هناك أيادٍ آثمة تحاول أن تخلق أزمات مفتعلة كي تثير الشارع وتؤجج مشاعر المواطن كنوع من التذمر لما يحصل له من تكدير معيشته، وكأن هذه الأيادي المأجورة تنفذ أجندة ضيقة لسياسة مرسومة تفاقم المزيد من الأزمات التي يبدو أنها صارت قدرنا ومصيرنا في هذا الوطن الحبيب، وما هذه الأيادي إلا امتداد لتلك الأيادي الملطخة بالدماء والمتورطة في إثارة الفتن وخلق المزيد من الاحتقانات والعنف والتخريب، سواء في المحافظات الجنوبية أو الشمالية وكان هناك تجار لهم من وراء هذه الأزمات الخلاقة وفوضويتها المزيد من الربح. فمثلاً أزمة الكهرباء قد ترجع إلى تجار لهم مصالح في إغراق السوق بالمولدات والأجهزة الكهربائية، والتي حققت من ورائها الكثير من الأرباح، ولكن ما هي الخلفية من وراء أزمة انعدام مادة الغاز التي أصبحت لغزاً محيراً للجميع؟!.. هل وراء هذه الأزمة التي دخلت في شهرها الثالث تجار لهم صفقات في الحطب والفحم الخشبي؟!.. هذا مستبعد لأن هاتين المادتين ليستا من السلع المستوردة بقدر ما هي سلعتان مصدرهما الطبيعة والبيئة. إذن يبدو أن هناك احتكاراً فقط لهذه المادة من الغاز المسال التي تعد اليمن من أهم المصادر المنتجة لها، خاصة وأن اليمن دخلت ضمن النادي الدولي لإنتاج وتصدير الغاز المسال، بيد أن اليمن شهدت محطة لتصدير الغاز في بلحاف بأربعة مليارات دولار.. مثَّل هذا المشروع أهم مشروع استثماري على مستوى منطقة الخليج، لما له من جدوى اقتصادية تزيد من الدخل القومي، الذي سينعكس على مستوى دخل الفرد وخلق الكثير من فرص العمل، إلا أن هناك نوازعاً شريرة مكنونة لدى المعنيين من الوكلاء لهذه المادة، لذا فإنهم يحتكرونها ليكدروا معيشة المواطن. وللقضاء على هذه الأزمة لماذا لا يفتح باب التوكيلات للمزيد من المحلات والمعارض؟!.. فمثلا في تعز يوجد هناك محطة تعبئة واحدة.. وتخيلوا معي مقدار الضغط على هذه المحطة والاحتكار الذي يتعامل به القائمون عليها سواء في السعر أو كمية التعبئة، وقد كانت هناك محطة أخرى ولكنها لم تكتمل نتيجة الضغوطات على صاحبها الذي توقف على ما يبدو عن المشروع، إضافة إلى مضايقة السيارات التي تأتي من خارج المحافظة، تحت ذريعة أحقية الوكيل في المساحة الجغرافية للمحافظة مع أن هناك مطالبة من المجلس المحلي بزيادة حصة المحافظة من مادة الغاز أسوة بالمحافظات الأخرى، رغم أن المنتج المحلي من الغاز المسال الآن بإمكانه أن يغطي كل منزل بواسطة المواسير كما هو معمول في عدد من الدول، ولكن للأسف إن هوس التصدير كان على حساب أنات المواطن المستهلك الذي يقضي نصف يومه من معرض إلى آخر، وإذا كانت هذه الأزمة هي إرهاصات مبدئية لرفع الدعم عن الغاز فليكن، فقد أصبح المستهلك حجراً في مدرب السيل. والحال كذلك في تصدير الثروة السمكية التي يزخر بها البحر الأحمر والبحر العربي، وقيمة هذه الثروة أعظم من قيمة الثروة النفطية، ولكن العبث والتجريف والصيد العشوائي لشركات أجنبية والتصدير المتعمد لهذه الثروة على حساب المستهلك، هو الذي جعل المواطن اليمني يتمنى شراء كيلو من السمك نظرا لارتفاع سعره.