بذات القدر الذي عمت فيه مشاعر الرضى والارتياح جموع المواطنين إثر الخطاب التاريخي لفخامة رئيس الجمهورية في العيد الوطني العشرين، على أمل أن تتم ترجمة ما تضمنه للشروع في حوار وطني لا يستثني أحداً، فإن خيبة الأمل ستكون كبيرة في حال تراجعت أحزاب اللقاء المشترك عن إبداء حسن النية والجلوس إلى طاولة الحوار، من خلال طرحها اشتراطات أخرى من شأنها وضع العراقيل في طريق الحوار أو جعله مطلباً يستحيل الوصول إليه.. ومرد خيبة الأمل هذه المرة، التي يتمنى كل واحد ألا تفاقمها أحزاب المشترك، هو أن إجراءات الحكومة والحزب الحاكم، التي سارعت وبوتيرة عالية إلى تنفيذ محددات خطاب رئيس الجمهورية الرامية إلى طي صفحة الماضي، والتهيئة للحوار بمناخات سليمة وعلى قدر كبير من التسامح والسمو، لم تترك لهذه الأحزاب في المعارضة أي عذر وجيه يمكن أن تتذرع به للتنصل من المسؤولية الوطنية التي وضعها أمامها البيان الرئاسي. ومن هنا فإن تراخي أحزاب المشترك عن الانتظام مع القوى الوطنية الأخرى وعلى رأسها المؤتمر الشعبي العام في حوار من شأنه التوصل إلى مقاربات حقيقية للمشكل اليمني ليس له ما يبرره وذلك لأن مقومات تهيئة مناخات الحوار قد استكملت، سواءً على صعيد إطلاق المحتجزين على ذمة أحداث فتنة الحوثي في صعدة وأعمال الخروج على القانون في بعض مناطق جنوب الوطن، أو على صعيد سير الجهاز المؤسسي للدولة والدوائر المعنية في المؤتمر الشعبي العام إعلامياً وسياسياً خلال الأيام الماضية باتجاه تحسير الهوة بين الحزب الحاكم وحلفائه من جهة، والمعارضة في اللقاء المشترك والقوى الوطنية الأخرى من جهة ثانية. وطالما قد أمكن للحكومة قطع هذا الشوط الكبير بصدد مقدمات الحوار الوطني وضمانات إجرائه التي تكفل الوصول إلى نتائج ايجابية، فإن المنطق السياسي يقضي بأن تبني المعارضة في المشترك على هذه الأسس التي بادر بها الحزب الحاكم لتقدم من جهتها دليل حسن النية على أن المشكل الوطني يمثل بالنسبة لها هماً، تريد أن تشارك الحكومة في البحث عن المعالجات الممكنة والواقعية له. وحتى لو لم يكن المشكل الوطني بمختلف تجلياته على شيء من الأهمية لدى أحزاب المشترك، فإنها- لو امتلكت شيئاً من الحصافة- معنية باتخاذ خطوات ايجابية تجاه ما أظهره الحزب الحاكم من فاعلية في تهيئة مناخات الحوار والحرص على التقارب لتجاوز الإشكاليات العالقة في الساحة السياسية والاجتماعية، ما لم فإنها تسقط في يدها أية قيمة للمعارضة السياسية، ذلك أن الحكومة بما أقدمت عليه من مسارعة في تنفيذ محددات خطاب الرئيس بشأن مقدمات الحوار الشامل تسلب المشترك أي حق في التمنع عن الجلوس إلى طاولة الحوار. والأمر لا يقتصر على سلب المشترك دلالة المعارضة الحقيقية فحسب، وإنما يظهره بتراخيه عن الانتظام إلى طاولة الحوار الوطني مجرداً من أية واقعية سياسية، وبما يعني في المحصلة النهائية أن التوافق الوطني ليس على جدول أحزاب المشترك.. إنها خيبة أمل كبيرة ليس منا أحد إلا ويتمنى على أحزاب المشترك ألا تكون سبباً فيها.