أصبحت الأغنية القديمة في متناول كل من هب ودب من الفنانين الشباب "المقلدين" الذين أساءوا وشوهوا هذا الموروث كلمات ولحناً ما أفقد هذه الأغاني معانيها وقوتها الجماهيرية الأمر الذي يثير التساؤل.. هل السبب في تقليد الأغنية القديمة عدم وجود الكلمات واللحن لدى هؤلاء الفنانين؟!.. وهل يخدم ذلك الأغنية الترابية؟!.. "الجمهور" استطلعت آراء عدد من الأدباء والشعراء والفنانين.. الاكتفاء الذاتي أرجع الأستاذ عباس الديلمي - رئيس قطاع إذاعة صنعاء – سبب تقليد الفنانين الشباب الأغاني التراثية إلى عدم قدرتهم على التجديد ومحدودية التذوق لدى هذا الجيل للفلكلور والموروث الثقافي، الذي يحتاج إلى اللمسات الفنية الجيدة والتجديد.. مشيرا إلى أن ما نسبته 70% من الألحان التراثية القديمة لم يجدد ولم يتناوله الفنانون المجددون، في حين أن هؤلاء الهواة من الفنانين الشباب استسهلوا الأمر، واضعين أيديهم على ما جدده فنانو الإحياء والرواد وأمثال القعطبي والآنسي والسنيدار وغيرهم. واعتبر الديلمي أن التقليد للأغنية القديمة لا يخدمها إلا إذا تم تناولها بصورة إبداعية وتطويرية أما إذا تم التناول لهذا الموروث بشيء من التشويه أو عدم الإجادة فهذا لا يخدمها مطلقاً.. داعياً الفنانين الشباب إلى الاكتفاء الذاتي مع معرفتهم أن لكل جيل فنانيه وإلى أن يتعاملوا مع جيلهم بالأغنية المناسبة مع العصر من حيث اللحن واستخدام الآلات الموسيقية. وأضاف لم يعد هناك فنانون يعتمدون على آلة العود فقط إلا في اليمن نظراً لعدم وجود من يجدد ويطور الأغنية اليمنية. غياب المؤسسات الموسيقية من جانبه أكد الموسيقار جابر علي احمد أن تقليد الفنانين الشباب لأغاني التراث يأتي في ظل غياب المؤسسات الأكاديمية الموسيقية والتي بإمكانها تأهيل هؤلاء الشباب ومساعدتهم في شق طريقهم الفني بشكل متميز.. مشيراً إلى أن هذا سبب في بقائهم أسيري التقليد وإلى أن عملية تقليدهم للأغنية التراثية ليس لانعدام الكلمة أو اللحن كونها موجودة ومتوفرة وإنما المشكلة تكمن في وقوع الفنان القادم أو الواعد تحت تأثير الضغط العام وغياب التقاليد الإبداعية، إضافة إلى تأثيرهم بمفهوم يشير إلى أنه لا يبقى الفنان فناناً إلا إذا بقي يحوم في أجواء الأغاني التراثية.. داعياً فناني اليوم إلى عدم البقاء في إطار التقليد لأنه يولد الجمود وأن الإبداع لا يتأتى إلا بتحريك عجلة الإبداع، موضحاً أن على الفنان الجيد أن يتمكن من السيطرة على كل تفاصيل التراث. وحول خلجنة الأغنية قال الموسيقار جابر: "يستحيل خلجنتها أصلا باعتبار أن الخليجيين غير قادرين على تمثيل قيم الفن اليمني لما يتمتع به التراث الفني من قيم وتفاصيل جمالية خاصة وأسلوب أداء خاص به".. منوها إلى أن الخطر يكمن في نسب الخليجيين لأغاني يمنية تراثية بعد تحويلها وتحريفها. ارحموا التراث وأرجع الفنان عبدالرحمن الأخفش سبب تقليد الفنانين الشباب للأغاني القديمة إلى عدم وجود الكلمة التي تكون مقبولة لدى المستمعين غنائياً، وإفلاس هؤلاء الفنانين في إيجاد الأغنية التي تساعدهم على الظهور إضافة إلى غياب الرقابة من الجهات المختصة وعدم تحملهم أي تكاليف كحقوق للملحنين أو الشعراء. وأضاف الأخفش: "إذا لم يكن الفنان يعي ما يقول في الكلمة فليس إلا سوى ببغاء مجرد من أي أحاسيس".. داعيا الفنانين أن يرحموا التراث إذا أرادوا النجاح. التقليد بغرض التجديد من جانبها قالت الفنانة شروق: "إن تقليد أغاني التراث من قبل فناني اليوم ليس بسبب انعدام الكلمات أو اللحن وإنما بسبب حبهم لأصالة هذه الأغنية وقوة حضورها الجماهيري، حيث يأتي ذلك بهدف تطويرها وتجديدها بعيداً عن التشويه".. مؤكدة أن من باب الأفضلية تقليد الأغنية اليمنية القديمة بدلا من اللهث وراء الأغاني الأجنبية المستوردة بغرض تقليدها.