ماتشهده الساحة الوطنية مؤخراً من حراك سياسي - نجد تعبيراته في الحوارات الايجابية بين مختلف اطراف المنظومة السياسية- يؤكد حقيقة أننا أمام تشكيل وعي جديد يعيد جسورالتواصل والتفاهم فيما بينها والتي لم تكن منقطعة اصلاً- رغم محاولة البعض في هذا المنحى- مجسدين الجميع بذلك قاعدية التواصل واستثنائية التقاطع وان النوايا الصادقة هي التي غلبت ارادة التلاقي عند قواسم مشتركة اساسها الثوابت الوطنية تتصدرها قضية الحفاظ على مكاسب الثورة اليمنية (26سبتمبر و14اكتوبر) والنظام الجمهوري والوحدة والأمن والاستقرار وصيانة السلم الاجتماعي النابع من إدراك ان الوطن يتسع للجميع وان المسؤولية تجاهه تقع على عاتق كل ابنائه دون استثناء سلطة ومعارضة.. احزاباً وتنظيمات سياسية ومنظمات مجتمع مدني ومعنية بها كافة فئات وشرائح الشعب فالجميع في الوطن شركاء، والخير ثماره ستعم الكل في هذا الوطن والشر سيمس الجميع. وهنا ينبغي التأكيد مجدداً على الالتزام بالنهج الديمقراطي كخيار وطني لم يفرضه أو يمليه أحد على اليمن بل كان الأخذ به يحمل دلالات النضج السياسي المستوعب استباقياً وعلى نحو عميق معطيات المتغيرات الدولية والمستجيب للمرحلة الجديدة عند ضرورة انتقال العالم إليها ولكن في نطاقاتها الملبية لمتطلبات التحولات الوطنية الكبرى السياسية والاقتصادية والثقافية المعبرة في جوهرمضمونها عن قوة تلازم الوحدة بصنوها ورديفها الديمقراطية، ومنذ البداية كان شعبنا مدركاً ان الديمقراطية مثل أية ظاهرة جديدة دورها الايجابي لاينفيه الجانب السلبي بل يؤكد صحة الأخذ بها وعلينا الاعتراف أن إرث الماضي المتخلف الامامي الاستعماري التشطيري الشمولي تركته الثقيلة يصعب التخلص منها بمجرد قيام الثورة والخلاص من ربق الاستعمار وترسيخ النظام الجمهوري وإعادة تحقيق وحدة الوطن وإقامة بناء دولتها المؤسسية الحديثة على اساس النهج الديمقراطي لتبقى حاضرة في الوعي الاجتماعي الى حين في صورة ثقافة سياسية في استمرارية إنحسارية تراجعية الى خلف مع كل اتساع وتمدد الى الامام للثقافة السياسية الديمقراطية الى الامام والتي في سياق مساراتها تبرز بسبب الخلط لدى البعض بين الديمقراطية والفوضى مخاطر جدية تجاوزها يؤدي الى تهذيب العقول والنفوس بمعاني الديمقراطية في تعبيراتها التي لاتتوقف عند حدود حرية الرأي والتعبير والتداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الانسان ولامجرد القبول بالآخر ولكن ايضاً بالتعاطي مع افكاره واطروحاته مادامت على قاعدة الثوابت الوطنية ومنطلقة من مصلحة اليمن وابنائه العليا. ان القبول بالآخر يعني الحوارمعه من موقع الاختلاف وليس الخلاف وهو مايفترض عدم اضمار سوء النية والاحكام المسبقة تجاهه ولعل في هذا تتضح العلاقة بين الاختلاف في الآراء والأفكار والتصورات التي بكل تأكيد تلتقي عند الغايات والاهداف التي تسعى إلى تحقيق مصلحة الوطن وابنائه، ولكن كل من موقعه ووجهة نظره التي تصبح عبر التلاقي والتواصل الحواري مدركة ويتفهمها الآخر لانه يقف على حقيقة اسبابها وبواعثها ..عندها ينتهي الخلاف وتنبذ الخصومة ويترسخ التعايش الذي يتطور الى تبادل المواقع سياسيا،ً فماهو سلطة اليوم سيصبح معارضة غداً في اطار المبدأ الديمقراطي لمفهوم التداول السلمي للسلطة والذي يعني دائماً تبادل المواقع بين اطراف الحياة السياسية آخذاً طابع الشراكة الذي فيه تتقدم مصلحة الوطن على ماعداها من المصالح الحزبية الضيقة، ونفس الشيء ينطبق على حرية الرأي والتعبير الذي معه يصبح النقد والتعرض لمكامن الاختلالات والقصور في اداء السلطة اوالحكومة سياسياً واقتصادياً امراً مطلوباً مادام يأتي في اطار الثوابت يبني ولايهدم،ويتمثل أصحابه مصلحة الوطن وابنائه،وهذا طبعاً يعززسقف الديمقراطية الذي يستظل تحته الجميع.. والفرق شاسع بين من يقوي دعائمه، وبين من يسعى الى جعله يسقط على رؤوس الجميع عملاً بالخيار «الشمشوني»:( عليَّ وعلى اعدائي) مع ان الديمقراطية لامكان فيها للعدائية والخصومة والصراع بل نتباين ونختلف في التكتيكات ونلتقي في الاستراتيجيات غايتنا جميعاً ازدهار الوطن وتقدمه، وفي هذا يكون التنافس والشراكة معاً من اجل اليمن.. فليكن اليمن واليمن أولاً هو المسؤولية التي نستشعرها جميعاً ونحولها من مجرد اقوال الى افعال بتمثل متطلبات حاضره وتطلعات ابنائه المستقبلية في وطن اكثر تطوراً ورقياً ينعم كل ابنائه بالأمن والاستقرار والرفاهية والسلام.