) على ارضية الثوابت الوطنية، وتحقيق المصلحة الوطني العليا وبما يلبي متطلبات الحاضر وتطلعات المستقبل.