الحوار هو لغة الفكر السليم الخالي من أي اعتلال، وهو لغة النفوس الصحيحة الخالية من أية أمراض نفسية تخدش صفاء ونقاء وجدانات ومشاعر الروح الإنسانية في مسيرتها الحياتية جنباً إلى جنب مع عقلها الذي لايحيد عنها في سلوكها الجاد على الصراط المستقيم.لذلك فإن الكثير من المشاكل والتعقيدات الحياتية والتباينات والاختلافات التي يواجهها الإنسان مع إنسانه الآخر ، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع أو التكتلات وتحت أي مسمى ، ليس لها من سبيل للوصول إلى الحلول الجذرية والمرضية بمنأى عن اعتماد الحوار وسيلة وغاية في آن معاً. من أجل ذلك فإن ديننا الإسلامي اعتمد مبدأ المشورة والمشاورة في الأمور المتعلقة بحياة الأمة وأوجب على أولي الأمر «الشورى» الأمر فيما بينهم وليست الشورى إلا الجلوس على طاولة الحوار وتبادل الآراء والأفكار وصولاً إلى المبتغى.. ولكن!! ماهي معايير الحوار المسئول وماهي معطياته؟ ثم ماهي أهدافه ومواصفات تلك الأهداف؟ هنا يكمن بيت القصيد، فالمعارضة - وبالتحديد اللقاء المشترك - تريد حواراً على طريقتها الملتوية والفوضوية ، حواراً أهم معاييره القفز فوق لغة المنطق ولغة القانون والدستور والثوابت الوطنية وصولاً إلى هدفها المنشود وهو الحصول على ضمانة وصولها إلى السلطة ولو بالطرق غير المشروعة ، وهذه الرؤية بالطبع لم يرفضها الحزب الحاكم فحسب بل رفضها الشارع اليمني وسخر منها خاصة وقد أصبح الشعب على دراية كاملة بمواقف المعارضة السالفة الذكر من أحداث صعدة وحركة التمرد وموقفها من أعمال الشغب والتخريب من قبل دعاة الانفصال في بعض مناطق المحافظات الجنوبية...إلخ، أما الحزب الحاكم فإنه يريد حواراً جاداً ومسئولاً معطياته المناخ الديمقراطي الذي تنعم به بلادنا وأهم معاييره الاحتكام إلى القانون والدستور وتغليب المصلحة العامة على المصالح الضيقة واحترام الثوابت الوطنية وعدم المساس بها أو الجدل حولها وصولاً إلى حوار وطني شامل يمثل شرائح المجتمع اليمني ويهدف بالدرجة الأولى إلى بناء يمن جمهوري موحد وحياة تنموية شاملة ومستدامة. وبين هذا وذاك بون شاسع لن تضيق مسافته إلا باستجابة المعارضة لصوت العقل والمنطق والضمير الوطني الحي والصادق والجلوس مع الجميع على طاولة حوار وطني نابع من أعماق روح الشعور بالمسئولية بعيداً عن اختلاق الأزمات وافتعال الأعذار والهروب من الحقيقة والاخلاص للوطن ، أما أن تظل المعارضة على نهجها الذي تسير عليه فإن القافلة سوف تسير ولن يعير أحد أصواتها النشاز أي اهتمام.. لهذا فإن أرباب العقول السليمة يرون في دعوة فخامة الأخ رئيس الجمهورية للحوار الجاد والمسئول في نهاية شهر ديسمبر الجاري تحت سقف مجلس الشورى الفرصة الغالية التي لاتتكرر للمعارضة للحفاظ على ماتبقى من ماء الوجه السياسي والوطني لهم بالجلوس مع كافة الشرائح المدعوة للحوار حتى يكون لهم موقف واحد على الأقل يمنحهم بعض الأمل في إعادة الثقة بينهم وبين الشعب عامة وكوادرهم على وجه الخصوص، وحتى لايزيدهم التاريخ صفحة أخرى إلى صفحاتهم السابقة وهو يرصد بأمانة مجريات الحياة المعاصرة لليمن والواقع الذي تعيشه بلادنا هذه الأيام في ظل تكالب الأعداء والعملاء والخونة والمتمردين والإرهابيين والإماميين والانفصاليين على وطننا ومصالح شعبنا الأصيل.. فهل من آذان صاغية لدى قادة اللقاء المشترك للدعوة الرئاسية للحوار أم أن على آذانهم أقفالها؟ إن المصلحة العامة للوطن تقتضي الاحتكام لمنطق العقل في حل أي إشكاليات قائمة على الساحة السياسية لتحقيق الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والسير بالحياة العامة إلى الاستقرار العام والتنمية والازدهار فيكفي بلادنا أزمات مفتعلة لاتخدم سوى أعداء الوطن والمتربصين به ويكفي المعارضة هروباً من المواجهة مع الحقيقة ومع النفس وعليهم تفعيل المسئولية الملقاة على عاتقهم بروح الصادقين في حب الوطن. أما التمترس المعتاد في خنادق التنصل عن المسئولية وممارسة الأساليب المعتادة في رفض دعوة الحوار والإعلان عن مقاطعة الحوار في ال 62 من ديسمبر الجاري فإن هذا السلوك سوف يكشف عن سوأة هذه الأحزاب أكثر ويقضي على ماتبقى من مصداقية لها في عيون الشعب وسوف يزيد من قناعات المراقبين بأن هذه الأحزاب المعارضة ليس لها أي مشروع وطني سوى خدمة مصالحها الضيقة التي ضاقت أكثر وتعرت أكثر بسبب مواقفها المعادية لكل الاجماع الوطني.. إنه الإفلاس إذن!! وإلا مامعنى أن ترفض هذه الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني الجاد والمسئول والذي سوف يضم كل شرائح الشعب الرسمية والمدنية والحزبية للخروج بصيغة وطنية تضمن الحل والمعالجة السليمة لكل ماتعاني منه بلادنا حالياً؟ أي حوار تريده هذه الأحزاب إذن؟ وأية معايير تريدها للحوار إن لم تكن تلك التي تحترم النظام الجمهوري والوحدة اليمنية كثوابت وطنية وخطوط حمراء لايجوز الخوض فيها..؟ إن المناخ الديمقراطي الذي يسود البلاد هو الذي تمارس بموجبه هذه الأحزاب حقها التنظيمي والسياسي في إطار احترام سيادة القانون والدستور والثوابت الوطنية وهو نفسه المناخ الديمقراطي الذي تم بموجبه إجراء الانتخابات البرلمانية التكميلية.. فلماذا ترفض هذه الأحزاب تلك الانتخابات وتعتبرها غير مقبولة لا لسبب سوى أن هذه الأحزاب عاجزة تماماً عن تحقيق أي نجاح لها فيها.. أليس ذلك من الممارسات غير المسئولة للقاء المعارض؟ إنهم بهذه السلوكيات كمن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضه.. لأنهم يأخذون من الديمقراطية مايخدم مصالحهم ويرفضون مالا تتحقق به مصالحهم الضيقة ولذلك فإن تمادي أحزاب اللقاء المشترك في المواقف السلبية لايحافظ على ماء وجوه قادتها حتى أمام كوادرها ولايخدم الصالح العام لليمن. وليس من خروج من هذه المعضلة سوى بالعودة الحق إلى جادة الصواب إن كانوا حقاً يحبون الوطن وعسى أن يكون العود أحمد ، من جهة أخرى فإن دعوة فخامة الرئيس للحوار الوطني الجاد في ال 62 من ديسمبر الجاري من العام 9002م فرصة أخرى لاتتكرر لأحزاب اللقاء المشترك لطرح كافة أوراقهم على الطاولة على مرأى ومسمع من جميع المدعوين للحوار وسوف يظهر من خلال التحاور الجاد المفسد من المصلح ، فهل لاتتوافر لدى هذه الأحزاب الشجاعة إلا من وراء جدر وإلا من على شاشات القنوات الفضائية المعادية لمصالح الشعب اليمني؟ إن الهروب من المشاركة في هذا الحوار أو رفضه ليس له سوى معنى واحد فقط هو الفقر الشديد الذي تعاني منه هذه الأحزاب في مصداقية المواقف الوطنية وإلا ما الذي يمنعها من المشاركة وهي التي دعت إلى الحوار مسبقاً؟. إن البلاد حقيقة تعاني من مشاكل جمة وكل إنسان أو حزب أو مسئول مطالب بالمشاركة في وضع الحلول جنباً إلى جنب مع الحزب الحاكم لأن الوطن ملك الجميع ومصلحته مسئولية الجميع فلماذا لاتحضرنا الشجاعة الكافية لترجمة حبنا وخوفنا على الوطن بدلاً عن الهروب والصمت والسلبية كلما تعرض الوطن لمشكلة معينة؟ أليس ذلك مايبعث على الأسى ويفضح سيئي النوايا؟ ثم ألا يستحق الوطن وهو يعاني من العصابات المتمردة الهادفة إلى العودة باليمن إلى ماقبل الثورة ويعاني من العصابات التخريبية الداعية إلى الإنفصال والعودة باليمن إلى ماقبل 22مايو 09م ألا يستحق هذا موقفاً وطنياً شجاعاً يترجم حقاً روح المسئولية لدى أحزاب المعارضة.. فلماذا نرفض الحوار؟ولماذا يدفن البعض رؤوسهم في التراب في اللحظات الجادة التي يفرض عليهم الواجب الوطني أن يكونوا في صف الوطن ضد أعدائه المتكالبين عليه من كل حدب وصوب؟ ثم ماهو رصيد هذه الأحزاب المعارضة التي تدعي حبها الكبير للوطن وحرصها الشديد على مصالح شعبه.. ماهو رصيدها وماهي مواقفها التي تحسب لها والوطن والشعب والقيادة السياسية المخلصة وقواتنا المسلحة والأمن الباسلة تقف في خندق الدفاع عن الوطن وثورته ووحدته ونظامه الجمهوري وحاضره ومستقبله ضد عصابات التمرد في صعدة وفي كل مكان من وطننا الحبيب فهل تريد أحزاب اللقاء المشترك معاناة أكبر من هذه حتى تتحرك مشاعرها تجاه الوطن ويكون لها موقف وطني مشرف يكون أفضل من صمتها المشين الآن تجاه الأحداث بل وبديلاً عن مساندتها الضمنية واللوجستية لأعداء الوطن؟. إن الأبطال في ساحات المعارك من أبناء القوات المسلحة ومن المواطنين الشرفاء يقدمون نفوسهم فداءً للدفاع عن اليمن والثورة والجمهورية والوحدة اليمنية، والمتشدقون بالوطنية داخل هذه الأحزاب يتمنون من أعماقهم هزيمة الوطن وليس لهم أي موقف مع الوطن ولو بالكلمة الطيبة المساندة، وكل مايريدونه هو السلطة ولاشيء غير السلطة ولو على حساب الجميع من شجر وحجر وبشر هذا اليمن المعطاء؟ وأنى لهم ذلك وهم الذين فضحتهم مواقفهم مع الوطن ساعة الأزمات.. فالذي يخون الوطن في معركته مع الأعداء كيف له أن ينتظر من الوطن والشعب أن يعطيه الثقة ليكون سلطة عليه وليس أجمل للمتقاعسين عن نصرة أوطانهم وشعوبهم من استمرارهم في الصمت وعدم الاستمرار في الكذب أن بيوتهم عورة إن كان يوجد قليل من خجل لأن بداية الحوار القادم سوف يكون نهاية المعركة مع كل من يدعي الفضل وهو ناقص.