ليست هذه الكتابة ترفا، لكنها خروج عن رتابة رواية التفاصيل اليومية لمجريات عدوان تجاوز عمره حتى الآن الثمانية أشهر، وهي محاولة لاستشراف ما بعد توقفه.. منذ أيام يتسارع تشكل ملامح انتصار يمني شامل على مساري بطولات الجيش واللجان الشعبية، والتحضيرات لمفاوضات جنيف2.. فبينما بدأ تساقط المواقع العسكرية السعودية تباعا عقب انهيار خط الدفاع الأول للعدو السعودي، ارتفع الصوت اليمني ليقول للعالم سنذهب إلى جنيف ليس للنزهة أو الخضوع لإملاءات، بل لنتفوق سياسيا.. ملامح الانتصار اليمني تتشكل أيضا في ظل عجز العدوان عن هزيمة اليمنيين، وإدراك المعتدين بكبر الورطة التي أوقعوا دولهم فيها، وتتشكل أيضا في هذه الحالة الأسطورية من الصمود التي يشهدها اليمن، حيث يتفاعل اليمنيون في تسيير أمور حياتهم ومعيشتهم تكيفا مع الصعاب التي فرضها العدوان وقهرا لحصاره الخانق.. من هذا المنطلق أطرح هذا السؤال: هل سيمثل الثلث الأخير من عام العدوان السعودي الأمريكي الإسرائيلي مرحلة أولى لما بعده؟ إن كان الأمر كذلك أو يسير في هذا الاتجاه، فإن اليمنيين سيخوضون تحد جديدا يفوق تحدي الصمود الذي اجتازوه رغما عن المعتدين.. سيكون بديهيا القول إن أول المنوط باليمنيين حينها هو الشروع بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ومقررات اتفاق السلم والشراكة تنفيذا سليما يضمن تحققها دون أي تحايل أو تجاوز، فبه ضمان لحل كافة المشكلات.. لكن ما أود الإشارة له هو ما تعنيه ترجمة الانتصار على الواقع ليس – فقط – برحيل الغزاة المحتلين عن اليمن، لكن بأن يكون انتصار اليمن قد مكن المعتدين من إدراك حقيقة قوة اليمن العسكرية، بما يحول دون التفكير بتكرار العدوان عليه.. فالانتصار يعني أن تتحول الجارة السعودية إلى دولة غير مؤذية لليمن، وما يستلزمه ذلك من وقف كل أشكال تدخلاتها في اليمن، كشرائها للولاءات، وتمويل المرتزقة وتسليح الجماعات، وتحريضها الإعلامي والمذهبي، ويعني القدرة على التصدي لأي مؤامرة أمريكية وإسرائيلية على الشعب اليمني.. الانتصار يعني علاقات دولية قائمة على أساس الاحترام والندية وعدم التدخل في الشأن اليمني.. الانتصار يعني وجوب أن تشكل التفاهمات السياسية الداخلية رافدا إضافيا لقوة اليمن، واستقلاله وسيادته، بمعنى التزام المكونات التي أيدت العدوان بقطع أي ارتباطات قامت بينها وبين الدول المعتدية على اليمن، من شأنها الاستمرار في التآمر على الشعب اليمني.. الانتصار يجب أن يعني إنهاء الوجود الإجرامي في اليمن تماما، بمعنى التحام الجميع في التصدي لعناصر داعش والقاعدة.. الانتصار يعني الانفتاح سياسيا على دول العالم، وعدم القبول بأي عزلة دولية سيحرص المعتدون على تفعيلها عقب انتهاء العدوان.. الانتصار يجب أن يعني بدأ سياسة انفتاح اقتصادي غير مفروضة، ولا يتولد عنها تبعية سياسية.. الانتصار يعني تغلبنا على الفساد في كافة المرافق والمؤسسات.. لكل ذلك، يجب أن يكون انتصار اليمن نموذجا لكل الشعوب المتطلعة للتحرر والعيش بكرامة، ومدرسة يتعلم فيها كل من سيحررون القدس والأراضي المحتلة وينتصرون للقضية الفلسطينية.. ومضة: الانتصار يعني باختصار تحقق أهداف ثورة الشعب المعروفة بثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، والذي قام هذا العدوان ليقضي عليها: – استقلال.. – استقرار تام.. – تنعم بثروات اليمن.. وسلام الله على أول من طرحها يوما، وهل غير السيد القائد يحفظه الله من فعل..؟