من المفارقات التي تبعث على الدهشة وتجعل الحليم حيران تلك التي بدت فيها أحزاب اللقاء المشترك مثاراً للضحك، عندما أجمعت أمرها على رفض التحاور مع المؤتمر الشعبي العام في الوقت الذي هرولت فيه إلى التحالف مع المتمردين الحوثيين، وليس التحاور معهم فحسب!! قديماً قال العرب في أمثالهم: "شر البلية ما يضحك" وإذا لم يكن موقف أحزاب المشترك سالف الذكر في عداد شر البلية فأي شيء يستحق من الوصف بعده، إذ أن اختيار هذه الأحزاب - في سابقة هي الأغرب من نوعها ومع سبق الإصرار والترصد- جانب اللا شرعية، وعزوفهم عن الشرعية يكفي لتوصيف حالة الهوس التي أصبحت لازمة لسلوك المعارضة في القول والفعل على حدٍ سواء. أمين عام تجمع الإصلاح عبد الوهاب الآنسي أكد في حديث صحفي إمكانية تحالف حزبه واللقاء المشترك عموماً مع جماعة التمرد الحوثية، وقال: "إن تصريح المصدر المسؤول في جماعة الحوثي بهذا الخصوص تحت الدراسة وسيصدر حوله بيان عن المشترك". تأملوا اللغط الذي وصل إليه المشترك!!.. هذا أمين عام أكبر أحزاب اللقاء يبدو على أشد الاحتفاء، كون المتمردين الحوثيين قد أشادوا بحزبه مرتين، الأولى منفرداً عندما خصوه بالذكر والثانية ضمن المشترك في العموم، وهذا في حد ذاته يكفي سبباً ليرتمي الآنسي في دائرة المتمردين، آخذاً حزبه معه - من وجهة نظره طبعاً - على اعتبار أنه بعد إصراره على تقزيم حزبه والمشترك بمعية القيادات الأخرى بات شغوفاً بأية إشارة ناحيته حتى لو لم تأت من صغير فحسب، وإنما متسبب في الكوارث والنكبات التي لحقت بجزء غالٍ من الوطن في صعدة ومديرية حرف سفيان بعمران وهو الحوثي. وليست هذه فحسب، وإنما هناك ما هو أمرّ وأدهى.. الآنسي لم يدرك كم هو معيب حديثه عن أنه يجري التأكد من قبل المشترك من تصريحات المصدر المسؤول في جماعة الحوثي عن إمكانية التحالف مع الإصلاح والمشترك، والتأكد أيضاً من مواطن نشرها وأين!!، فالواضح أن هذه الأحزاب التي تداعت سلوكها ومواقفها إلى جانب المتمردين قبل أن تتداعى إلى تصريح المصدر الذي لم يذكر اسمه وهو يتحدث باسم جماعة التمرد في موقعهم على الإنترنت.. الواضح أنها لم تعد تأبه لمشاعر الحسرة والأسى التي تطال قواعدها كلما ازدادت هذه الأحزاب انزلاقاً إلى مهاوي الردى والسقوط والانحدار. كل هذه الأحزاب بجلالة قدرها الذي يقودها اليوم الآنسي وشركاؤه في رحلة بحث للتأكد من تصريحات مصدر الحوثي بخصوص التحالف إياه، وأين نشرت هذه التصريحات!!.. وتصوروا هؤلاء يتنقلون من وسيلة إعلامية إلى أخرى ومن موقع إلكتروني إلى آخر وهم يبحثون عن هذا التصريح الذي أسكرهم ولعب سحره بعقولهم، ولم يعد لهم من شغل إلا البحث عنه، ولم يعد لهم من هدف سوى الوقوف عليه والوصول إليه!!. لطالما تغنى قادة أحزاب اللقاء المشترك بالشرعية وسيادة القانون، وها هم اليوم وقد هتكوا الحجب التي كانوا يتنكرون خلالها ويسعون جاهدين لإصابة الشرعية في مقتل، وليس أدل على ذلك من الإصرار على الانحياز للمتمردين الحوثيين، ومقاطعة الحزب الذي حاز على الأغلبية في الاستحقاقات الانتخابية السابقة من مجرد الحوار. ومع كل ذلك لم تزل هذه الأحزاب على مزاعمها التي تذرف معها دموع التماسيح على دولة النظام والقانون، رغم مضيها مختارة صوب التحالف مع الجهة التي يكفيها انتهاكاً للنظام والقانون قيامها في هيئة مليشيات مسلحة بمنازعة الدولة سلطاتها وإقلاق السكينة العامة والإخلال بالأمن، فضلاً عن الجرائم التي طالت الكثير من المدنيين والعسكريين!. إذاً فقد تبدت الحقيقة واضحة للعيان، ومهما جاء بيان المشترك بصدد التحالف مع المتمردين الحوثيين فإن أحزابه تؤكد مع إطلالة كل يوم بعدها عن المسار الصحيح، وما بين الشرعية واللا شرعية يميز الخبيث من الطيب وشتان بين سيادة الدولة ونازية التمرد، أما وقد أجمع المشترك على الارتماء في مسمى الأخير فإن الانخراط في الضحك من جراء شر البلية يكفي للتعليق!!